رفع أسعار الكهرباء سينعكس على الأسعار

صناعيون وخبراء: يجب البحث عن عوامل صمود الصناعة الوطنية لا العكس

تذمر أبداه معظم من التقينا بهم من صناعيين وغيرهم حول قرار رفع أسعار الكهرباء الأخير، فقد أبدوا استياءهم من القرار، متسائلين عن دور الحكومة في دعم ما بقي من القطاع الصناعي في سورية، وخاصة أن الكهرباء كغيرها من حوامل الطاقة هي عنصر أساسي في عملية الإنتاج.

وحاولت (النور) رصد آراء أصحاب الشأن حيال هذا القرار، ومدى تأثيره على الصناعي وعلى المستهلك.

الصناعات الغذائية:رفع أسعار الكهرباء سيؤدي إلى زيادة تكاليف الإنتاج

أوضح محمود الرحوم، نقيب عمال الصناعات الغذائية، في تصريحه ل(النور)، أن رفع أسعار الكهرباء بنسبة 100% من شأنه أن يؤثر على المواطن بالدرجة الأولى أي المستهلك، متسائلاً: (هل يوجد صناعي أو تاجر يدفع من جيبه؟ بالطبع الفرق في الأسعار سيدفعها المستهلك من رقبته، ولن يخسر الصناعي أو التاجر شيئاً).

ولفت إلى أن زيادة أسعار الكهرباء ستؤدي إلى زيادة تكلفة الإنتاج، وبالتالي زيادة الأسعار، فمثلاً الكونسروة هي من الإنتاج غير المدعوم سترتفع أسعارها، وكذلك الألبان أيضاً، وكذلك الأمر بالنسبة للسيراميك والمنظفات وغيرها.. وبالطبع لم ترفع وزارة الكهرباء أسعار الكهرباء على المواطن ذي الدخل المحدود، ولكن هذا المواطن هو من سيدفع هذه الزيادة، وذلك بشرائه سلعة مرتفعة الثمن.

وطالب الرحوم بدعم حوامل الطاقة قائلاً: (لو خفضوا سعر المازوت بدلاً من زيادة الرواتب، لكان ذلك أفضل بكثير. فمثلاً ازداد راتبي 7 آلاف ليرة، ذهب منها ألفا ليرة ضرائب، فبقي 5 آلاف ليرة، أدفع منها 3 آلاف مواصلات، ولم يبق لي من زيادة الرواتب سوى ألفَيْ ليرة، ولكن بالمقابل نجد أن الأسعار تضاعفت نتيجة رفع سعر المازوت).

الصناعي الذي يبيع منتجه في السوق المحلية.. (خُرب بيته)!

بالمقابل أوضح صناعي كبير فضل عدم ذكر اسمه ل(النور) أن رفع أسعار الكهرباء موضوع شائك.. وبالطبع فالذي ينتج ويصدّر إلى الأسواق الخارجية لا يتأثر أبداً، لأنه يحصل على القطع الأجنبي، ولكن من يصدّر الآن؟ خاصة أن الصادرات السورية أصبحت شبه معدومة. في حين أن الصناعي الذي يبيع سلعته في الأسواق المحلية (خُرب بيته).. ولا ننسى أن الحكومة في مأزق من ارتفاع أسعار الدولار،لذا يجب أن يكون هناك تعاون بين الطرفين الحكومة والقطاع الخاص والصناعيين.

الصناعات المعدنية: قرار سيئ جداً على الصناعة وعلى العمال

في حين أوضح أيهم جرادة، نقيب عمال الصناعات المعدنية بدمشق وريفها، في تصريحه ل(النور) أن دعم الصناعة الوطنية تعني أن نقدم طاقة بأسعار مخفضة، ولكن ما نراه حالياً هو العكس تماماً، إذ تُرفع أسعار حوامل الطاقة. وبالطبع فإن رفع أسعار الكهرباء سوف يكون له تأثير مباشر على الشركات وعلى العمال معاً. وأنا أرى أن هذا القرار سيئ جداً على الصناعة والشركات وعلى استمرار العملية الإنتاجية وعلى مكتسبات العمال ومزاياهم، وسيؤدي إلى رفع التكاليف كثيراً.

وأضاف جرادة: (هناك شركات أغلقت بسبب غلاء المازوت والفيول، والآن أضيف عنصر آخر، وهو الكهرباء. وهناك من فضّل أن يغلق مصنعه ويدفع رواتب العاملين على الاستمرار في العمل وتحمل الخسائر. هذا بالطبع بالنسبة للصناعيين الوطنيين، الذين لم يغلقوا معاملهم ويسرحوا عمالهم تسريحاً تعسفياً).

ولفت إلى أن الصناعي سيعمل على زيادة رفع أسعاره، لأن تكلفته ستزيد، وبالتالي سينتج منتجات غير مناسبة من حيث السعر لذوي الدخل المحدود، والذين سيتحملون عواقب زيادة الأسعار. واقترح رئيس نقابة عمال الصناعات المعدنية أن تُقدّم حوامل الطاقة للصناعيين بأسعار مخفضة، وأن تُدعم الصناعة الوطنية لأن الشركات الصناعية تلعب دوراً اقتصادياً واجتماعياً كبيراً، لافتاً إلى أن الصناعي يشعر  الآن أنه لم يأخذ حقه بعد، ويجب المحافظة على الصناعي الذي لم يسافر ويترك سورية، بتقديم كل التسهيلات له لاستمرار العملية الإنتاجية التي نحن بأمس الحاجة إليها حالياً.

