هل ستغادر سورية ثقافة كسر العظم وتهز جذع النخلة (1من 2)

Normal
0

false
false
false

EN-US
X-NONE
AR-SA

MicrosoftInternetExplorer4

/* Style Definitions */
table.MsoNormalTable
{mso-style-name:”Table Normal”;
mso-tstyle-rowband-size:0;
mso-tstyle-colband-size:0;
mso-style-noshow:yes;
mso-style-priority:99;
mso-style-qformat:yes;
mso-style-parent:””;
mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt;
mso-para-margin:0cm;
mso-para-margin-bottom:.0001pt;
mso-pagination:widow-orphan;
font-size:11.0pt;
font-family:”Calibri”,”sans-serif”;
mso-ascii-font-family:Calibri;
mso-ascii-theme-font:minor-latin;
mso-fareast-font-family:”Times New Roman”;
mso-fareast-theme-font:minor-fareast;
mso-hansi-font-family:Calibri;
mso-hansi-theme-font:minor-latin;
mso-bidi-font-family:Arial;
mso-bidi-theme-font:minor-bidi;}

(1)

معلقاً على ما جرى في مؤتمر المعارضات السورية في القاهرة، كتب الأستاذ ميشيل كيلو: (بسبب طبيعة القلة الإسلامية أو المتأسلمة التي تمسك بالمكتب التنفيذي وتالياً بقراره، الذي تتوهم أنه قرار الوطن، وتريد أن يوافقها الآخرون على أوهامها، وإلا خُوِّنوا على الطريقة التي اتبعها حزب البعث خلال خمسة عقود).

مع الاحترام للأستاذ كيلو، التخوين على طريقة حزب البعث، أحياناً أسوأ، مارسه بطاركة المعارضة التقليدية بلا ورع، انطلاقاً من نهج أُسِّسَ على أن لا فضائل للعدو أو للخصم السياسي، ولا وجود لاحتمال أن يصدر عنه فعل حسن، ولا يجوز الحديث عنه إلا بوصفه شراً. وأضف إلى ذلك ليُّ عنق مبدأ السببية، كي يصبح العدو السياسي هو السبب في كل علة كبرت أم صغرت، وإليه ترد العيوب وتوجه فواتير كل الأخطاء بغض النظر عمن ارتكبها. 

هو نهج تسرب إلى البنية الفوقية للعقل السياسي (ضمناً حزب البعث)، ومن مدارس سياسية متنوعة ليعشش عميقاً.

إن صحت تلك المقاربة كتعبير عن جانب من البنية الفوقية للسياسة يُفَعِّلُ بؤساً مزمناً في تربتها، سيبدو مشروعاً القول: إن السياسة هي من تحتاج إلى إصلاح. وما طرحته  النخب السياسية كان دائماً (الإصلاح السياسي) وبحقيبة أدوات فاسدة.

ذلك يشي بأنها كانت غالباً متآلفة مع فكرة وضع العربة أمام الحصان، ويبرر  القول، بأن ثقافة كسر العظم هي البئر الذي تستقي منه الأطراف السياسية اللاعبة على الساحة السورية، وكل حسب خرطومه.

يشير قول كوفي عنان، أن الأزمة الراهنة لا تلقى حلاً في إطار تسوية سياسية،  لأن ثمة من يصر على طلب نسبة 100%، لكون كسر عظم الطرف الآخر، هو مطلب الطرف المقابل له في الحلبة (1).

في الفيزياء الوصول إلى 100% (المطلق) مستحيل. وطلب بلوغه، هو بطاقة ركوب لقطار التدمير الذاتي. ولطالما دعا بوش عرفات لركوبه، مطالباً إياه بتطبيق ما عليه بتلك النسبة تحديداً.

تدمير قد يشمل، ليس فقط الأطراف المتصارعة، بل والبيئة التي يدور فيها الصراع.

يمكن بالتالي صياغة فرضية تقول: إن فن السياسة المعتمد سورية يحتوي عامل تدمير ذاتي للدولة وللمجتمع.

 ثمة ما يدعم صحة الفرضية، انطلاقاً من إشغال السياسة للواقع في عقود متتالية، بفكر وسلوك تشبثاً بتلك النسبة.

