لكل منا موئله

 باتت وسائل التواصل الاجتماعي المكان الأكثر قدرة على الإنتاجية الفكرية، في ظل غياب المنتديات الثقافية والندوات وغيرها من المجالات التي كانت فيما مضى تتسع بعض الشيء لطرح ما يمكن طرحه من الإنتاج الثقافي بمجالاته المتعددة.

إلاّ أنه لا يمكننا القول بأنها فقط تستحوذ على هذه المجالات من الاهتمام، فالشريحة التي تتعامل مع وسائل التواصل كبيرة ومتنوعة جداً، بقدر كبر اهتماماتها وتنوعها ، فمثلما يوجد أشخاص مهتمون بالثقافة الأدبية أو العلمية أو الفكرية، فأيضاً هناك الأشخاص الذين يهتمون بأمور أخرى كالطبخ أو الأزياء أو…. والتي يرون فيها أهمية أكبر بكثير مما يطلقون عليه ( وجع الرأس )، وليس بإمكان أحدٍ ما محاسبة الآخر على اهتمامه بهذا الجانب وعدم اهتمامه بذاك، فلكل منا مجالاته واهتماماته.

إلا أنني من خلال استخدامي ومتابعتي لوسائل التواصل، أرى أنه باستطاعتنا أن نزيد من مخزوننا الثقافي والمعرفي من خلال هذا التواصل، بالشكل والطريقة التي نرتئيها وتناسبنا، فالتعرف على أشخاص لديهم الاهتمامات ذاتها، ويشاركوننا الفكر ذاته، من شأنه أن يساهم بزيادة المعرفة وتنوعها، بل يضيف الكثير من المعارف التي كانت تنقصنا، إضافةً إلى أن السهولة التي تمنحها وسائل التواصل في طرح أفكارنا فسحت المجال واسعاً أمام العديد لطرح أفكارهم ومنطقهم على العلن إن صح التعبير، مما ساعد على تسليط الضوء على مواهب فكرية غنية ما كان باستطاعتها الوصول إلى جمهورها لولا هذه الوسائل، ويأتي النقاش أو التعليقات ولو أنها لا تزال مبتورة وقليلة العمق لتزيد من أهمية ما يطرح أو العكس.

كل هذا أعتقد أنه ساهم وسيساهم بتطور المنتوج الفكري في المجتمعات، وتبادل الوعي الثقافي، لا سيما أن هذا الفضاء الواسع لا حدود له، إذ نتعرف على أشخاص من بلدانٍ أخرى تمتلك ثقافاتٍ مغايرةً لما نحمله، مما يعزز ويطور الوعي وآلية النقاش وينمي عملية الحراك الثقافي والمعرفي بين هؤلاء الأشخاص وتلك المجتمعات…

فليأخذ كلٌّ منا ما يريد وما يتوافق معه، ففي التنوع غنىً من نوعٍ آخر.

العدد 1105 - 01/5/2024