عيشوها غير..

أثارت حملة (عيشها غير) موجة من الآراء المختلفة من مؤيد لفكرتها أو مستغرب لها أو مشكك بما تريد أن تصل اليه وبين من يمر بها فلا يراها ولا يعيرها اهتماماً!!

 تلك الحملة التي شاركت بها عدد من المؤسسات كمؤسسة النقل والطيران والوزارت كوزارة التجارة والنقل، فقد منحت حسومات على تذاكر الطيران لعام 2015 وأعلنت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك عن المشاركة من خلال مؤسساتها، (سندس والمؤسسة العامة للخزن والتسويق والمؤسسة العامة الاستهلاكية بجميع فروعها في سورية) وأول 7 أيام من كل شهر بالـ 2015 سوف يتمكن المستهلك أن يأخذ 10% زيادة على أغراضه عندما  يشتري بقيمة أكتر 2000 ل.س.

أما وزارة النقل فأصدر وزير النقل القرار رقم 77 تاريخ 20 كانون الثاني2015 القاضي بمنح سند التمليك للمركبات الآلية مجاناً لغاية 31 كانون الأول 2015 شريطة أن تكون المركبة بريئة الذمة من جميع الرسوم المترتبة عليها. والقرار رقم 78 تاريخ 20 كانون الثاني 2015 القاضي بإعفاء السيارات الشاحنة السورية من جميع المخالفات المنظمة من قبل مكاتب تنظيم نقل البضائع من عام 2014 وماقبل وذلك لغاية 31 كانون الأول 2015  وفق شروط محددة..

وغير ذلك من المشاركات للصحف أيضاً، فقد شاركت الزميلة (بلدنا) في هذه الحملة ربما بتخفيض على الإعلانات أو الاشتراك السنوي.

 أما هذه الحملة فهي مبادرة سوف  تستمر لمدة عام كامل، وهي تؤكد أنه يمكن لكل شخص أن يعيشها بطريقة جديدة متفائلة بحيث يأخذ ويعطي، وتقدم الدعوة للجميع للمشاركة في الحملة. وقد استجابت بعض الوزرات والمؤسسات وكذلك الأفراد كما نوهنا سابقاً، أما الدعوة فهي موجّهة بحسب ما ذكرت الحملة في بيانها، إلى أي مؤسسة خاصة أو عامة،كبيرة أو صغيرة، معيشية أو خدمية لتقديم خدمة إضافية أو كمية إضافية أو حسم على منتجها أو خدمتها أو حتى تسهيل بخدماتها أو بأقساطها لمدة عام كامل..

ما سبق كان عن الحملة، أما موقف الشارع فقد تنوع وكاد يصدّق أن يعيشها غير بطريقة مختلفة وشمّر عن ساعديه وإذا بعواصف ثلجية تفتتح العام الجديد من (زينة) إلى (هدى) إلى (سلام) تنوعت الأسماء والفعل واحد، برد وزمهرير، وما في البيت مازوت ولا غاز ولا أي طريقة للدفء سوى البطانيات والمكوث في البيت خوفاً من أي انزلاق في الطريق، توصله إلى أي طبيب وسيدفع كل مقتنياته لتسديد الفاتورة، وفي مكان آخر آثر الكثير من الناس التحطيب لمواجهة ذلك البرد الهائل مع الشح في مواد التدفئة، وكذلك المال، فبدؤوا بكارثة أخرى يسطّرون ملحمتها لقرون قادمة فها هم يصنعون قلموناً آخر وآخر من جبال كانت مشهورة بطبيعتها الخضراء الى جبال متصحّرة، أحراش الكستنا في ظهر القصير، القطلب في وادي النصارى، الزيتون والسرو والصنوبر.. أشجار حراجية محمية من الدولة يساهم الجميع بتقطيعها دون أية رأفة، كأنه انتقام من كل ما يحدث، فذاك فقد عزيزاً وهذا منزلا وهذا عملاً ولا سبيل للتفريغ إلا قطع الأشجار كأنما يقطعون جذورهم وكل ما يربطهم بوطن منذ زمن إلى المستقبل، في فورة غضب وحزن يشاركون الطبيعة بها وتشاركهم، فتجرد حيث لا ينفع الندم.. عاشوها غير بزيادة سعر المازوت ولن تضمن الزيادة على المعاش تغيير هذه العيشة فهي مخصصة لمن يعمل بأحد القطاعين العام أو الخاص، بينما معظم السوريين يعملون اليوم في قطاع العمل غير المنظم، العمل في الظل الذي لا يضمن حقوقاً مالية ولا صحية ولا إنسانية، فكيف سيعيشها غير إنسان يعيش في الظل؟!

يعيش السوريون عاماً آخر رابعاً وربما خامساً بأسى يزداد دون توقف، دون حلول تهمّهم وتعينهم بينما الأطراف السياسيون وكذلك المتحاربون يحلّون الحرب على مهلهم وسط المتفجرات من كل حدب وصوب، وسط الكوارث البيئية والإنسانية للأطفال والمسنين والشباب والنساء والمواطن بأي جنس أو لون أو عمر..

حملة (عيشها غير) ليست في تخفيض الأسعار على أجور الطائرات بينما أجرة التكسي بحد وسطي تصل إلى 500 ليرة، ومشوار السرفيس بـ 35 ليرة، وكيلو اللحمة بـ 1800 والفروج بـ 800 ليرة، وباقي الخضار متقلبة مع سعر الدولار..

(عيشها غير) تحتاج أن تؤمن حماية للمواطن ورعاية له بكل ما تملكه الدولة من مقدرات، فهي تمتلك التواصل مع المنظمات الدولية وقد عقدت اتفاقيات يمكنها اليوم أن تستخدمها وكذلك بحماية المستهلك وحماية البائع والاهتمام بالمستشفيات المجانية وتخفيض أسعار الدواء وتأمينه، كل هذا ممكن وما نتحدّث عنه هو الذي يملكه التجار والصناعيون الذين يمكنهم بكل جدية أن يشاركوا في الحملة لا أن نكتفي بشعارات إن مرّ أحد بقربها تذكّر معاناته بدلاً من أن يشعر بالمواساة والأمل.

العدد 1104 - 24/4/2024