خبير اقتصادي: على الحكومة أن تبحث عن عوامل صمود الصناعة الوطنية

في حين أوضح الخبير الاقتصادي نضال طالب في تصريحه ل(النور) أن الهدف من إصدار قرار رفع أسعار الكهرباء هو البحث عن إيرادات للموازنة وزيادتها. ونلاحظ أن الحكومة في المرحلة الراهنة تتوجه إلى رفع الدعم أو تخفيضه والبحث عن مطارح ضريبية تمس قضية الدعم، سواء للصناعيين أو التي تمس المواطنين. وفعلاً خفضوا الدعم الاجتماعي المقدم للمواطنين والمتمثل برفع أسعار الغاز والمازوت. إضافة إلى تخفيض الدعم المقدم للصناعي والتجار بزيادة أسعار الكهرباء حالياً والمازوت والفيول سابقاً.

ولفت طالب إلى أننا عندما نطالب الصناعي بأن يلتزم بالقوانين وإنتاج سلع ذات جودة ومنافسة في الأسواق الخارجية، يجب علينا أن نمنحه حقوقه، كما هو الحال في الكثير من الدول الأخرى.. فمعظم الدول تدعم الصناعة، وتقدم الكثير من المزايا للصناعيين، بأسعار الطاقة، لكي يصنعوا منتجاً منافساً في الأسواق الخارجية. كما أوجدت دول عديدة (صندوقاً لدعم الصناعة)، مهمته أن يدعم الصناعات الناشئة والوليدة، إضافة إلى اختيار الصناعات التي تقدم قيمة مضافة في الاقتصاد فتدعمها، وهذا غير موجود لدينا في سورية.

وأشار طالب إلى أن ما نراه في حقيقة الأمر أن الحكومة تقوم باتخاذ سياسات اقتصادية ترفع الدعم وتترك الصناعي دون معيل في السوق، مقارنة بالدول الأخرى. مع العلم أنه لا يوجد لدينا أي منظومة لمعرفة من هو الصناعي الذي يجب دعمه، من الصناعي الذي لا موجب دعمه. وبالطبع هذا أمر ضروري، فليس كل الصناعيين سواسية، وليسوا جميعاً بحاجة إلى دعم. ولكن هناك فئة كبيرة من الصناعات الناشئة والصغيرة تحتاج إلى دعم حكومي، إلى حين أن تنهض لا أن تُدفن في مهدها.

وأضاف: (ما يحدث في حقيقة الأمر أن الصناعي حالياً، أصبحت تكلفة إنتاجه مرتفعة وزادت الكهرباء من تكاليفه أكثر. ولكن هذه المواد (المازوت والفيول والكهرباء)، هي بند من بنود التكلفة، والصناعي لن يقوم بتخفيض هامش ربحه أبداً مهما ارتفعت التكلفة عليه، بل سيقوم بجدولة تكاليفه، وبالنهاية سينتج منتجاً مرتفع الثمن يتحمل أعباءه المستهلك النهائي وحده).

وأكد طالب أن القرار في ظل الظروف الحالية غير منطقي، ولو كان هناك انخفاض في إيرادات الخزينة العامة. وكان على الحكومة أن تبحث عن مطارح ضريبية لا تأثير لها على القطاع الصناعي أو التجاري، والتي ستؤثر على المستهلك كما ذكرنا. فهذا القرار يعيق من صمود المستثمر الصناعي. ويجب البحث عن عوامل تساعد على صمود الصناعة واستمرارها. ولكن ما نلاحظه أن معظم القرارات التي تصدر في واد، والواقع في واد آخر. وأكبر دليل على ذلك ارتفاع أسعار معظم السلع ارتفاعاً كبيراً في الأسواق المحلية.

ونص قرار رفع أسعار الكهرباء على نسبة وسطية قدرها 100%، ويبدأ تنفيذه من 1/9/2013. ويُعدّل السعر بالنسبة لشريحة الاستهلاك من 1 إلى 800 كيلوواط ساعي في الدورة، من 250 قرشاً سورياً إلى 600 قرش، أي بنسبة زيادة 140%، ويحدد السعر بالنسبة لشريحة الاستهلاك من 801 إلى 2000 كليوواط ساعي في الدورة ب650 قرشاً سورياً بدلاً من 350 قرشاً، بنسبة زيادة قدرها 85%.

أما بالنسبة لشريحة الاستهلاك التي تزيد عن 2000 كيلوواط ساعي في الدورة، فإن السعر رُفع من 400 إلى 700 قرش، بنسبة زيادة قدرها 75%.

ويضاف إلى قيمة الاستهلاك في كل فاتورة أجرة العداد والرسوم، وهي رسوم مالية 5,10% من قيمة الاستهلاك، ورسم إدارة محلية 11% من قيمة الاستهلاك.

العدد 1104 - 24/4/2024