جمعية أصدقاء البيئة في الدريكيش… نشاط دائم !
إذا كان يوم العطلة عند البعض مخصّصاً للنوم والاستيقاظ المتأخر والقيام بالزيارات وبعض الواجبات الاجتماعية والخروج من روتين الحياة اليومية في المنزل ورؤية المزيد من سفك الدم والقتل والمسلسلات المدبلجة وغير المدبلجة عبر الفضائيات التي باتت أكثر من الهمّ على القلب – كما يقال – فإن عدداً لا بأس به من أبناء منطقة الدريكيش من مختلف الأعمار والوظائف كان لهم كلام آخر.
لم أتردّد في الذهاب إلى مكان العمل عندما علمت من بعض أصدقائي أن هناك حملة تطوعية لإزالة الأوساخ والأوراق والمخلفات من منطقة عين الفوقا التي هي إحدى المعالم المميزة لمنطقة الدريكيش، والتي كانت قبلة السياح فيما مضى أيام كانت السياحة مقترنة باسم الدريكيش ومياهها المعدنية العذبة! وفي موقع العمل فوجئنا بخلية نحل حقيقية فالجميع منهمك في العمل وعلى وجوههم علامات الرضا والشعور بالفخر لما يقومون به.
المهندس جندب الدخيل، رئيس الجمعية، تحدث عن أهداف الجمعية قائلاً: أسّست الجمعية عام ،2010 وهي على مستوى محافظة طرطوس، ولكن مركز عملها في منطقة الدريكيش وتهدف إلى نشر ثقافة العمل التطوّعي بين الناس، وتشجيع السياحة البيئية وزيادة مساحة الأماكن الخضراء والإشارة إلى الأماكن الملوِّثة للبيئة، والتعاون مع الجهات المعنية للتخفيف من أثر هذه الأماكن. وبالمختصر أستطيع أن أقول لك بأن عملنا يتضمن كل شيء يخص البيئة.
طبعاً هناك شيء مهم في عملنا هو تعليم هؤلاء الصغار على أهمية الحفاظ على البيئة وأهمية التعاون والعمل الجماعي وتوعية الناشئة فيما يتعلق بالشأن البيئي. شاركنا في العديد من المساهمات هذا العام إذ قمنا بمناسبة اليوم العالمي للبيئة المصادف الخامس من حزيران بأسبوع بيئي نظمت فيه تظاهرة رسم بيئية للأطفال في الطبيعة، إذ رسموا كل ما شاهدوا وكل ما خطر ببالهم. وقد شارك فيها أكثر من 50 طفلاً، وافتتح معرض لتلك الرسوم في المركز الثقافي في الدريكيش، وقمنا بتوزيع شهادات تقديرية على المشاركين بهذه المناسبة.
أيضاً أجريت محاضرة عن شجرة الزيتون وفوائدزيت الزيتون في المركز الثقافي نفسه، وكان تفاعل الحضور أكثر من جيد جداً. وفي اليوم الثالث كان لدينا حملة نظافة في سوق مدينة الدريكيش، إضافة إلى تقليم وتنظيف غابة حرش العاصي في ناحية جنينة رسلان. ثم أقيمت حفلة موسيقية بعنوان الموسيقا والبيئة، وكانت هناك عروض مسرحية وعزف قام بعض الأطفال المنتسبين إلى الجمعية. هناك العديد من النشاطات التي نقوم بها بين الحين والآخر، ويأتي عملنا اليوم بمناسبة يوم البيئة العربي المصادف في 14/10 اقترحنا حملة تنظيف لمدينة الدريكيش بالكامل ابتدأناها من هذه الحديقة المهملة، التي نأمل تعاون المعنيين في مجلس المدينة لإعادة تأهيلها. وقد تعاون مجلس المحافظة ومديرية البيئة ومجلس مدينة الدريكيش وبعض الهيئات مع هذه الظاهرة.. هناك العديد ممن يتبرعون للجمعية وأنا أشكرهم على ذلك.
السيدة هالة إبراهيم، مديرة مدرسة أمين دبرها، تحدثت عن ثقافة العمل التطوعي فقالت: العمل التطوعي له أكثر من تأثير وعلى أكثر من مستوى. فمثلاً على المستوى الشخصي هو تصالح مع الذات ومشاركة ببناء جزء من هذا الوطن خارج إطار العمل الوظيفي المادي. أما على مستوى الوطن، خصوصاً في هذه الأيام، فهو تحدّ كبير للموت والخراب والحرب، وبرهان على أننا أقوياء ونعشق الحياة ونسعى لزراعة شيء جميل نتمناه أن يكون أجمل. وعلى المستوى التربوي أعتقد أن أعمالاً مفيدة كهذه أكثر من أي محاضرة.
