رامسي كلارك… إسهام فريد في مجال حقوق الإنسان

لعب رامسي كلارك، عندما كان مساعداً لوزير العدل الأمريكي، دوراً رئيساً في وضع مسودة قوانين الحقوق المدنية في عامي 1964و1968 وقانون حق التصويت في عام 1965.

وفي عام 1967 رقي كلارك إلى منصب وزير العدل، وبقي فيه حتى 20 كانون الثاني ،1969 وكان أول وزير عدل يطلب إلغاء عقوبة الإعدام وهو في منصبه. وأمر بتعليق الإعدامات الاتحادية.

رفض كلارك في عام 1968 طلباً جديداً لمدير مكتب التحقيقات الفيدرالي إدغار جي هوفر للتنصت على الدكتور مارتن لوثر كينغ جونيور. وبعد يومين اغتيل كينغ. وخلال المظاهرات التي أعقبت ذلك، هدد كلارك بمقاضاة محافظ شيكاغو ريتشارد دالي إذا نفذ أمره (إطلاق النار للقتل).

وسهّل كلارك الحصول على إذن لتخييم ثلاثة آلاف إنسان في مول في واشنطن العاصمة للاحتجاج على الفقر. نظمت المشروع حملة الفقراء للدكتور كينغ، ونفذ بعد اغتياله.

وفي وقت لاحق من ذلك العام، عارض كلارك الاحتجاز الوقائي في الفترة السابقة للمؤتمر الديمقراطي في عام 1968 في شيكاغو، ووصف اتهام زعيم الفهود السود بوبي سيل بالتآمر في شيكاغو، بأنه فضيحة.

وقام بالتحقيق في هجوم الشرطة الذي أسفر عن مقتل فرد هامبتون، نائب رئيس حزب الفهود السود في إلينويز.

عندما كان كلارك وزيراً للعدل حثه الكثيرون على الاستقالة احتجاجاً على حرب فييتنام. لكن كلارك قال: (آمنتُ بكل القضايا التي انخرطتُ فيها، وستخذل الاستقالة الكثير من الناس).

ذهب كلارك في عام ،1972 بعد أعوام من تركه منصبه: إلى جمهورية فيتنام الديمقراطية، وصرّح قبل السفر أن (مارتن لوثر كينغ أخبرني ذات مرة أن حرب فيتنام هي قضية حقوق مدنية. لم أستطع قبول ذلك حينذاك ولكنني أعلم الآن أنه كان محقاً).

وكمحام مدني، مثَّل كلارك سكان ألاسكا الأصليين ضد الحكومة الاتحادية في المطالبة بأراض. ودرّس في جامعة هوارد مقرر (القانون بوصفه أداة فعالة في التغيير الاجتماعي).

هددت الحكومة الاتحادية بمقاضاة كلارك بعد زيارته لإيران في عام 1980 خلال أزمة الرهائن. وكان قد زار إيران أيضاً قبيل الثورة التي أطاحت بنظام الشاه الوحشي.

في 16 نيسان 1986 انطلقت طائرات حربية من لوكربي باسكتلندا وهاجمت طرابلس، في حين قصفت حاملات طائرات أمريكية بنغازي. رفع كلارك دعوى ضد الحكومتين الأمريكية والبريطانية. وعارض أيضاً الإطاحة بالحكومة الليبية بمساعدة أمريكية.

سافر كلارك إلى كوبا ودعا إلى إنهاء الحصار الاقتصادي الأمريكي الوحشي. وقاد وفوداً إلى كوبا حملت أدوية كان هناك نقص في إمداداتها. ودعا إلى الإفراج عن الكوبيين الخمسة الذين جاؤوا إلى الولايات المتحدة لمنع مغتربين كوبيين معادين للثورة من ارتكاب اعتداءات ضد الجزيرة.

شارك كلارك في الدعوة إلى التضامن مع كوبا، وكانت النتيجة تجمعاً تاريخياً نظمه مركز العمل الدولي في عام 1992. وشارك أكثر من ثلاثة آلاف شخص في هذا الحدث في مدينة نيويورك.

لتبقَ الولايات المتحدة بعيدة عن الشرق الأوسط!

ساعد كلارك في عام 1990 على تشكيل (الائتلاف الوطني لوقف تدخل الولايات المتحدة في الشرق الأوسط)، وسافر إلى العراق في وفد مع الملاكم محمد علي كلاي وآخرين، وعاد بعد ذلك إلى العراق في شباط ،1991 عندما كانت الولايات المتحدة توجه ثلاثة آلاف طلعة قصف يومياً ضد ذلك البلد.

في عام 1992 جمع كلارك لجنة تحقيق من أجل محكمة دولية لجرائم الحرب. ودعا التقرير الذي أنجزته إلى تشكيل منظمة لتنظيم النشاط ضد تدخلات الولايات المتحدة. وقاد ذلك إلى تأسيس مركز العمل الدولي في عام 1992. وفي الأعوام التالية قاد كلارك ثلاثة وفود كبيرة حملت الأدوية التي يحتاجها العراق حاجة ماسة.

