الرئيس بشار الأسد لوسائل الإعلام الروسية: الحل السياسي سهل إذا أوقٍفَ إمدادُ المسلحين بالمال

أجرت مجموعة وسائل إعلام روسية مقابلة مع السيد الرئيس أواخر الأسبوع الماضي ننشر مقتطفات هامة منها:

*كيف تثمنون الجولة القادمة من المشاورات السورية – السورية المزمع عقدها في موسكو في أوائل نيسان؟

 ** تقييمنا لهذه الجولة وللمبادرة الروسية ككل، هو تقييم إيجابي جداً لأن المبادرة هامة، لأنها أكدت على الحل السياسي، وبالتالي قطعت الطريق على دعاة الحرب في الدول الغربية، وخاصة في الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، لذلك فمبدأ هذه المبادرة هو مبدأ صحيح وهام، ونحن نقول دائماً ونعلن ونؤمن بأن أية مشكلة مهما كانت لا بد أن يكون حلها النهائي هو حل سياسي بالمبدأ. أما عوامل النجاح فيجب أن يكون هناك تطابق بين العنوان الذي طرحته أنت الآن منذ قليل وبين المضمون، العنوان هو حوار سوري – سوري، لكي ينجح لابد أن يكون سورياً فقط، بمعنى ألاّ يكون هناك تأثير خارجي على المتحاورين. والدور الروسي الآن هو دور تسهيلي لعملية الحوار بين السوريين وليس دوراً يفرض عليهم أية أفكار، إذا تمت الأمور بهذه الطريقة فأنا أعتقد أن هذا الحوار سيحقق نتائج إيجابية للاستقرار في سورية.

* كيف تنظرون سيادة الرئيس إلى أفق هذه المبادرة التي قدمها دي ميستورا وحظوظها إنْ كانت ستنجح في الأيام القادمة؟

 **منذ اللقاءات الأولى بيننا وبين السيد دي ميستورا دعمنا الأفكار التي طرحها، وعندما اتفقنا على العناوين الأساسية للمبادرة التي تم إعلانها لاحقاً من قبله وبدأ فريق السيد دي ميستورا العمل في سورية من أجل تطبيق هذه المبادرة، تابعنا هذا الدعم ووتابعنا النقاش معه من أجل التفاصيل التي تخص هذه المبادرة. المبادرة من حيث المبدأ صحيحة لأنها تتعامل مع الواقع على الأرض بشيء يشبه المصالحات التي تحصل في سورية، والهدف هو تخفيف الضغط والخطر عن المدنيين في مدينة حلب تحديداً كمقدمة لهذه المهمة التي بدأ بها، لكن مبادرة دي ميستورا تعتمد على أكثر من طرف، تعتمد طبعاً على تعاون الدولة بشكل أساسي وهي طرف رئيسي ومع مؤسساتها، لكنها من جانب آخر تعتمد على استجابة الإرهابيين أو المسلحين الذين يوجدون في أحياء مختلفة من حلب. المبادرة هامة بالمضمون ونحن نعتقد أنها واقعية جداً بمضمونها وفرص نجاحها كبيرة إن توقفت تركيا والدول الأخرى التي تمول المسلحين عن التدخل، أحد أهم أسباب عوامل نجاحها هو أن معظم السوريين يرغبون بالتخلص من الإرهابيين من خلال عودة البعض من هؤلاء للحياة الطبيعية أو خروجهم من الأحياء التي يعيش فيها المدنيون لكي يعودوا إلى هذه الأحياء.

 * برأيكم كيف يمكن أن نرسي السلام ونفسح المجال لكل السوريين بأن يتصالحوا؟

 ** كل التصريحات التي صدرت عن الدول الغربية أو حلفائها في المنطقة حول هذا الموضوع لم تكن تعنينا، لا يهمنا إن قالوا الرئيس سيسقط أو سيبقى، ولا يهمنا إن قالوا إن الرئيس شرعي أو غير شرعي.. الشرعية نأخذها من الشعب، وإذا كان هناك سبب لصمود الدولة في سورية فهو الدعم الشعبي، فعلينا ألا نضيع وقتنا بالتصريحات الأوربية، فهم مستعدون لأن يصرحوا كل يوم تصريحاً مناقضاً لتصريح الآخر. الأزمة السورية قابلة للحل وليست مستحيلة، إذا جلس السوريون مع بعضهم وتحاوروا فسوف نصل إلى نتائج، عندما كنا نتحدث منذ قليل عن المصالحات، المصالحات هي أصعب شيء، عندما يجلس الطرف الأول مع الطرف الثاني الذي يمسك بالبندقية ويقاتل، أصعب بكثير من الجلوس مع الذين يقومون بالعمل السياسي، فهناك دماء وهناك قتل، ومع ذلك نجحنا في هذا الملف، متى نجحنا؟ نجحنا عندما تمكنا من إجراء المصالحات دون تدخل خارجي، فأنا أقول لكي ينجح السوريون يجب إيقاف التدخل الخارجي، وإيقاف إمداد الإرهابيين بالسلاح من قبل تركيا، من قبل السعودية، من قبل قطر، ومن قبل بعض الدول الأوربية، هذا ما صرح به الفرنسيون والبريطانيون بشكل أساسي أنهم أرسلوا سلاح.. يجب وقف إمداد المسلحين بالمال وخاصة من السعودية وقطر، عندئذ الحل السياسي سيكون سهلاً، والمصالحات مع المسلحين ستكون سهلة، لأن المجتمع السوري اليوم يدعم المصالحات ويدعم كل هذه الحلول، والمجتمع السوري لم يتفكك كما كانوا يعتقدون.

