حلب محررة

 حطمت القوات السورية دفاعات (الجهاديين) الأخيرة في حلب، محررة كل أجزاء المدينة القديمة، المركز التاريخي لحلب، التي كانت تحت سيطرة الإرهابيين في الأعوام الأربعة الماضية. أحبطت المحاولات الدبلوماسية في الأمم المتحدة لوقف الهجوم عندما نقضت روسيا والصين دعوة مدفوعة إمبريالياً لمجلس الأمن من أجل هدنة (توقف مؤقت إنساني) لسبعة أيام. أجلي بعض المسلحين المدعومين من منظمة حلف شمال الأطلسي إلى الخطوط الفاصلة وفق اتفاق توسطت فيه روسيا وتركيا وفرّ آخرون ببساطة.

بدأت الاندفاعة الكبيرة في أواخر الشهر الماضي عندما شن الجيش العربي السوري هجوماً لطرد العصابات الإرهابية من حلب كلياً.. أبدى مسلحو (داعش) و(النصرة) مقاومة شرسة في معارك الشوارع التي بدأت قبل أسبوعين، ولكن معنوياتهم انهارت عندما بات واضحاً أن الأمريكيين والأتراك لن يتدخلوا لإنقاذ جنودهم.

وفي محاولة يائسة لوقف الفرار من صفوفهم، قصف التكفيريون مشفى ميدانياً روسياً بأمل أن يستفز ذلك الجيش العربي السوري لقطع كل الطرقات وممرات النجاة حول الرقعة التي يسيطر عليها المسلحون. قُتلت ممرضتان روسيتان وأصيب طبيب بجروح بليغة في الهجوم، وأصيب مستشار عسكري روسي بجروح عندما تعرض حي واقع تحت سيطرة الحكومة لنيران المدفعية.

وفي غضون ذلك قصف إسرائيليون بالصواريخ قاعدة للقوات الجوية السورية قرب دمشق، في محاولة أخرى لرفع معنويات العصابات الإرهابية، أحدثت القذائف التي أطلقت من مرتفعات الجولان المحتلة القليل من الضرر ولم يصب أحد بأذى، وقال مصدر عسكري سورية إن هذا الهجوم سيجعل الجيش العربي السوري (أكثر تصميماً على قطع أيدي العملاء الإرهابيين للكيان الصهيوني الذي يجب أن يتحمل كلياً المسؤولية عن مضاعفات وعواقب هذه الهجمات الإجرامية).

يسيطر الجيش العربي السوري الآن على 97 بالمئة من شرق حلب، وتبحث وحدات الهندسة التابعة للجيش عن الألغام الأرضية وتفككها في الأحياء المحررة حديثاً، في حين تطهر وحدات أخرى الجيوب الباقية للإرهابيين في ما كان ذات مرة المعقل الإرهابي الرئيس في البلد. قال ناطق عسكري سوري: (هُزم العدو ويهرب إلى المناطق الجنوبية، إلى القواعد الأمامية الإرهابية الباقية).

ترسل مصر وحدات هندسة إلى سورية لمساعدة الجيش الروسي والسوري في إزالة الألغام في المناطق المحررة من شرق حلب.. تساعد مصر سورية في المعركة ضد الإرهابيين، لأن هذا البلد يدرك أن تنظيم داعش والإخوان المسلمين التكفيريين يشكلون تهديداً جدياً لمصر أيضاً.

يتمركز نحو مئتي عسكري وخبير أمني مصري في عدد من مراكز التنسيق السورية والقواعد العسكرية عبر البلد، ووصلت في الشهر الماضي مجموعة من 18 طياراً مصرياً، معظمهم طيارو مروحيات، إلى قاعدة للقوات الجوية السورية في حماة.

وكان رد لوبي الحرب في البرلمان البريطاني تصعيد مطلبه من أجل تدخل إمبريالي مباشر لإنقاذ الإرهابيين الذين سُلّحوا ومُوّلوا من قبل حلف شمال الأطلسي وملوك النفط العرب الإقطاعيين من أجل (إسقاط) الحكومة في دمشق.

يزعم أكثر من 120 نائباً، من ضمنهم وزيران في حكومة المحافظين السابقة، أن الحكومة السورية والروسية تتحركان لـ(إبادة) كل الذين لم يُقتلوا نتيجة حملات القصف بلا تمييز.

لا حاجة للقول إن القوات السورية لم تجد دليلاً على المشافي والمدارس التي زعم الإعلام البرجوازي أنها كانت الأهداف الوحيدة للطائرات الحربية السورية والروسية في الأيام الأخيرة، ولم تواجه تلك الأعداد الضخمة من السكان المدنيين الذين قال الإمبرياليون إنهم عالقون في القتال.

قالت آلة الكذب الإمبريالية إن أكثر من ربع مليون مدني يعيشون في القسم الذي يسيطر عليه الإرهابيون من حلب، ولكن عندما حرر الجيش العربي السوري أجزاء واسعة من شرق حلب، كانت معظم الأحياء فارغة. قيل لنا إن هذه أكبر كارثة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية، ويظهر الآن أنها كذبة أخرى من أجل الدفع للتدخل.

حررت القوات السورية آلاف المدنيين في القتال في الأيام الماضية، ويأمل الكثيرون أن ينهي الجيش العربي السوري العمل ويُخرج الإرهابيين الإسلامويين التكفيريين من البلد كله.

عن جريدة (نيو ووركر) البريطانية

العدد 1105 - 01/5/2024