نجد عند السلطة، مقولة (إلى الأبد)، أي أن الراهن هو أزلي، والآخر (من خارج السلطة)، تابع عليه أن يخضع، وأن يعدّ ذلك عطاء يستحق منه الشكر. ولعقود انصرمت، كيفت السلطة لعبة (معارضة- سلطة)، بأسلوب يظهر قبولها باللعبة، ويفضي لفرض ذلك النوع من الشكر، وويل للمكذبين.

ولعقود رفضت المعارضة اللعبة نفسها، بأسلوب يتلخص بسلة شروط تحتوي حزمتان، واحدة قابلة للتنفيذ وثانية تلغي السلطة. ومن يشذ عن ذلك لا يصنف معارضاً. مؤخراً حرٌّم طيف معارض التعاطي مع السلطة، وهدد من يمارسون لعبة (السلة) بسحب رخصهم. بل وفتح مؤتمر أنطاليا مزاداً، تتم المزايدة فيه باستنباط مواقف أكثر تشدداً من السلطة.  تناذر مضاد في الشكل، لتناذر التبجيل والتعظيم الذي حظيت به السلطة، لكنه ينتمي إلى فصيلة الجينات نفسها موضوعاً.

هكذا اكتملت بجهود الطرفين (حلقة السلطة – المعارضة) المستعصية على الكسر، التي عزلت المجتمع عن السياسة وقلصت المخيلة إلى حلم بكسر عظم الآخر.

هل من أساس لذلك العقم؟.

 

(2)

يبدو أن جهود الخليفة عمر بن عبد العزيز (رض) بوقف شتم علي (رض) بعد مرور ألف شهر على معاقبة منابر المساجد به، لم تفلح بمنع  مدرسة سياسة الطغيان من أن تسود. مات العفيف الورع العادل مسموماً، وما زال واقع السياسة يعاقب من يشذ عن شرع تلك المدرسة حتى اليوم.

مدرسة ساقت الحضارة العربية الإسلامية إلى الانهيار، ليسود نهج يقوم على توكيد دونية الآخر وتكفيره وسحقه عند اللزوم. وأنتجت مواصفة مميزة لواقع العيش في عصور الانحطاط  المديدة؛ إذ ظل الفرد، مهما ارتفع شأنه، مهدداً بأن يصبح صفراً في أية لحظة.

وإذ يظهر التاريخ، أن ثمة قاسماً مشتركاً في محاولات الأمم للنهوض، تمثل بالسعي لحيازة نخب تتمتع بالكفاءة، ومن ثم نقل الكفاءة  للمجتمع. فقد استعاضت السلطات العربية المتعاقبة عن ذلك بحيازة بعض أجهزتها للكفاءة. وراحت طاحونة الواقع تدور لتطحن ما توافره أنشطة المجتمع العفوية من  كفاءة. وللإخلاص للمنهج تم تصنيع أخرى مزيفة.

عندما حاول عبد الناصر تغيير ذلك، تجمعت ضده كل القوى العربية والإقليمية التي تعتاش على تخليف مجتمعاتها.

وإذ يظهر التاريخ المعاصر للبلدان العربية، غياب معايير دقيقة ونافذة للكفاءة أو لتقييم الأداء، فإن واقعاً كذلك، كان لا بد لحماية خصوصيته من ممارسة الأحكام العرفية، التي هي من مكونات البنية الفوقية للعقل السياسي العربي، وستبقى الحاكمة بهذا القناع أو بذاك، سواء أعلنت أم ألغيت. 

 حزم من تلك الأحكام توافرت في كل مؤتمرات المعارضة خارج سورية، وآخرها حتى تاريخه كان مؤتمر القاهرة، الذي أحنى هامته لجدارٍ عَزَلَ السياسي عن التنظيمي، ثم تباهى بإصدار وثيقة تؤسس لتغيير ديمقراطي. وطلبت فيه البيعة لتدخل خارجي عسكري، مرفقة بالتهديد والتخوين.

حالة الأحكام العرفية ليست بحاجة لإعلان، فهي الحاكمة للبيئة التي تنتج السياسة، وستبقى ما لم (.. يغيروا ما في أنفسهم) (ق. ك).

