صفحات من التاريخ المؤتمر الحادي عشر للحزب الشيوعي السوري

عقد المؤتمر الحادي عشر للحزب الشيوعي السوري في دمشق في الفترة ما بين 16و 19 آذار ،2011 تحت شعارات: حماية الوطن، مصالح الجماهير، حرية المواطن.

وضع المؤتمر الاستنتاجات والمهام الأساسية الملقاة على عاتق الحزب، قواعد وكوادر وقيادات، للاسترشاد بها والنضال في سبيلها في حياته اليومية، إضافة إلى عدد من القضايا النوعية التي رأى المؤتمر أنها تحتل أهمية خاصة، من المفيد الخوض في غمارها بصورة أكثر تفصيلاً.

خلص المؤتمر في استعراضه الشامل للوضعيين الدولي والإقليمي إلى أن السمات الأساسية للوضع الدولي تحكمه التناقضات التالية:

1ـ التناقض بين الإمبريالية العالمية وشعوب البلدان النامية التي تناضل ضد نهب ثرواتها ولحماية سيادتها الوطنية.

2ـ التناقض بين الأنظمة الرأسمالية والطبقات الكادحة في بلدانها وخاصة الطبقة العاملة.

3ـ التناقض بين المراكز الإمبريالية العالمية نفسها، والصراع بين الأحادية القطبية والجهود الرامية إلى تشكيل مراكز قطبية وتجمعات اقتصادية متعددة.

4ـ إن جميع هذه التناقضات هي انعكاس للصراع الطبقي التاريخي بين العمل والرأسمال.

وطالب المؤتمر الشيوعيين، على هذا الصعيد، بالعمل على توسيع الجبهات المعادية للإمبريالية والساعية إلى السلام العالمي، وتشديد الصراع الطبقي ضد النظام الرأسمالي الذي يهتز بفعل أزماته البنيوية.

وخلص المؤتمر في مناقشته للوضع العربي إلى أن التناقض بين قوى حركة التحرر الوطني وبين المشروع الإمبريالي الصهيوني، يبرز بوصفه التناقض الأساسي والمركزي، وتصاغ على أساسه سياستنا وتحالفاتنا في هذا المجال.

وأشار المؤتمر إلى أن حركة التحرر الوطني العربية مرت بفترات صعود وهبوط وتقدم وتراجع.

وبرغم كل مظاهر التراجع في الحركة الوطنية العربية دولاً وشعوباً، فإن حركة الشعوب العربية لم تتوقف تماماً، ولم تستسلم للإرادات الإمبريالية والصهيونية، وبدأت حركة الركود الشعبي بالتغير، ولم تعد الشعوب العربية تحتمل السياسات الليبرالية واقتصاد السوق الحر، أو الفساد الذي يعشش في أحشاء الأنظمة الحاكمة، كما لم تعد تحتمل السياسات المرتهنة للإمبريالية والصهيونية.

وأكد المؤتمر أن القضية الفلسطينية لا تزال تشكل القضية المركزية للشعوب العربية، وأن العجز العربي الرسمي هو المسبب الرئيسي في تمادي إسرائيل، وإليه تعزى حالة الخنوع والتردد، على الرغم من أن قضية فلسطين هي قضية قومية بقدر ما هي قضية وطنية تهم الشعب الفلسطيني.

وطالب المؤتمر في هذا الصدد بالحلول والمواقف التي تجتمع فيها المبدئية والواقعية معاً والمتمثلة في:

1ـ إعلان وقف المفاوضات مع إسرائيل، سواء المباشرة منها أم غير المباشرة، وسواء وافقت إسرائيل على تجميد الاستيطان أم استأنفته.

2ـ التمسك بقرارات الشرعية الدولية التي تنص على إقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس، والإعلان عن قيام هذه الدولة من طرف واحد، والطلب من دول العالم الاعتراف بها.

3ـ إزالة المستوطنات التي أقيمت بعد حرب 1967.

4ـ التمسك بقرار حق العودة تنفيذاً للقرار الدولي رقم 194.

