زعماء (ناتو) يتحملون المسؤولية المباشرة عن مقتل السوريين ومعاناتهم

زوغانوف: مد «المعارضة» بالأسلحة يفاقم الأزمة ويعد تدخلاً في شؤون دولة ذات سيادة

 

 أكّد غينادي زوغانوف، رئيس اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الروسي، أن قرار الدول الغربية توسيع إمدادات الأسلحة لـ(المعارضة السورية) لا يفضي إلى إنهاء الأزمة، بل يفاقمها، وينتهك قواعد القانون الدولي، ويعدّ تدخلاً مباشراً في الشؤون الداخلية لدولة ذات سيادة، ويزيد سفك الدماء.

وفي مقابلة صحفية مع جريدة (البرافدا) الروسية قال زوغانوف: إن زعماء حلف شمال الأطلسي هم من يتحملون المسؤولية المباشرة عن مقتل السوريين ومعاناتهم، وعلى الرغم من توجههم المعلن نحو حل سياسي للأزمة، إلا أنه ليس من مصلحتهم أن يروا سورية دولة مزدهرة.

وأضاف زوغانوف: مشكلة سورية في نظرهم هي أنها حليف استراتيجي قديم وموثوق به لروسيا، لذا على الأرجح سوف يستمر الغرب كالسابق في عناده في محاولة فرض حلول بالقوة على سورية.

وأوضح زوغانوف أن الحكومة السورية لم تصمد فحسب أمام ضغط هجمات المجموعات الإرهابية الممولة من الخارج، بل تمكنت أيضاً من توجيه ضربات موجعة مضادة لها كما حدث في مدينة القصير ذات الأهمية الاستراتيجية.. مشيراً إلى أن الأحداث التي دارت حول هذه المدينة يمكن اعتبارها تغييراً جذرياً في الحرب في سورية، والآن تستعد القوات السورية للمبادرة بالسيطرة على مدينة حلب.

وشدد زوغانوف على أن المعركة في سورية أثبتت أن السيطرة عليها غير ممكن، ولكن ذلك لم يردع الغرب وحلفاءه عن الاستمرار بمحاولات الإطاحة بالحكومة الشرعية في سورية، لذلك بات يعدّ تلافي الهزيمة على الساحتين العسكرية والسياسية بالنسبة للدول الغربية وممالك الخليج، نوعاً من الذود عن (الشرف).

وأشار زوغانوف إلى أن الخبراء يؤكدون مرة تلو الأخرى أن محاولات (إسقاط سورية) هي محاولات بائسة وفاشلة، وأنه بات يتضح مع الزمن شيئاً فشيئاً أن من يدّعون أنهم (معارضة) ليسوا في الواقع إلا مجموعات من المرتزقة المكونة من حثالة العصابات المجرمة من الشرق الأوسط وأوربا، وأنهم لا يدخلون في مواجهات مباشرة مع الجيش السوري بقدر ما يمارسون النهب والسلب والقتل في القرى والبلدات السورية.

وقال زوغانوف: ووفقاً لما اعترفت به حتى منظمة حلف شمال الأطلسي، فإن نسبة 70% من المواطنين السوريين تدعم القيادة في سورية، لذلك تقوم بمحاولات محمومة لتسريع الحل العسكري وانتهاك القانون الدولي.

وأضاف: إن وضع الحكومة السورية أكثر استقراراً مما كانت تتوقعه وكالات الاستخبارات الغربية، وهذا يوضح مرة أخرى أن المحللين في منظمة حلف شمال الأطلسي يمكن أن يرتكبوا أخطاء جسيمة في تقييم الوضع الاستراتيجي، الأمر الذي يؤدي إلى اتخاذ قرارات سياسية خاطئة.

وبيّن زوغانوف أن الغرب يقوم لأسباب سياسية وأيديولوجية باتخاذ قرارات تعدّ مغامرات في المواجهة مع روسيا، ومنها القضاء على سورية، بفضل التفوق العسكري والسياسي والاقتصادي الساحق.

