عدم المسؤولية دفع المواطن لتسخين خزانات مياه الشرب..!

استجرار الكهرباء غير المشروع أصبح في وضح النهار ووزارة الكهرباء تشكو

 

كانت وزارة الكهرباء خلال السنوات السابقة تتحمّل نقد المواطن والوسائل الإعلامية ولومها على أدائها في تأمين الطاقة الكهربائية لمختلف القطاعات السكنية والصناعية والتجارية، وخاصة بعد أن فرضت خلال الأعوام السابقة برامجاً لتقنين الكهرباء وصلت مدته إلى أكثر من 12 ساعة يومياً.

أما حالياً فالعكس هو الصحيح.. إذ نلوم المواطن غير المسؤول عن تصرفاته العبثية وتعامله مع الطاقة الكهربائية، إذ باتت (سرقة) الكهرباء عادة يومية وإجراء روتينياً لدى الكثير من المواطنين،وخاصة في الأرياف مثل ريف دمشق..لواقع مؤلم كثيراً ولا يخفى على أحد الظروف القاسية التي تمر بها سورية، وحركة النزوح من المناطق الساخنة إلى المناطق الآمنة، وبالتالي فإن الأسر المهجّرة تحتاج إلى تلبية مطالب كثيرة، منها الدفء. ومع ندرة مادة المازوت الخاص بالتدفئة في معظم المحطات بات الحصول على الدفء من طريق واحد لا ثاني له، ألا وهو الكهرباء.. فزاد الضغط على الكهرباء كثيراً، وبدأت عمليات الاستجرار غير المشروع للطاقة الكهربائية وفي وضح النهار. وهنا لا نلوم الأسر التي تعرضت للتهجير أو التي انتقلت إلى المناطق الآمنة، فهناك قاعدة تقول (الضرورات تبيح المحظورات)، إذ لا يوجد لديهم غاز أو مازوت للتدفئة أو للطبخ، وكل اعتمادهم على الكهرباء، وهذه حقيقة شاهدناها بأنفسنا، ولكن كل لومنا هو على الأسر وبعض الفعاليات الصناعية الصغيرة من معامل للألبان وتصنيع البلوك وورشات الخياطة وغيرها الموجودة في المناطق الآمنة، والتي أخذت تستجر الكهرباء بطريقة غير مشروعة دون أي عذر وأي مسؤولية، لدرجة أصبحت الكهرباء غير قادرة على تشغيل (لمبة موفرة للطاقة)، وأصبحت بحدود 60 فولتاً لا أكثر بدلاً من 220 فولتاً. وقد أثر ذلك على مختلف الأجهزة الكهربائية في المنازل التي أصيبت بالعطب بسبب الضغط الكبير على الشبكة الكهربائية، هذا عدا  الانقطاعات المتكررة لساعات طويلة.

مصدر مطلع في شركة كهرباء ريف دمشق أوضح ل(النور) أن عمليات استجرار الكهرباء أخذت تتفشى كثيراً دون رادع. ولدى سؤالنا عن الإجراءات التي تقوم بها الشركة لمكافحة هذه الظاهرة قال المصدر: كثير من المواطنين أصبحوا غير مسؤولين ومستهترين، وقد أرسلنا بعض الكشافة في بعض مناطق ريف دمشق، إلا أنهم تعرضوا للضرب من السكان، لدرجة أن الكشاف على الساعات الكهربائية بات من الصعب أن يحصل على رقم الاستهلاك، عدا المخاطر التي يتعرض لها فريق الكهرباء من طوارئ وغيرهم. وهناك أكثر من 20 عاملاً استشهدوا أثناء تأدية واجبهم نتيجة الأحداث الاستثنائية التي تتعرض لها سورية، إضافة إلى السرقات.

وأوضح المصدر أن الشركة سعت لتأمين جعب ضد الرصاص للعاملين في مجال طوارئ الكهرباء، فوجدت أن سعرها بحدود 1100 دولار، وهو مبلغ كبير.. مشيراً إلى أن الاستهتار في استجرار الكهرباء بطريقة غير مشروعة وصل إلى درجة أن هناك بعض المواطنين أصبحوا يضعون وشائع كهربائية في خزانات مياه الشرب الموجودة على أسطحة منازلهم ويسخنون الخزان بشكل كامل ويقومون بتنظيف و(شطف) الشوارع بالمياه الساخنة..! مستطرداً: هل يعقل أن نصل إلى هذه الدرجة من الاستهتار؟!

وأكد المصدر أن وزارة الكهرباء تعاني كثيراً في تأمين الطاقة الكهربائية للمواطنين، وخاصة مع صعوبة نقل المواد الأولية اللازمة لتشغيل المحطات من فيول أو غاز، وذلك بعد أن تعرضت سكك الحديد إلى السرقة أيضاً.. فهل يعقل أن يتم سرقة سكك الحديد أيضاً؟

وختم المصدر قائلاً: الكهرباء رغم كل الظروف القاسية التي تمر بها سورية مازالت تغذي منازل المواطنين ومصانعهم، ولا أحد يعلم قيمتها إلا بعد أن يفقدها، لذا نأمل من المواطنين التعاون وعدم استجرار الطاقة الكهربائية بشكل غير نظامي.

 

تعليق: ضرورة التعاون وحسن الاستهلاك

لا بد من التنبيه إلى أن الطاقة الكهربائية هي نعمة كبيرة يجب على المواطن أن يحافظ عليها وأن يستعملها على الوجه الصحيح. كما أن الاستجرار غير المشروع للكهرباء سيضر بالدرجة الأولى بالمواطن، لأن ذلك سيؤدي إلى تحميل الشبكة فوق طاقتها، وبالتالي عطبها أو حدوث أعطال متكررة، وهذا ما يحدث حالياً في بعض مناطق ريف دمشق. كما يطول الضرر قطاع الكهرباء بشكل عام، أي أن الطاقة المستهلكة لا يدفع ثمنها، ولا بد من تأكيد أن وزارة الكهرباء وشركاتها هي مؤسسات خدمية أكثر من كونها مؤسسات اقتصادية تهدف إلى تقديم خدمة لقاء أجر زهيد مقارنة بالطاقات الكبيرة التي تقوم بها. ونأمل في الختام أن يتعاون المواطن ويحسن استخدامه للطاقة الكهربائية، لأن حرية الشخص تنتهي عندما يتعدى على حرية الآخرين، وهذا هو تعدّ على حقوق الآخرين.

العدد 1104 - 24/4/2024