5ـ توحيد الصف افلسطيني، وإحياء مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية على أسس ديمقراطية، بمشاركة جميع الفصائل دون استثناء في قيادتها، واعتبارها القيادة الشرعية والوحيدة للشعب الفلسطيني.

6ـ العمل على المستوى الدولي لحشد الرأي العام حول القضية الفلسطينية، واستمرار فضح الجرائم الإسرائيلية في مختلف المحافل القضائية والسياسية والإعلامية. ورأى المؤتمر أن قضية الوحدة العربية تخضع لنزعتين متعارضتين في المرحلة الحالية:

1ـ النزعة الأولى هي الحاجة المتنامية إلى تجميع وتوحيد الطاقات البشرية والاقتصادية والسياسية والثقافية لشعوب الأمة العربية في إطار واحد.

2ـ النزعة الثانية هي تنامي الاتجاهات القطرية والكيانية الصغيرة، وتوسع النزعات الانفصالية، وانبعاث العشائرية والطائفية والمذهبية والقبلية.

حدّد المؤتمر سمات المرحلة الراهنة التي تمر بها سورية بأنها مرحلة تحرر وطني مندمجة بأهداف اجتماعية وديمقراطية. وانطلاقاً من ذلك حدد المؤتمر المهام الملقاة على عاتق الشيوعيين في الوضع الداخلي على الصعيد السياسي، بضرورة تطوير الحياة الديمقراطية في البلاد، وأن تحتل الجبهة الوطنية التقدمية، بوصفها نواة الوحدة الوطنية، دوراً أكثر فاعلية في قيادة شؤون الدولة، والانفتاح السياسي على القوى والهيئات والشخصيات الشعبية ذات التوجه الوطني، وإطلاق الحريات الديمقراطية وحرية وسائل الإعلام واحترام الحقوق الشخصية للمواطنين وصون كراماتهم ومنع الاعتقال الكيفي وتطبيق ما نص عليه الدستور بهذا الشأن، واستقلال القضاء وفصل السلطات وممارسة السلطة التشريعية لدورها المنوط بها في الدستور والأعراف البرلمانية في العالم، والقضاء على المحسوبية والفساد، وإقرار حق المواطنة، والتوجه والالتفات إلى المصالح المعيشية للكتلة الشعبية الواسعة المؤلفة من العمال والفلاحين وجميع العاملين بأجر في القطاعين العام والخاص، والمثقفين وصغار الكسبة والحرفيين والصناعيين الوطنيين، وشكاويهم المتعلقة بالغلاء وانخفاض الرواتب والسكن والصحة والتعليم وغيرها. والتراجع عن التوجه الاقتصادي الحالي للبلاد الذي ينحو صوب اقتصاد السوق الحر، ويحول الاقتصاد إلى اقتصاد ريعي خدمي وفقاعي. ودعا المؤتمر لأن يبنى الاقتصاد الوطني على الصناعة والزراعة والخدمات المتعلقة بهما، وعلى التعددية الاقتصادية التي تحشد كل طاقات البلاد وإمكاناتها لتحقيق تنمية اقتصادية ـ اجتماعية شاملة متوازنة ومخططة، تقودها الدولة والقطاع العام بالتعاون مع جميع القطاعات في البلاد: عام وخاص وتعاوني ومشترك. واتخذ المؤتمر عدة قرارات كان من بينها قرار بإضافة كلمة (الموحد) إلى اسم الحزب الشيوعي السوري.

وانتخب المؤتمر في ختام أعماله اللجنة المركزية ولجنة الرقابة والتفتيش الجديدتين. ثم اجتمعت اللجنة المركزية وانتخبت الرفيق حنين نمر أميناً أولاً للحزب، والرفيق رضوان مرتيني رئيساً لهيئة رئاسة اللجنة المركزية. كما اجتمعت لجنة الرقابة والتفتيش وانتخبت الرفيق معتصم بالي رئيساً لها. واختم المؤتمر بكلمة للرفيق حنين نمر الأمين الأول للحزب.

العدد 1104 - 24/4/2024