المشكلات التي تواجه قطاعَيْ الزراعة والصناعة

 

 

 

Normal
0

false
false
false

EN-US
X-NONE
AR-SA

MicrosoftInternetExplorer4

/* Style Definitions */
table.MsoNormalTable
{mso-style-name:”جدول عادي”;
mso-tstyle-rowband-size:0;
mso-tstyle-colband-size:0;
mso-style-noshow:yes;
mso-style-priority:99;
mso-style-qformat:yes;
mso-style-parent:””;
mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt;
mso-para-margin:0cm;
mso-para-margin-bottom:.0001pt;
mso-pagination:widow-orphan;
font-size:11.0pt;
font-family:”Calibri”,”sans-serif”;
mso-ascii-font-family:Calibri;
mso-ascii-theme-font:minor-latin;
mso-fareast-font-family:”Times New Roman”;
mso-fareast-theme-font:minor-fareast;
mso-hansi-font-family:Calibri;
mso-hansi-theme-font:minor-latin;
mso-bidi-font-family:Arial;
mso-bidi-theme-font:minor-bidi;}

الأزمة الراهنة التي تمر بها سورية أثرت على مجمل القطاعات الاقتصادية سواء الصناعة أو الزراعة أو التجارة. وبالطبع كان لهذا التأثير انعكاساته الواضحة على الأسواق المحلية بارتفاع طال مختلف السلع وفقدان لها في بعض الأحيان. ومن المعروف أن الاقتصاد يتشكل من عدة حلقات أساسية، وكل تأثير يطول حلقة ما فيها فإن السلسلة جميعها تتأثر سلباً أو إيجاباً. ولا يخفى على أحد أن الاقتصاد الزراعي هو ركيزة كل اقتصاد قوي في دول العالم. فالزراعة هي المصدر الأول للمواد الأولية للصناعة، كما أن المنتجات الزراعية، من زيوت وقطن وقمح  ورز، والمواد الاستراتيجية الأخرى، هي من أكثر عمليات التبادل التجاري رواجاً في العالم. ويلي هذا القطاع قطاع الصناعة ومدى قدرته على وضع قيمة مضافة إلى المنتج المحلي وتحقيق عنصر المنافسة في دخوله أسواقاً جديدة.

 

قطاع الزراعة: توفير قروض للمزارعين ومستلزمات الإنتاج

كيف تأثر القطاع الزراعي والقطاع الصناعي في ظل الأزمة الراهنة، ما هي الأسباب وطرق معالجتها؟

أجرت (النور) لقاء مع الخبير الاقتصادي محمد عثمان الذي بدأ حديثه عن القطاع الزراعي قائلاً: (للأسف الشديد فإن بؤر التوتر في هذه الأزمة هي المناطق التي تعتمد عليها سورية في إنتاجها الزراعي (ريف دمشق – حوران – حمص – حماة وريفها -ريف إدلب – دير الزور)، وبالتالي ستكون الآثار الزراعية كارثية في الأعوام التالية، وهذا واضح، إضافة إلى أزمة المواصلات وعدم توفر الفيول والمازوت. وأضاف: (لنكن صريحين، سعر لتر المازوت وصل إلى 60 ليرة سورية، وفي بعض الأرياف وصل إلى 100 ل.س، وعدم توفر الأيدي العاملة إضافة إلى تركز معظم المواجهات في الأراضي الزراعية. وقد أدى ذلك إلى تلف جزء منها، وخاصة في ريف حمص وريف دير الزور).

بالنتيجة إن تراجع الإنتاج الزراعي سيعني بالضرورة تراجع الناتج المحلي السوري وضعفاً في الموازنة، وستكون آثاره واضحة في ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية.

وعن الحلول أوضح عثمان أن الحل يكمن في بعض الإجراءات المتمثلة بتوفير قروض من المصرف الزراعي، وحتى المصارف الخاصة للمزارعين، لإعادتهم إلى حقولهم. وأن تكون بفوائد قليلة وفترات سداد تبدأ بعد ثلاثة أعوام. إضافة إلى توفير المازوت بشكل سريع من الدول الصديقة كروسيا وإيران والعراق، والعمل على توفير الأسمدة اللازمة للعملية الزراعية وكل مستلزمات العملية الزراعية، عن طريق وزارة الزراعة والإرشاديات الزراعية وتأمينها للمزارع، كما يجب العمل على توفير المنتجات الزراعية التي يمكن أن يحصل تراجع في كمياتها بالسوق المحلية عن طريق دول الجوار مثل لبنان والأردن وإيران.

