دعم المهجّرين بين النظرية والحاجة الحقيقية

كثيـــــرة هي المنظمـــــات الداعمــــة للمهجــرين من الأراضي السورية، إن كان ضمن سورية أو خارجها، وكثيرة هي الأيدي الخيّرة التي تحاول المساندة والدعم، إضافة الى ما تقوم به الجهات الحكومية داخل سورية، لكن هل ما يقدّم هو الاحتياج الحقيقي للمواطنين الذين هجّروا من بيوتهم وتشتت عائلاتهم وضاع جنى العمر للكثير منهم؟

الدعم الذي يقدّم في مراكز الإيواء مثلاً، يتضمن إضافة إلى الإغاثة من غذاء ولباس ودواء، دعماً نفسياً، واجتماعياً، وقانونياً، وصحياً، من منظمات وجهات منها: حكومية، ومنها من تعمل تحت رعاية الحكومة وشروطها، لكن ما نجده من خلال الشكاوى والاقتراحات المقدمة من الأسر أن مشكلتهم لم تعد تنحصر في الدواء والغذاء والمشاكل النفسية والاجتماعية والقانونية، فقد تفاقمت بحيث أنها تعدّت تلك الاحتياجات الاساسية بكل تأكيد، لتصل إلى مشاكل لا حلول لها ولا تقف عند حدود الدعم والمساندة بل تحتاج حلولاً جذريةـ.

فالأعداد تتزايد، والمشاكل الاجتماعية تتنوّع وتختلف من وقت لآخر، وكذلك الخوف وعدم الأمان وفقدان ما تبقى من الصبر الذي استُنفِذَ خلال السنوات الثلاث الماضية ،كل هذا ينذر بمشاكل لا حلول لها، إن لم تكن جذرية، فماذا يعني بعد الآن البقاء في المدارس أو مراكز النزوح أو التعوّد عليها أو فقدان الأمل بالعودة الى الديار، أين هي الحلول الحقيقية؟ الحياة الطبيعية، البيت الذي يغلق بابه ولأفراده خصوصية وحاجيات مختلفة عن البيوت الأخرى، أين هي الحياة الطبيعية؟ السفر، والتنزه، وزيارة الأقارب، وتصليح باب أو شباك والحلم بعمارة جديدة أو توسيع البيت، العمل والدراسة، اللباس بحريّة داخل البيت ، الزراعة، المهن الحرة، تربية الحيوانات، …إلخ  كل ما يحتاجه الإنسان في حياته الطبيعية ليتميّز ويتطوّر ويختلف..

إذا فرضنا أن كل ما يقدّم هو ممتاز من طعام ودواء ولباس ودعم نفسي اجتماعي وقانوني، فإن هنالك احتياج أساسي إن لم يلبّ لن يستطيع المهجرون الاستمرار في الصمود، وهو الأمل بالعودة إلى بيوتهم وإعمارها، وإيجاد حلول يشتركون بها ويعملون من أجلها، تنبثق حلولها منهم ليصل صوتهم إلى الجهات المعنية فهم الأدرى بالحل المناسب، وهم من عليهم تحمّل المسؤولية وإيجاد طريق الخلاص من نمط العيش الذي لا يتفق مع أولويات الحياة الإنسانية في زمن الإلكترونيات والفضائيات والعالم المتجدد كل لحظة…كي لا تكون الهجرة هي البديل عن الوطن أو بدائل تصل إلى الانتحار والمرض  والموت،  لنساهم في الدعم الحقيقي بفتح باب الأمل على الأرض وليس فقط إبقائه وعوداً وأوهاماً، فللصبر وقت ينفد فيه، وقد يتحول كل العمل الرائع الذي قُدّم إلى كارثة تنهك الإنسان أولاً، والمواطن ثانياً، والوطن أولاً وأخيراً..

العدد 1104 - 24/4/2024