ذلك توصيف أولي للحلقة المستعصية الكسر، حلقة صبتها ثقافة استبداد عميق  أتقن صناعة أدوات كسر العظم وفنه. وجُلُّ من يمسكون بدفة الأزمة اليوم، ورثوا ذلك الفن. 

ربما ذلك واحد من العوامل التي جعلت التسوية السياسية تبدو مستعصية.

هل قرأ عنان ذلك..فقال ما قال؟.

                                                                                                              

(3)

في العقد الماضي، قدمت (نخب مزيفة) سياسية وثقافية معارضة توصيفاً مزوراً (للحلقة المستعصية الكسر)، إذ حصرت بنيتها بالسلطة فقط، وذهبت لضرورة الاستعانة بقوى خارجية لكسرها (2) من أجل بناء الديمقراطية. كذبة ممتازة التحضير والإخراج.. وربما الأكثر احترافاً.

يشي القبول بالكسر من الخارج، بأن تلك  النخب لم تكن معنية بتغيير جوهر الحلقة الاقتصادي والاجتماعي، بل باستبدال من يحمل خاتم السلطة. فمن يكسر البيضة من الخارج، يفعل ذلك ليأكلها.. من يكسرها من الداخل، يحمل مشروع حياة جديدة.

باحثين عن سبيل لامتلاك ذلك الخاتم، استبدل منظرو إعلان دمشق، حجر أساس العمارة الديمقراطية الذي هو الفرد معرفاً بفردانيته كمواطن، بحجر جديد هو (المكونات)، مسوقين (نظرية) جديدة في علم الاجتماع السياسي لم يسبق أن برهن أحد على صلاحيتها لعمارة ديمقراطية (برهن واقع العراق على عكس ذلك). نظرية هدفت إلى إتاحة فرص غنية للعب على تلك المكونات، من خلال صيغة أمل أن تشق مخرجاً من عقم مزمن لمجموعات سياسية، فشل منظروها الذين صاغوا وثائقها النظرية التأسيسية في تحديد الشريحة المجتمعية التي كلفتهم بتمثيل مصالحها الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والسياسية (المدخل الطبيعي للحداثة). فكان أن عبَّرت تلك الوثائق عن مسؤولية أصحابها عن المجتمع كله، مكرسة ثقافة الشمولية السياسية (رحم كسر العظم) وبرهنت التجربة فشلهم في إنجاز مهام طرحتها تلك الوثائق المؤسسة.

إعلان دمشق لم يمثل تجاوزاً لذلك الواقع، بل أضاف محاولة تجميعه ليقع أقصى يساره في خانة الاشتراكية العلمية، وأقصى يمينه في خانة الليبرالية الجديدة، وبين الجناحين هيئات ولدت على طريقة ولادة عيسى بن مريم. لكن بدلاً  من الروح القدس كانت روح الأنا التي تبحث عن إطلالة مناسبة لنفسها هي المخصبة. وثمة أطراف منه تشابكت مع أذرع من الخارج، التي تشبكت أيضاً مع أخرى.. وهكذا زخر جسده وعقله بتناقضات وفوضى تحتاج إلى الروح القدس لإبقائها متماسكة ولو شكلاً.

لا عجب أن انفلتت روح (الأنا) تلك، لتصوغ العلاقات بين جماعة الإعلان، فتطاحن من نصبوا أنفسهم ممثلين للمجتمع كله، لاصطفاء رب لأرباب المكونات، وأسفر ذلك عن إقصاء البعض عن موقع القيادة، ودائماً لصالح الأضعف! تناذر ربما هو الأول في التاريخ السوري.. ظاهرة قد يكمن لغز شذوذها في فقد فضاء الإعلان للطاقة وللأدوات اللازمة لإنجاز التغيير الافتراضي الذي طرحه من جهة، وفي قابلية بناء علاقة مع فضاء حاو للطاقة الفعلية اللازمة لإنجازه وجعله واقعياً من جهة ثانية، ربما صادف أن الأكثر قابلية لبناء تلك العلاقة كان هو الأكثر ضعفاً في الساحة السورية، فحسم الأمر ووجد الأقوى ميدانياً والأضعف قابلية للتعاطي مع قوى خارجية.. وجد نفسه خارج القيادة.

