طمـوحات مشروعة

 (قف على ناصية الحلم وقاتل!)- محمود درويش

في واقع مأزوم كالذي نعيشه منذ خمس سنوات، بات الحديث فيه عن الأحلام مجرد أوهام تذروها الأيام المتوالية المنبعثة من صميم المأساة الحقيقية التي ألمّت بهذا الشعب.

فحلمُ التغيير السلمي تحطّم، وتحطمت معه أماني جيل بعمر الورد، منه من زُهقت روحه فداء الغد المنتظر، ومنه من خسر تحصيله على مقاعد الدراسة، ومنه من غُيّب قسراً، فترك حسرة لن يمحو ندوبها مرور السنين. ومن ذلك الحلم بالمشاريع الكبيرة إلى تلك الصغيرة المقتصرة على تأمين العيش الكريم في ظل أمان مُصان بروح العدالة، وعلى قاعدة التسامح القائمة على مبدأ المواطنة. فأن يكوّن شباب اليوم نفسه، في ظل هيكلية الانفتاح الاقتصادي التي تعتمدها الإدارة الاقتصادية في البلاد، لهو تحدٍّ كبير، وهو حقاً أمر متعذّر. فمقومات ذلك- من دخل ثابت، ومسكن ملائم، وشريكة حياة، هي رغم قلتها- لا يمكن تأمين متطلباتها.

فانحسار التوظيف في القطاع العام، وهروب القطاع الخاص، أدّى إلى أن تحلق معدلات البطالة ، جارفة معها إلى القاع أعداداً متزايدة تلتحق بخط الفقر، وصولاً إلى  الفقر المدقع. فمن أين سيأتي، في ظل هذا الواقع المرير، المسكن الوثير، الذي نعَم فيه الآباء يوماً ما بمبلغ زهيد؟ وأي حياة ستبنى بين الشريكين الحالمين بتكوين أسرة صغيرة؟

هي الحرب، نعم، إنها الحرب التي دبت الذعر والخوف في نفوسنا، وحطمت آمالنا وأمنياتنا، ورمتنا نواجه علقم نتاجها، فكان التشرد والهجرة ملاذاً (مكرهاً عليه أخاك لا بطل).فيا حكومتنا البصيرة أصغي لمن بقي يصارع الحياة ويلاطم أمواجها العاتية، فكرامة المواطنين من كرامة البلاد، فلنعزّز كرامة شبابنا ونحميهم من تجار الأزمات، ولنسعَ لنؤمّن لهم مستقبلاً مشرقاً في دولة مدنية ديمقراطية علمانية

العدد 1105 - 01/5/2024