 

قطاع الصناعة… مشكلات وحلول

وعن قطاع الصناعة المرتبط ارتباطاً شديداً بالقطاع الزراعي أوضح الخبير الاقتصادي عثمان أن خط الإنتاج الصناعي يتسم بأن طاقته الإنتاجية تقاس بطاقة أضعف مراحله، وأنه كالسلسة التي تنهار لانقطاع أضعف حلقاتها. وبالتالي فإن المشروع الصناعي مهما كبر قد يتعثر لأبسط الأسباب. لذلك فقطاع الصناعة من القطاعات الأكثر تضرراً في هذه الأزمة، على عكس ما يعتقده البعض بأن الأكثر تضرراً هو قطاع السياحة. والسبب أن قطاع السياحة في لحظة انتهاء الأزمة يمكن أن يعود إلى سابق عهده خلال فترة تتراوح من شهر إلى ستة أشهر. ولكن المصانع التي دمرت واليد العاملة التي سافر جزء منها إلى خارج القطر، إضافة إلى سفر عدد من الرساميل وخاصة من مدينة حلب وريف دمشق.. كل ذلك يؤكد أن قطاع الصناعة يحتاج إلى مجهود كبير.

ويواجه قطاع الصناعة أيضاً مشكلة في قدرة اليد العاملة الصناعيّة على الوصول إلى أماكن عملها. إذ تشتدّ الحاجة إلى هذه اليد في ظلّ فتح السّوق العراقيّة والإيرانيّة أمام الصّادرات السوريّة لتخفيف أثر العقوبات، بينما لا تستطيع الوصول إلى أماكن العمل.

وأعتقد أن مشكلة قطاع الصناعة السورية ليست وليدة الأزمة فقط، ولكنها تفاقمت مع الأزمة. والسبب الأساسي لهذه المشكلة هو عدم وجود استراتيجية صناعية واضحة، وضعف التواصل الفاعل بين الحكومة وصناعييّ القطاع الخاص، إضافة إلى حاجة المؤسسات العامة الصناعية التابعة للدولة والتي تشرف على 92 شركة إنتاجية عامة، إلى إعادة هيكلة جذرية.

وقال أيضاً: سأقدم بعض التحديات التي تواجه الصناعات الغذائية وصناعة النسيج والألبسة، إضافة التحديات السابقة التي قدمت لها سابقاً. والسبب في اختيار هاتين الصناعتين أن المواطن السوري مهما كان مستوى دخله في هذه المرحلة، فإن من أولياته تأمين حاجاته الأساسية المتمثلة بالغذاء والملبس. والسبب الثاني أن سورية تملك في هاتين الصناعتين ميزة نسبية تنافسية، وبالتالي نستطيع التصدير بمنتجاتهما، لذلك لابد من إعطائهما الأولية عن غيرهما من الصناعات.

التحدي الأهم أمامهما هو توفر حوامل الطاقة، سواء أكانت الفيول أم المازوت أم الكهرباء.

فمن تحديات الصناعات الغذائية: تعقيد الإجراءات الجمركية والتغيير المستمر في الرسوم وارتفاعها مقارنة مع دول الجوار، وغياب الثقة بين المستهلك والتاجر، وانتشار المنتجات المهربة والمزورة والمقلدة في الأسواق المحلية.

أما تحديات الصناعات النسيجية والألبسة فتتمثل في احتكار القطاع العام لإنتاج بعض النمر من الخيوط، ومنع القطاع الخاص من إنتاجها، واحتكار الدولة لصناعة الخيط النقي، وصعوبة توفر بعض المواد الأولية اللازمة لتصنيع الألبسة الجاهزة محلياً، وغياب الرقابة والمحفزات في المستويات الإدارية بالمؤسسات الخاصة. إضافة إلى انخفاض كفاءة اليد العاملة وعدم كفاية مراكز التدريب والتأهيل، وغياب الإبداع، إضافة إلى ضعف التعاون بين القطاع الخاص والحكومة.

