ما لا يتعلمه تلاميذ المدارس السورية

Normal
0

false
false
false

EN-US
X-NONE
AR-SA

MicrosoftInternetExplorer4

/* Style Definitions */
table.MsoNormalTable
{mso-style-name:”Table Normal”;
mso-tstyle-rowband-size:0;
mso-tstyle-colband-size:0;
mso-style-noshow:yes;
mso-style-priority:99;
mso-style-qformat:yes;
mso-style-parent:””;
mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt;
mso-para-margin:0cm;
mso-para-margin-bottom:.0001pt;
mso-pagination:widow-orphan;
font-size:11.0pt;
font-family:”Calibri”,”sans-serif”;
mso-ascii-font-family:Calibri;
mso-ascii-theme-font:minor-latin;
mso-fareast-font-family:”Times New Roman”;
mso-fareast-theme-font:minor-fareast;
mso-hansi-font-family:Calibri;
mso-hansi-theme-font:minor-latin;
mso-bidi-font-family:Arial;
mso-bidi-theme-font:minor-bidi;}

الحديث اليومي المتكرر عن الحضارة والتخلف يبقى دون جدوى إذا لم يستند إلى مرجعيات تصف الحضارة وكيفية الأخذ بأسبابها والمشي في ركابها، على ألا تكون المرجعيات المذكورة تجارب قائمة بذاتها لبعض الدول في هذا المجال. لأن هذه المقاربة تؤدي إلى استنساخ أعمى لا يراعي خصوصية الدول واختلافاتها الثقافية والأيديولوجية والمجتمعية.

يرى ول ديورانت مؤلف كتاب »قصة الحضارة« أن الحضارات تقوم على خمس مؤسسات هي: العائلة، المدرسة، القانون، الدين، الرأي العام، دون وجود أوّلية لإحداها على الأخريات، فهي تكاد تكون على درجة واحدة من الأهمية. لكن القصور الذي تعانيه مدارسنا واقتصار دورها على التلقين يجعلها أولى بالمعالجة والإصلاح في المرحلة القادمة، لأن الأطفال واليافعين هم عماد المجتمع، وما يبنى على أساس صحيح لا تهزه العواصف الإعلامية والدعوات المشبوهة التي قامت منذ الأزل على قاعدة استجهال الشعوب.

رغم ما يطرأ من عمليات تطوير وتحديث للمناهج الدراسية، والتي كان آخرها قبل نحو سنتين، فإنها حتى الآن لم توصِ بإحداث فرقة مسرحية وأخرى موسيقية في كل مدرسة تقدم عروضها وحفلاتها في نهاية كل فصل، وتتنافس الفرق فيما بينها بمهرجانات مدرسية تقام كل سنة، خاصة مع وجود كوادر قادرة على قيادة الفرق المذكورة من خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية والموسيقية والمعاهد الأخرى ذات الصلة. ومن نافلة القول إن الفن هو خير مهذب للنفوس، والطريقة المثلى لرفع المستوى الفكري للتلاميذ وتكوين نواة لمجتمع مثقف يتابع النشاطات الفنية والثقافية دافعاً بعجلة التقدم إلى الأمام.

كما يتوجب على هذه المؤسسة الحضارية أن تبقى على تواصل دائم مع أهالي التلاميذ فتستضيفهم باجتماعات دورية، تطلعهم فيها على الآلية التي تسير بها العملية التربوية في المدرسة، لكي تتكامل مع التربية المنزلية وتكون سنداً لها. خاصة أن الأهل غير معنيين دوماً بمتابعة ما يصدر من دراسات بمجال التربية الحديثة وآليات تطبيقها. وهو ما يتوجب على المدرسة مناقشته مع الأهل عله يساعدهم على التخلص من بعض العادات الاجتماعية السائدة التي تأكدت ضرورة التخلي عن ممارستها خلال تنشئة الأجيال أطفالاً ومراهقين.

مع بدايات الأزمة السورية وُوجه دعاة الديمقراطية بدعوى مضادة تقول: إن الديمقراطية هي ثقافة وممارسة بالدرجة الأولى، ويجب أن تكون مطبقة في المنزل والمدرسة والعمل قبل المباشرة بتطبيق آلياتها في دوائر السلطة كافة. وهنا يبرز دور آخر شديد الأهمية للمدرسة في تعزيز القيم الديمقراطية، بدءاً من علاقة التلميذ بالأستاذ، وهي العلاقة التي سيتعلم منها التلميذ لأول مرة مفاهيم القيادة والديمقراطية. لكن هذه العلاقة لا تزال حتى هذه اللحظة خاطئة وغير صحية، لأنها ترى أن المدرس على حق دوماً، وأن أي اعتراض يقدمه التلاميذ مرده نقص أهليتهم وعدم تمييزهم بين الخطأ والصواب. أي أن الطالب لن يجد من ينصفه من أستاذه أو حتى يستمع لشكواه. من هنا تبرز ضرورة إحداث لجنة للطلاب تضم مندوبين عن كل صف، يشرحون لإدارة المدرسة مشاكل زملائهم علها تنصفهم من ظلم تعرضوا له، أو حتى من تقصير أي من أعضاء الهيئة التدريسية، وبذلك نكون قد بدأنا بنشر ثقافة ديمقراطية تكاد تكون غائبة عن مجتمعنا.

يبقى المحور الأهم في العملية التربوية هو ذلك الذي كاد أن يكون رسولاً أي المعلم، ومدى إيمانه بالرسالة التي يؤديها، فهو قادر على قيادة التلميذ نحو مناهل المعرفة وتعريفه على جمالياتها وتحبيبها إليه. فعلى سبيل المثال يستطيع مدرس اللغة العربية أن يناقش تلاميذه بجمالية القصيدة موضع الدراسة بدلاً من تفكيكها وتحويلها إلى مادة جافة ترهق الطالب وتنفره منها. كذلك الأمر بالنسبة إلى بقية المواد، إذ توجد قصص جميلة تتحدث عن الاكتشافات الكبرى في العلوم والفلسفة وغيرها، وتزرع في التلميذ شغفاً نحو الإبداع وتعرّفه على (متعة اكتشاف الأشياء)، كما يقول عالم الفيزياء ريتشارد فينمان.

إن تطبيق هذه النقاط يتطلب وعياً من المسؤولين عن سير العملية التعليمية في المدارس، من مدرسين ومديرين وموجهين. علماً أن عملية التغيير غير سهلة وتحتاج إلى كفاءات عالية وإيمان بضرورة التغيير لإحداث فارق ملموس بسوية الطلاب الذين سيظلون واجهة البلد الحضارية ومفتاح تطوره.

 

 

 

 

 

العدد 1105 - 01/5/2024