وأكّد زوغانوف أن العديد من البلدان الأوربية فقدت التفاؤل الأولي الذي كان لديها في البداية، وأصبحت تعترف بعدم جدوى مواصلة هذه الأزمة، وأصبحت تقر بألا ينتظر بعد أي انتصار للحرب الخاطفة، ذلك بفضل صمود الشعب السوري وحلفائه.

وأوضح زوغانوف أن ألمانيا ودولاً أوربية أخرى دعت إلى حظر توريد الأسلحة إلى المناطق الساخنة، وخصوصاً إلى سورية، وبذلك تكون الوحدة الأوربية قد تعرضت إلى تصدعات في تركيبها، ولا يدعم مسألة توريد الأسلحة للمجموعات المسلحة في سورية سوى الدولتين الاستعماريتين سابقاً فرنسا وإنكلترا اللتين مازالتا مصرتين على تقديم الدعم العسكري لما يسمى (المعارضة السورية)، ومع ذلك تحاولان إيهام العالم بالإعلان عن ضرورة التسوية السياسية في سورية.

وقال زوغانوف: إن المعارضين السوريين بذاتهم يعانون من مسألة الخلافات فيما بينهم، نتيجة اختلاف مشارب رعاتهم وكل مجموعة من المعارضة تعمل وفق مصالح راعيها، وهذا ما يحرمهم فرص توحيد مواقفهم والتنسيق فيما بينهم. وحول تعامل الدول الغربية مع المنظمات المتطرفة والإرهابية قال زوغانوف: هذا التعاون دليل آخر على النفاق المكشوف الذي يمارسه الغربيون، فهم يطنطنون على كل زاوية بأن التحدي الرئيس للأمن في أوربا والولايات المتحدة يكمن في الإرهاب الدولي، ولكنهم في الوقت نفسه يستخدمون بوعي ودون حياء تلك الجماعات التي هم بحد ذاتهم يعترفون بها رسمياً بأنها إرهابية ويقومون بتجنيد وتدريب عناصرها ومدها بالسلاح. وأشار إلى أن دول حلف (ناتو) لا تريد، بعد تجربتها السيئة المكلفة والعالية النفقات في العراق وأفغانستان، المشاركة المباشرة في عمليات قتالية على الأرض، إذ إن الخسائر في الأرواح بين جنود الدول الغربية تؤثر سلباً على الرأي العام في هذه الدول، ومن الأفضل بما لا يقاس استخدام المرتزقة في حل مشاكلها السياسية الخارجية، بدلاً من إرسال قواتها الخاصة، إذ إنها عملية أقل تكلفة، وإن القتل الجماعي لهؤلاء المرتزقة لن يسبب لها أي إحراج أمام مواطنيها.

وأضاف زوغانوف: إن العديد من المرتزقة يعودون فيما بعد إلى بلادهم، وبضمن ذلك إلى أوربا، بعد أن يكونوا قد تلقوا الخبرة العسكرية، وبالتالي فإن هذه السياسة الأمريكية والأوربية تنعكس بعواقبها الوخيمة على شعوبها، إذ إن المزاح مع المتطرفين لا يمكن أن يمر دون هذه العواقب، كما حدث في أفغانستان. وأكّد زوغانوف أن دعم سورية ينبع من جوانب هيبة السياسة الخارجية لروسيا، ومن المهم أن تدافع روسيا بقوة عن مصالحها على الساحة الدولية، وألا تتردد في دعم الحليف الرئيسي في المنطقة المهمة جداً، وألا تتخلى عنه عندما يكون في ظرف حرج.

وعبّر زوغانوف عن قناعته بأن سورية سوف تقف في هذه الحرب الضروس ضد وارثي العقلية الاستعمارية في الغرب، مؤكداً أن الشيوعيين الروس كانوا وسوف يبقون دائماً إلى جانب أولئك الذين يقاتلون ضد الاستعمار الجديد.

العدد 1104 - 24/4/2024