السيد عدنان غصّة، معاون مدير مؤسسة السدود، تحدث عن معنى العمل التطوعي فقال: هذا العمل هو أقل من واجب يمكن أن يقوم به الإنسان تجاه وطنه وتجاه مستقبل أولاده. الماء والهواء من أهم مستلزمات الحياة، ولا وجود لمياه عذبة وهواء نقي إلاّ في بيئة نظيفة. ومن هنا علينا الحفاظ على بيئتنا. فلدى الناس توق من أجل الأعمال الطوعية، وكل إنسان في داخله طموح للأفضل فعلى الأهل والمنظمات تنمية هذا الطموح. ابنتي أخبرتني بهذا العمل اليوم، وعندما سألتها عن تحضير دروسها قالت بأنها حضرتها مسبقاً من أجل المشاركة.
السيدة تغريد حسين، مدرّسة لغة عربية، تحدثت عن شعورها بالسعادة وهي تشارك أعضاء الجمعية من مختلف الفئات العمرية حملة التنظيف، وقالت: العمل التطوعي ينمّي فينا الحب للعمل الجماعي والشعور بالمساواة والتآلف بين الجميع.
السيدة ميادة حمودي، محامية. تحدثت عن ضرورة القيام بمثل هذه الأعمال، خصوصاً في هذه المرحلة. وأعربت عن سعادتها بمشاركة العديد من أبناء المنطقة من مختلف الشرائح والأعمار في حملة التنظيف. وأضافت: نحن ننظر إلى الدريكيش على أنها بيتنا الكبير، وتنضوي ضمن بيتنا الأكبر سورية. ومن واجبنا جميعاً أن نهتم بنظافة بيتنا، إضافة إلى أنها تعكس جواً من المحبة والتآلف بين عدد كبير من فئات عمرية مختلفة. نحن كأننا عائلة واحدة نأمل أن يزداد عدد أعضاء الجمعية، وأن يتم التعاون والتنسيق مع جمعيات أخرى ضمن المحافظة فيما يتعلق بحماية الطبيعة وحماية البيئة.. أنا أعتقد أن ما نقوم به هو واجب علينا جميعاً تجاه مدينتنا وتجاه وطننا الذي نتنفس هواءه وننهل من مياهه العذبة.
وفي نفس المكان وبعيداً عن كرسي المكتب وحركة المراجعين كانت الآنسة نسرين بدر، رئيسة بلدية الدريكيش، تشارك المتطوعين عملهم في حملة النظافة بمناسبة يوم البيئة العربي. فتحدثت عن معاني العمل التطوعي وتنامي دور المجتمع المدني: أنا عضو في جمعية أصدقاء البيئة، والعمل التطوعي بالنسبة لي هو ثقافة مهمة جداً، ولكنها غائبة عن ذهن العديد من الأفراد للأسف. التراكمات التي مررنا بها على مدار عشرات السنين أدت إلى تراجع هذه الفكرة التي أتمنى أن تعود كما كانت في السابق. وتضيف المهندسة نسرين: إن هذه الأعمار الصغيرة التي تشاركنا العمل من الضروري تغذية فكرة العمل التطوعي لديهم ومشاركتهم وتشجيعهم. العمل الطوعي فكرة تتعلق بالمجتمع المدني، لأن العالم بالإجماع تحول إلى منظمات مدنية، أو بمعنى آخر تراجعت الإيديولوجيات في العالم، وبالمقابل أصبح هناك مجتمع مدني أو مجتمع أهلي. نحن بحاجة إلى دعم ثقافة العمل التطوعي، ومدينة الدريكيش بالإجمال ينقصها عمال النظافة! مبادرة العمل ضعفت لدى الموظف بشكل عام وترهلت حركته، وأصبحت الكرسي والمكتب من أحب الأشياء إليه، وهذا ينعكس سلباً على العمل. نقدم للجمعية المعاول والمكانس والرفوش وكل الإمكانات المتاحة. أتمنى أن يتحلى المواطن بالإحساس بالمسؤولية لأن الوطن بحاجة إلى كل جهد.
الطلاب يارا يوسف وحنين شدود وعدد من المتطوعين تحدثوا عن مشاركتهم الكبار في تحمّل مسؤولية البيئة النظيفة، وأكدوا أن دورهم يجب ألاّ ينحصر في أيام العمل الطوعي، بل يجب أن يصبح منهاج عمل يومي وسلوكاً دائماً لهم في أي مكان وزمان.