وعن الحلول أوضح عثمان: السماح للصناعيين الذين يرغبون في استيراد حوامل الطاقة (فيول- مازوت) على حسابهم، بقدر الكمية التي تتناسب مع حاجة مصانعهم فقط، وأن يقوم الصناعيون/ وخاصة في مجال الألبسة، باللجوء إلى الورش الصغيرة لإنجاز عمل محدد، ثم يقوم الصناعي بجمع هذا الإنتاج في منتج نهائي. إضافة إلى فتح القروض للمصانع المتضررة، وتبسيط إجراءات التجارة للمواد الأولية اللازمة للصناعة التي تلعب دوراً كبيراً في تحديد تكلفة المنتج النهائي، وإلغاء الاحتكار الحكومي، والسماح ببيع القطن (المحلوج- غير المحلوج) للقطاع الخاص السوري بأسعار مماثلة للقطاع العام. كما يجب تطبيق الفوترة في جميع مراحل وحلقات تجارة وتداول السلع.

وأشار عثمان إلى أنه في استقصاء لآراء عدد كبير من التجار والصناعيين السوريين نجد شبه إجماع على إلغاء برنامج الرقابة على المستوردات، لافتاً إلى أنه من خلال حسن تنفيذ وتطبيق القوانين وتبسيط الإجراءات وتخفيف العبء الضريبي يمكن إعادة بناء الثقة بين الحكومة والمواطن والتاجر والمستهلك، مع أهمية ضبط التهريب وملاحقة المهربين ومسهلي التهريب بقدر الإمكان بواسطة عقوبات صارمة.

يشار إلى أن حجم القيمة الإجمالية للأضرار والخسائر التي تعرضت لها المنشآت الصناعية والحرفية في حلب، والتي أحصيت، تجاوزت 50 مليار دولار وفق ما أكده مصدر مسؤول في غرفة صناعة حلب. وأن الرقم مازال في ازدياد. هذا في حلب فقط دون باقي المحافظات. في حين أن خسائر المؤسسة العامة لحلج وتسويق الأقطان في العام الماضي نتيجة الأحداث بلغت نحو 15 مليار ليرة. أما خسائر المؤسسة العامة للدواجن نتيجة الأحداث الاستثنائية التي تمر بها سورية، فتزين على مليارين و142 مليوناً و442 ألف ل.س. وأوضح  تقرير حديث صادر عن المركز السوري لبحوث السياسات أن 3,28% من إجمالي الخسائر في الناتج المحلي الإجمالي البالغة 8,6 مليارات دولار أمريكي، كانت بسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة على الاقتصاد السوري. وأوضح أيضاً أن خسائر الاقتصاد السوري بسبب الأزمة حتى نهاية 2012 قُدرت بنحو 4,48 مليار دولار أمريكي بالأسعار الجارية، وهو ما يعادل 7,81% من الناتج المحلي الإجمالي لسورية عام 2010.

 

تعليق: الوقوف على معوقات القطاع الزراعي وإيجاد الحلول الآنية له لاستمراره..

بعد عرض السابق، لا بد من التنبيه إلى أن القطاع الزراعي هو القطاع الأساسي في أي مجال اقتصادي، لذا لا بد من الوقوف على أهم معوقاته الحالية، والعمل قدر الإمكان على إيجاد الحلول الآنية لها ودعم الفلاح لكي لا يترك أرضه ويتجه لأعمال أخرى، مع أهمية توفير المستلزمات الزراعية وتطوير الزراعة، وخاصة المحاصيل الاستراتيجية، مثل القمح والقطن. والعمل على مساعدة الفلاحين في تسويق منتجاتهم وتحقيق قيمة مضافة إلى المنتجات الزراعية الفائضة محلياً، مثل الحمضيات وزيت الزيتون، وفتح أسواق خارجية لها، وتشجيع المستهلكين المحليين على استهلاك المنتجات المحلية الزراعية بدلاً من المستوردة. وبالطبع هذا الأمر يحتاج إلى تكاتف جميع الأطراف: كالقطاع الخاص والقطاع العام، مع أهمية توعية المواطنين وتغيير سلوك استهلاكهم تجاه السلع المستوردة والمتوفر منها محلياً، وذلك بعد تحقيق قيمة مضافة ومنافسة للمنتج المحلي.

 

 

 

العدد 1104 - 24/4/2024