واقعياً، كانت  فكرة المكونات خياراً ذكياً، لأنه لا توجد في المجتمع أذن فردية لها علاقة مع أولئك (البطاركة القادة)، وتصغي لهم بحكم علاقة تاريخية وطبيعية. جاء استنباطهم لأذن افتراضية مواكباً لسمة قديمة تميزهم، هي البحث عن حلول لمشاكل الواقع من خارجه، ومعاداة كل تكوين مجتمعي واقعي لا يقبل خاتمهم (منتدى الأتاسي مثلاً)،  كي تبقى الأنا الشخصية هي الحاكمة.

بطاركة ارتقى بعضهم إلى مرتبة إعطاء (صكوك الغفران والوطنية) لمن يبايع، والتلويح لمن لا، بحرمانه هو و ربعه من خبز الديمقراطية عندما تتحقق. وحصل أن حمي (باط) أحدهم من الليبراليين الجدد فقسم سورية إلى سلطة مستبدة باغية، وإلى قيادات معارضة تمتلك كل ما يلزم لبناء الديمقراطية (باستثناء السلطة طبعاً)، وإلى صامتين مترقبين، وإلى رعاع.

أضاف ذلك مزيداً من العفونة إلى تربة سياسة هي عفنة أصلاً، ومهد لتخمر أنتج هجيناً خلع مفهوم الوطن من قاموسه، وانتمى لنفسه فقط. بل وتعلم، فنون إنتاج (الفوضى الخلاقة) في مؤسسات أنشئت لخدمة مشروع (الشرق الأوسط الجديد) تحت سمع وبصر بعض (آباء السياسة). هجين لم تعد دوائر التحكم القديمة تنفع في منعه من رفع رايات تستهدف سلامة الوطن وتهدد السلم الأهلي. هجين حمته أطراف من المعارضة التقليدية، وصمتت البقية عن كشف خصائصه، متشبثة بأحد أهم ثوابتها: رفض قول ما قد تستفيد منه السلطة. في الجلسات الخاصة فقط، كان الحديث يدور حول تصنيع مؤسسات إعلامية وحقوقية لنجوم معارضة جدد، وتطلق عبارات الاستهجان لمواصفاتهم.

هجين زاد من فرصة نموه، رحيل رموز وطنية عملت كضابط إيقاع للفكر وللسياسة. رموز ليس فقط لم يتم تعويضها، بل وملء الفراغ بمن يتقنون المديح، ولكل باشا مُدّاحه.

 

(4)

لم يحصل ذلك في طرفة عين، بل نضج على مهل وأمام السمع والبصر. حمل أخصب من قاع حفرته عصور الانحطاط ومن فضاء الرأسمالية المفترسة، وفتح مساراً في الزمان والمكان لتكامل طاقات التكفيريين والليبراليين العرب الجدد. والتي انطلقت متضافرة لتدنيس المفاهيم الحاملة لما قد يكون نافعاً.

دنس مفهوم المجتمع المدني، وحقوق الإنسان، والديمقراطية، والحرية. وغني عن القول إن الجبرية التكفيرية تاريخياً، والوهابية المتزعمة لها راهناً، قد أنجزت مهام مشابهة لما يتعلق بالإسلام ومدرسته السلوكية.

ظهرت نذر انتكاس العقل المفاهيمي الجمعي العربي قبل غزو العراق، وزحفت بثبات بوجود سلطات مستبدة وغياب نخب حقيقية. تقدمت الكارثة. وهاهو ذا العقل السياسي السوري والعربي، يخوض في مستنقع قصوره، مضيفاً زيوت أورامه الموروثة والمكتسبة، ومحدوديته المعرفية، بل وطرشه، إلى نار تكتوي بها البلاد.

 

(5)

استشف الراحل سعد الله ونوس بعضاً من تلك العلل، في المستويين الفرداني والجمعي (حفلة سمر من أجل الخامس من حزيران، الملك هو الملك.. إلخ)، وبو علي يسين (الثالوث المحرم ،نحن والغير..إلخ)، لكن للأسف بقي الجهد الثقافي التنويري قاصراً عن إطلاق طاقة كافية لاجتياز فجوة صنعتها عصور انحطاط مديدة.  ولا ريب في أن عقل السلطات منذ الاستقلال لم يكن حريصاً على اجتياز تلك الفجوة، ولا ريب أيضاً أنه لم يكن الوحيد الذي يحمل ضده.