 * سيادة الرئيس أشرتم سابقاً إلى أنه لو وافقتم على ما عرض عليكم قبل الأزمة، لكنتم الرئيس الأفضل في المنطقة والأكثر ديمقراطية، أرجو من سيادتكم أن تشرحوا لنا ما عرض عليكم حينها، وما هو المطلوب من سورية اليوم كي يتوقف الغرب عن عسكرة المعارضة السورية وبدء الحل السياسي؟

 

** أعود هنا للعقلية الغربية وهي عقلية استعمارية. الغرب لا يقبل شركاء، هو يريد دولاً تابعة فقط، حتى الولايات المتحدة لا تقبل شركاء في الغرب، وحتى أوربا تريدها تابعة للولايات المتحدة. هم لا يقبلون روسيا وهي دولة عظمى، لا يقبلونها كشريك، والمسؤولون الروس يتحدثون دائماً عن الشراكة مع الغرب، ويتحدثون بلغة إيجابية. في المقابل لا يقبل الغرب بروسيا دولة كبرى وشريكاً لهم على مستوى العالم. فكيف يقبلون بدولة أصغر كسورية. يمكن أن تقول لا؟ عندما يتعارض أي موضوع مع المصالح السورية نحن نقول لا. هذا الشيء لا يقبلونه في الغرب. هم طلبوا منا عدة أشياء في السابق، كانوا يضغطون علينا في بعض الحالات كي نتنازل عن حقوقنا في أراضينا التي تحتلها إسرائيل. يريدون منا ألا نقف مع المقاومة في لبنان أو في فلسطين التي تدافع عن حقوق الشعب الفلسطيني. في مرحلة لاحقة، قبل الأزمة بسنوات قليلة، كانوا يضغطون على سورية كي تبتعد عن إيران مثلاً، أو في حالة أخرى أراد البعض منهم أن يستخدم علاقة سورية مع إيران في الملف النووي، ونحن لسنا جزءاً من هذا الملف، ولم نكن، ولكن كان المطلوب أن نقنع إيران بأن تقوم بخطوات ضد مصالحها الوطنية فرفضنا، وأشياء أخرى مشابهة. بالمحصلة كانوا يريدون أن تكون الدولة السورية دولة تابعة تنفّذ المخططات الغربية في هذه المنطقة من العالم، ونحن رفضنا. ولو قمنا بتنفيذ هذه الأشياء لأصبحنا، كما قلت، دولة جيدة ومعتدلة وديمقراطية. هم اليوم يصفون دولتنا بأنها ضد الديمقراطية، بينما يقيمون أحسن العلاقات مع السعودية التي ليست لها علاقة بالديمقراطية، ولا تعرف الانتخابات، ولا حقوق فيها للمرأة، وكثير من الأمور التي يعرفها معظم العالم. هذا هو النفاق الغربي.

* منذ وقت قريب صرّح وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية جون كيري في لقاء مع تلفزيون CNN) ) على ما أعتقد أنه مستعد للتفاوض مع السلطات السورية، ولكن هناك مسؤولين في الخارجية نفوا هذه التصريحات. فيما يخص المحاولات من قبل الولايات المتحدة الأمريكية لبدء التفاوض معكم في الفترة الأخيرة، هل حدث ذلك؟ وفي حال حدوثه ما الذي تريده الولايات المتحدة؟

 **بالنسبة للتصريحات الأمريكية، أو تصريحات المسؤولين الأمريكيين أعتقد أن العالم اعتاد أن يقول المسؤول الأمريكي شيئاً اليوم، ويقول عكسه في اليوم التالي وهذا نراه بشكل مستمر، لكن هناك ظاهرة أخرى وهي أن يقول مسؤول شيئاً ويأتي مسؤول آخر في الإدارة نفسها ليقول شيئاً معاكساً، هذا يعبّر عن صراعات موجودة داخل الإدارة الأمريكية، على كل الأحوال ورغم هذه التصريحات لا نرى أي تبدل حقيقي في السياسات الأمريكية إلى اليوم ونرى أن المعسكر المتشدد هو الذي ما زال يحدد توجهات السياسة الأمريكية في معظم مناطق العالم، بالنسبة لنا في سورية ما زالت السياسة مستمرة، لا يوجد حوار مباشر بيننا وبين الأمريكيين، هناك بعض الأفكار التي تنقل عبر دولة ثالثة أو طرف ثالث لكنها لا تعتبر حواراً جدياً ولانستطيع أن نأخذها على محمل الجد. علينا أن ننتظر حتى نرى تحولاً في السياسة الأمريكية على الأرض عندئذ نستطيع أن نقول إن هناك تبدلاً في هذه السياسة وهناك مطالب واضحة، أما الآن فمطالب الولايات المتحدة هي ما تحدثت عنه قبل قليل، رغبتهم بإسقاط الدولة السورية واستبدالها بدولة دمية تنفذ ما تريده.

 *هل لديكم سيادة الرئيس استقراء لمستقبل الأيام القادمة السياسي والعسكري بعد اللقاءات مع الوفود التي زارت دمشق؟

 ** هذه الوفود  تأتي إلى سورية، منها إعلامية خاصة، ومنها منظمات مدنية، وبرلمانيون، أرادوا أن يأتوا إلى سورية للتعرف على ما يجري، هذا جانب، وهناك جانب آخر له علاقة بالدول، أكثر من مسؤول غربي التقينا به قال لنا هذا التعبير، إن المسؤولين الغربيين تسلقوا الشجرة، ولم يعودوا قادرين على النزول، فعلينا أن نساعدهم على النزول من خلال هذه اللقاءات، هم كذبوا كثيراً على الرأي العام لديهم، والآن لو أرادوا أن يغيروا هذا الكلام، فسيسألهم الرأي العام.

العدد 1104 - 24/4/2024