موقف الشباب من السياسية

إن أي مجتمع يُبنى أساساً على ممارسة أشكال من الأنشطة المختلفة، وبضمنها السياسة، إضافة إلى امتلاك الفرد قدراً كافياً من الثقافة السياسية التي تضمن له حق الانتماء إلى شعب ووطن.

غير أن مجتمعاتنا تُعاني من أزمة قيم في الميدان السياسي، نتج عنها للأسف عزوف الشباب عن ولوج هذا المضمار.

ولا شكّ أن من يتحمل مسؤولية هذا العزوف أولاً هي الحكومات في عدم ترسيخ مبدأ الديمقراطية ومفهوم المواطنة بشكله الحقيقي والدافع تلقائياً لانخراط المواطنين وبضمنهم الشباب في الحياة السياسية. وتأتي بالدرجة الثانية الأحزاب السياسية ذاتها، حينما انغلقت على ذاتها، مستندة فقط إلى ما يمليه (قادتها) من أفكار ورؤى لا يمتلكها سواهم، مما جعل الشباب يفتقرون إلى الإحساس بالمسؤولية التي تدفعهم للبحث عمّا يمكنه أن يطوّر رؤاهم، وبالتالي يطوّر الحزب.

 كما ساهم احتكار الزعامات الخالدة للأحزاب، التي ترفض التقاعد عن العمل السياسي، في تكريس النظرة السلبية التي يحملها الشباب عن السياسة والعمل السياسي الذي ارتبط في أذهان الكثير منهم بتحقيق المصالح الشخصية للسياسيين، وعدم الاكتراث بالمصلحة العامة، إضافة إلى أن اختلاف الرؤى بين الأجيال، والنظرة الأبوية التي يتعامل بها كثير من الزعماء والقيادات السياسية مع الشباب، لاسيما خلال اللقاءات القليلة التي تكون عادة مرتبطة بالاستحقاقات الانتخابية أو ما شابه، قد ساهم أيضاً في اتساع الهوة التي تُبعد الشباب عن العمل السياسي، مما عزز لديهم الشعور بالتهميش، وقطع الطريق أمام إمكانية وصولهم إلى مراكز قيادية تساعدهم على ممارسة حقهم الطبيعي داخل تلك الأحزاب.

إن كل هذه الأمور دفعت بالشباب بعيداً عن مضمار السياسة التي لا يمكن أن تكون فاعلة، أو ملبية لطموحات الشعوب بعيداً عن وجودهم المؤثّر والفعّال الذي يعزز قوة هذه الأحزاب في المجتمع.

العدد 1104 - 24/4/2024