سبق للمفكر الجزائري الراحل مالك بن نبي أن تحدث عن (الأفكار القاتلة)، التي قد تنتج بيئة قاتلة، وتنتج أيضاً ما يمنع النهوض.

من مقالة حاولت تقديم صورة مقاربة لتلك البيئة القاتلة، ونشرت عام 2005 نقتبس (3).

(قروناً ونحن نخوض في رمل الانحطاط والاستبداد،  ثقافتنا ثقافة باطن وظاهر.. ثقافة شاطر تتحول العقائد الوضعية والسماوية ومفاهيم الخير والشر بيده، إلى أدوات يستخدمها ليمرق بنفسه أو ليكرس نفسه، ثقافة ممثل بارع يسعى لاحتواء كل ما حوله: تعبيراً عن خوفه منه وعن محبته له. تلك هي اللعبة.. لعبة يحكمها قانون رئيس: (الأقوى يحدد القيمة)، وكل قيمة قابلة للتحول إلى نقيضها في كل لحظة، فما كان إيماناً قد يصبح كفراً وما كان وطنية قد يصبح خيانة وما كان وحشية قد يصبح عدلاً.

 بيئة لا أمان فيها حتى للأقوى.. الذي عليه دائماً أن يضعف كل ما سواه كي يبقى هو الأقوى.

فضاء هو الأمثل لنمو وحش الفساد، الوحش الذي يأكل حتى من أرضعه طفلاً مؤسساً لفتح فضاء جديد لفساد جديد.

قروناً.. تنتج هذه الثقافة السلبية، بالكم والكيف اللازمين للمحافظة على انحطاطنا الذي ألفناه وبتنا ندافع عنه، فهو الوسط الذي نشأنا فيه والذي نستخدم (حكومات ومعارضة وأفراداً) الحديث الشريف والشعر والأدب العالمي لتعطيره.

بات الساسة هم المنتج الرئيس للثقافة، لعبوا بضوابط الحياة في بازارات السياسة وتنافسوا، غالباً، بغض النظر عن موقعهم على قيادة عربة الانحطاط تلك، وليس على إخراج المجتمعات منها.

ثمة انبثاق أنتجته ثقافات الانحطاط (الخوف والكسل والتقية).. ثقافة نفس عصرتها رحى الاستبداد طوال قرون، فصارت خاوية فارغة كرئة غريق ستبتلع كل الهواء المحيط بها إذا واتتها الفرصة).

نعرض لعينات أنتجتها تلك البيئة.

على مساحة الوطن العربي الكبير ومنذ عقود، استقرت سلطات باغية فاسدة. وعلقت في الجزائر قبل سنوات، إعلانات عرضت أجراً مقابل شغل وظيفة (ذباح بشر). واليوم، يقول تكفيريون لسكان العراق وتونس وليبيا سنقيم في بلدانكم (دولة الإسلام)، مهللين في سورية ب: (سبحان من حللك للذبح). وذاك هو طيف من المعارضين السوريين، يقبل خاتم الصهيوني برنار هنري ليفي.

ونحسب أن الرد الثقافي العربي على كل ذلك كان هزيلاً.

لقد أصاب مالك بن نبي. 

 

الهوامش:

    

1- لقد نبهت أقلام سورية وعربية من تلك الحفرة وكررت التنبيه، لكن أذن السياسة لم تسمع.

2- عرضوا النظام العالمي بصورة الواحد القهار الذي إليه ترفع التوسلات. لم يقولوا إن حلقة ذلك النظام العالمي يجب أن تكسر أيضاً، ولم يتحدثوا عن ترابط الحلقتين بسبب تلك الغاية المخبأة بحرص.                          

3- نشرت تحت عنوان (ذاكرة ثقافية لثقافة تكاد تغرق)، في النشرة الدورية (المرصد) لجمعية حقوق الإنسان في سورية قبل أن تحل بقرار وزاري.

 

 

 

 

 

 

 

العدد 1105 - 01/5/2024