الاقتصاد الإفريقي ينتج المليارديرية.. والفقر مستمر!

تشير التقارير الصحفية من إفريقيا إلى وجود مستويات غير مسبوقة في النمو الاقتصادي عبر القارة التي تحوي بعض الاقتصادات الأسرع نمواً على المستوى الدولي.

قدرت مقالة في مجلة ventures بتاريخ 9 تشرين الأول وجود 55 مليارديراً في القارة، معظمهم في نيجيريا وجنوب إفريقيا، الاقتصادين الأكبر إقليمياً اللذين ينتجان النفط والغاز الطبيعي والبلاتين والماس والذهب وموارد أخرى استراتيجية. وتحدثت صحف ومجلات أخرى عن هذا المسح للمليارديرية الأفارقة.

كتب جافيير بلاس، المحرر الإفريقي في صحيفة فايننشال تايمز اللندية في 7 تشرين الأول 2013: إن الارتفاع في أسعار الطاقة بمقدار خمسة أضعاف منذ عام 2003 (أسهم في زيادة المليارديرية في البلدان الغنية بالهيدروكاربونات. تضع اللائحة الجديدة إفريقيا على قدم المساواة مع أمريكا اللاتينية التي قالت مجلة فوربس إنها كانت في هذا العام موطناً ل 51 من كبار الأثرياء).

وتلاحظ المقالة نفسها أن (آسيا موطن 399 ملياردريراً). وتقدم المقالة إفريقيا كما لو أنها تغلق بسرعة الهوة في الثروة والإنتاج مع بلدان في آسيا كانت تعد في تسعينيات القرن الماضي مركز التوسع الاقتصادي السريع.

يشير بلاس إلى بعض الشخصيات الرئيسة التي راكمت ثروة في الأعوام الأخيرة: (أغنى إنسان في إفريقيا هو أليكود أنغوته، وهو رجل أعمال نيجيري يرتبط بصناعة الأسمنت والغذاء والنفط وقطاعات أخرى، وتقدر ثروته الشخصية بأكثر من عشرين مليار دولار. وثاني الأثرياء هو آلان غراي الرأسمالي الجنوب إفريقي الذي يتجنب الإعلام وتزيد ثروته عن 5,8 مليارات دولار. واحتل المركز الثالث مايك أدينوغا، وهو نيجيري يرتبط بصناعات النفط والاتصالات، ويمتلك ثروة تقدر بثمانية مليارات دولار).

 

احتدام الصراع الطبقي

لم يصل إثراء شتى الشخصيات والأسر وجماعات المصالح إلى العمال والمزارعين والشباب. إن استمرار وجود البطالة والجوع والتشرد ونقص التعليم النوعي يعني أن الصراع الطبقي في إفريقيا ما زال موجوداً فيها إلى حد كبير.

ظهر هذا في سلسة من الإضرابات في بلدان مختلفة، من ضمنها مصر ونيجيريا وجنوب إفريقيا، وهي من أكثر الدول سكاناً والمتطورة اقتصادياً والمتكاملة كلياً مع النظام الاقتصادي العالمي. وكانت المطالب في هذه الإضرابات ذات صلة بالأجور المنخفضة وظروف العمل البائسة وتهديدات التسريح.

بحث استطلاع للظروف المتعلقة بالعمال والمزارعين في إفريقيا، بإدارة أفروبارومتر، آراء أشخاص يعيشون في 34 بلداً، وجمع وجهات نظر نحو خمسين ألف إنسان يمثلون مختلف الفئات والطبقات الاجتماعية عبر القارة.

يستنتج من آراء هذه الجماعات السكانية أن معظم الأفارقة غير راضين على الإطلاق عن الظروف الاقتصادية العامة السائدة في بلدانهم.

لاحظ الباحثون الذي قوّموا الأجوبة: (تظل تلبية الحاجات الأساسية تحدياً كبيراً لمعظم الأفارقة، حتى في الوقت الذي تسجل فيه بلدانهم مكاسب اقتصادية مثيرة. إما أن النمو الاقتصادي لا ينتقل إلى المواطنين العاديين ويترجم إلى تقليص الفقر، أو يوجد سبب للشك في أن معدلات النمو المذكورة قد تحققت فعلاً).

ثمة اتجاه واضح في التنمية الاقتصادية الإفريقية يرتبط بنقص التخطيط الوطني والإقليمي لإقامة بنية تحتية تستطيع تسهيل التنمية الحقيقية. وفي دراسة أفروبارومتر (أظهرت المعطيات ارتباطات مهمة بين الوصول إلى الشبكات الكهربائية والماء المنقول بالأنابيب وخدمات أساسية أخرى في المجتمعات وبين المستويات المنخفضة من الفقر الذي تعيشه).

تذكر أفروبارومتر أن مستويات الفقر تقلصت في بلدان إفريقية عديدة. قال روبرت ماتيس، وهو مدير وحدة أبحاث الديمقراطية في إفريقيا، في جامعة كيب تاون: (تقلص الفقر بشكل بسيط جداً جداً). ووجدت الدراسة أن حياة الناس في زمبابوي وغانا ومالاوي وزامبيا تحسنت في الأعوام العشرة الأخيرة.

ولكن مستويات الفقر ازدادت في الفترة الأخيرة في بعض الدول ذات الاقتصاد الأكثر تصنيعاً مثل جنوب إفريقيا.

إضافة إلى جنوب إفريقيا، وثقت أفروبا رومتر ازدياد الفقر في بوتسوانا والسنغال ومالي وتنزانيا. تعكس هذه الاتجاهات النموذج الدولي الأوسع لتمركز أكبر للثروة ضمن الاقتصادات الرأسمالية.

 

الحاجة إلى الاشتراكية

لا يمكن فصل تقويم النمو الاقتصادي في إفريقيا عن النماذج الاجتماعية الأوسع في النظام العالمي. كي تحقق إفريقيا نمواً وتنمية حقيقية يجب أن يكون هناك تحول ثوري للبنى الطبقية الموروثة من تركات العبودية والاستعمار والاستعمار الجديد.

درس كوامي نكروما، الرئيس الأول لغانا المستقلة والمنظّر الرئيس للثورة الإفريقية في الفترة بين أربعينيات وسبعينيات القرن العشرين، طابع الصراع الطبقي في القارة والحاجة إلى الإطاحة بالرأسمالية وبناء الاشتراكية.

وأكد أنه كي تتغلب إفريقيا على التخلف والفقر يجب أن يكون هناك انفصال حاسم عن الإمبريالية.

يشير نكروما في كتابه (الصراع الطبقي في إفريقيا)، الصادر في عام 1970 إلى أن (الاستعمار والإمبريالية والاستعمار الجديد تعبير عن الرأسمالية والمطامح الاقتصادية والاجتماعية البرجوازية، أدى التطور الرأسمالي في إفريقيا، في ظل الاستعمار، إلى انحسار الإقطاعية وبروز بنى طبقية جديدة).

وفقاً لنكروما، يتعين على حركات التحرر الوطني والحكومات المستقلة أن تنظر إلى النضال من أجل الحرية في سياق النضال العالمي ضد الرأسمالية والإمبريالية ومن أجل بناء الاشتراكية. وأكد أن (إيديولوجية الثورة الإفريقية ترتبط بالنضال الطبقي للعمال والفلاحين إلى جانب الحركات الاشتراكية الثورية والاشتراكية العالمية).

العدد 1107 - 22/5/2024