عام من الحرمان والحقوق الضائعة

لم يكن فقط عاماً واحداً بل سلسلة من الأعوام والعقود التي تمرّ في ظل الحرمان من الحقوق أو الانتقاص منها للأطفال والنساء والمهمشين أينما كانوا ومن أي جنس أو جنسية، وعلى مشارف كل عام جديد نأمل بعام أكثر انسانية وأكثر إحقاقاً واعترافاً بالحقوق، وينتهي كما أتى على الشرفة نفسها حلماً فقط بغدٍ أفضل لم يأت بعد..

ويتصدر أطفال سورية ونساؤها قائمة المنتهكة حقوقهم تحت وطأة الحرب الدائرة التي قضت على البشر والحجر والإنسانية، لتتحول المآسي إلى أرقام تجلب تبرعات تتلقفها أيدٍ تحتكر الثمين وتمنّن  بالفتات متاجرة بحقوقهم تحت شعارات تحوّلت إلى دعايات لجلب المزيد على حساب ضحايا الإنسانية.

ليست أرقاماً

أكّدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) في بيان لها، أن (دراسة قامت بها في سورية، أظهرت أن معدلات سوء التغذية الحادّ في ثلاث محافظات قد وصلت إلى حدٍّ حرج، وأن الوضع التغذوي في البلاد بشكل عام متدنٍّ)، وأشارت إلى أن (نسبة الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد، في العينة، في محافظات حماة، وحلب، ودير الزور، تبلغ 10%، وأن نحو 80% من الأسر النازحة تعتمد على مزيج من المواد الغذائية التي يتم الحصول عليها عن طريق شرائها أو المساعدات الغذائية).

إضافة إلى أن (29% من الأسر لم يكن لديها ما يكفي من الطعام لجميع أفرادها، خلال الأسبوع الذي سبق إجراء التقييم، وأن 70% من الأسر اضطرت إلى تقليل عدد الوجبات التي تتناولها خلال اليوم).

وأصدرت أيضاً منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) بياناً أعلنت فيه أنها بحاجة إلى 903 ملايين دولار كحد أدنى لتوفير الرعاية لملايين الأطفال السوريين المتأثرين بالحرب في سورية.

وقالت: إن خطتها لعام 2015 ستعمل على مضاعفة أعداد الأطفال الذين يستطيعون الحصول على التعليم وخاصة في سورية والأردن ورفع إمكانية التعليم للأطفال الذين يعيشون في مناطق مشتعلة يصعب على المنظمة الوصول إليها.

وأضافت (اليونيسف) أنها ستحافظ على استمرارية حملات التلقيح بهدف منع ظهور حالات أخرى من شلل الأطفال، مشيرة إلى أنه عدد المستفيدين من حملات التلقيح وصل إلى 25 مليون طفل دون سن الخامسة في سبع دول في المنطقة.

…وأطفال سورية يحلمون

وبينما يحلم أطفال العالم بأيام وردية فيها الكثير من التكنلوجيا العالية والألعاب الخيالية، اقتصر حلم الأطفال في سورية عام 2014 على الفراريج واللحمة وعلبة البسكوت والخبز التازة، وبعضاً من الطرق المفتوحة لتصلهم بمدارسهم وأصدقائهم، لكن للأسف حتى تلك الأحلام الصغيرة لم تتحقق بل خبأ لهم العام أحداثاً كثيرة خارج سورية وداخلها لاجئين ونازحين ومحاصرين، منها وفاة طفلة سورية رضيعة تبلغ من العمر شهرين، داخل خيمة أقامتها عائلتها في ولاية أضنة التركية، بسبب البرد القارس.وووفاة طفل رضيع يبلغ من العمر 20 يوماً توفي بداية الشهر الحالي، بمخيم باب السلامة للاجئين السوريين، بريف حلب، نتيجة البرد القارس.

وصورة لطفلة تدفء نفسها بالدخان المتصاعد من مؤخرة الشاحنة، تحلم بالدفء كبائعة الكبريت، عدا أشلاء الأطفال في أماكن الصراعات، وكوابيس لم يستطع تحمّلها الكبار ..

هذا عام سوري آخر يمرّ بكامل مأساته يطوف على بيوت السوريين وعلى حجارة ما تبقى من بيوت، والوعود تنهمر دون نتيجة حقيقية تنشل الأطفال من المأساة، فهل نحلم على مشارف العام الجديد أم نتوقف عن الأمل؟ هذا مازال رهن دول العالم كلّها.

العدد 1105 - 01/5/2024