وقاد كلارك الحملة الدولية لمركز العمل الدولي من أجل حظر استخدام الولايات المتحدة لليورانيوم المستنفد، وهو سلاح سام إشعاعي الفاعلية كان له دور في تناذر حرب الخليج، والزيادة في حالات الإصابة بالسرطان في العراق. وكان اليورانيوم المستنفد مشكلة أيضاً في فييك وبورتوريكو حيث جرى اختبار أسلحة كهذه على نحو واسع.

وبعد هجمات 11 أيلول ،2001 قاد كلارك الاحتجاجات الضخمة التي نظمها ائتلاف أنسر (اعمل الآن لوقف الحرب وإنهاء العنصرية)  الذي كان مركز العمل الدولي عضواً مؤسساً فيه  ضد (الحرب على الإرهاب) المتطورة.

ولثلاثين عاماً كان كلارك محامي منظمة التحرير الفلسطينية في الولايات المتحدة. وفي عام 2011 قاد وفداً تضامنياً إلى غزة.

مهمات التضامن

مرة بعد أخرى سافر كلارك لإظهار التضامن مع شعب يستهدفه البنتاغون، سواء في غرينادا أو يوغوسلافيا أو سورية، التي زارها قبل ثلاث سنوات وشارك في وقفة تضامن معها في العام الماضي. وقاد وفود تقصي الحقائق إلى كولومبيا وإلى شياباس في المكسيك لمقابلة الزاباتيين، ومرتين إلى يوغوسلافيا خلال القصف الأمريكي الأطلسي، وإلى السودان بعد قصف الولايات المتحدة مصنع المستحضرات الصيدلية هناك.

خلال حرب رونالد ريغان ووكالة الاستخبارات المركزية ضد الحكومة الساندينية، قاد كلارك وفداً إلى نيكاراغوا. وأصبح كلارك وميغيل ديسكوتو بروكمان، وزير خارجية نيكاراغوا من عام 1979 إلى عام ،1990 زميلين في النضال لوقف جماعات الكونترا اليمينية، وهي جيش بالوكالة موّلته الولايات المتحدة، وفرق الموت التابعة له.

أيد كلارك جبهة التحرير الوطني فارابوندو مارتي في نضال السلفادور من أجل التخلص من الطغمة العسكرية التي تدعمها واشنطن. وسافر إلى فنزويلا واجتمع بالرئيس هوغو شافيز وقام بزيارة بوليفيا والإكوادور.

أيد كلارك إعادة توحيد كوريا وانخرط في الدفاع عن خوزيه ماريا سيسون، زعيم النضال الفيليبيني في المنفى.

وفي عام 2008 مُنح كلارك جائزة الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان.

عشاء احتفالي تكريماً لرامسي كلارك

في قاعة الاجتماعات التابعة لكنيسة ريفر سايد في نيويورك التقى مساء 12 كانون الثاني أكثر من 350 ناشطاً سياسياً واجتماعياً ومناهضاً للحرب في الولايات المتحدة، إلى جانب دبلوماسيين من الأمم المتحدة وقناصل من كوبا وفنزويلا والبيرو وإيران وصربيا للاحتفال بعيد ميلاد رامسي كلارك الخامس والثمانين، والذكرى العشرين لتأسيس مركز العمل الدولي، وهو المنظمة المناهضة للإمبريالية والعنصرية التي أسسها كلارك في عام 1992.

عكست الأمسية طيفاً يسارياً واسعاً من الاحترام والإعجاب بكلارك ومواقفه المبدئية طوال حياته. بدأ الاحتفال ببوفيه لذيذ من مقبلات وصحون أمريكية لاتينية وجنوب آسيوية وشرق أوسطية بشكل رئيسي. ترأست برنامج الأمسية سارة فلوندرس، المديرة المشاركة للمركز، التي زارت غزة بعد محاولتين فاشلتين اعتقلتها القوات الإسرائيلية في إحداهما، كما زارت لبنان للمشاركة في مؤتمر دولي لدعم المقاومة، وزارت سورية وكتبت عنها عدة مقالات تضامنية. وأرسل الأب ميغيل ديسكوتو بروكمان، وزير الخارجية الأسبق في حكومة نيكاراغوا الساندينية والرئيس الأسبق للجمعية العامة للأمم المتحدة، رسالة مصورة على شريط فيديو يثني فيها على أعمال كلارك الإنسانية.

وكان بين الخطباء الذين أشادوا بنشاط كلارك، عابدين جبارة الرئيس السابق للجنة الأمريكية العربية لمحاربة التمييز.

العدد 1104 - 24/4/2024