في اليوم العالمي للمياه

أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً بتاريخ 22 كانون الأول 1992 جرى التصديق عليه بالإجماع، حددت فيه يوم 22 آذار يوماً عالمياً للمياه، ووجه القرار الدول الأعضاء ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات الأكاديمية بتخصيص هذا اليوم لإقامة المؤتمرات والندوات وحلقات النقاش تركز فيه على القضايا والمشاكل التي تواجه موارد المياه، واقتراح الحلول اللازمة لمعالجتها،مع التأكيد على الدعوة إلى الإدارة المستدامة لهذا المورد الهام. 

بدأ الاحتفال بهذا اليوم لأول مرة في عام 1993 وأنشأ المجلس العالمي للمياه كمنظمة معنية بالدراسات والبحوث في مجال موارد المياه، وأوكل إلى المجلس مهمة تنظيم المنتدى العالمي للمياه، الذي يعقد كل ثلاثة أعوام ويستمر لمدة أسبوع، تتخلله المحاضرات والندوات والعروض المسرحية والسينمائية والمعارض. يبتدئ عادة في 15 آذار وينتهي في 22 آذار، حيث يتم الاحتفال في اليوم الأخير باليوم العالمي للمياه كخاتمة لفعاليات المنتدى. وقد عقدت ستة منتديات اعتباراً من عام 1997 وحتى عام 2012 في كل من: المغرب، هولندا، اليابان، المكسيك، تركيا، وفرنسا، وسوف يعقد المنتدى السابع في كوريا الجنوبية خلال الفترة 12- 17 نيسان 2015.

 وفي هذا اليوم من كل عام، تعلن الأكاديمية السويدية الملكية للعلوم، اسم الفائز بجائزة استكهولم للمياه، والتي تمنحها الأكاديمية لشخصية لها مساهماتها المعتبرة في هذا المجال، ومن أهميتها أصبحت هذه الجائزة تعرف مجازاً بجائزة نوبل للمياه.          

وتحت شعار (التنمية المستدامة) احتفلت الأمم المتحدة هذا العام في مدينة نيودلهي في الهند باليوم العالمي للمياه، والذي يهدف إلى رفع الوعي بعلاقة الماء بكل مجالات التنمية، وجرى أيضاً أطلاق التقرير عن تنمية المياه في العالم.  

يمر هذا اليوم وسورية تعاني من الهجمة الشرسة التي تشنها القوى الإرهابية والتكفيرية منذ أربع أعوام، بدعم وتشجيع من الدول الاستعمارية والرجعية، حيث تعرض قطاع الموارد المائية كسائر القطاعات التنموية إلى خسائر مادية وبشرية جسيمة، تمثلت بدمار كبير في معظم منشآت مشاريع الري واستصلاح الأراضي ومشاريع مياه الشرب والاستخدام المنزلي، وتوقف المشاريع الجديدة في هذين المجالين، وسرقة ونهب معظم الآليات والمعدات والتجهيزات الثقيلة ووسائط النقل بمختلف أنواعها، وسرقة ونهب مستودعات الشركات العاملة في مجال التنفيذ والإشراف وإدارة مشاريع الري واستصلاح الأراضي، ومشاريع مياه الشرب والاستخدام المنزلي، ومشاريع بناء السدود، وحفر آلاف الآبار في معظم المحافظات، بالإضافة إلى استشهاد العديد من الكوادر الفنية.

لذلك لابد على المدى المنظور من إعداد وانجاز الخطط الإسعافية لإعادة تأهيل وإصلاح وتشغيل مكونات قطاع الموارد المائية، التي تعرضت للتدمير والتخريب في كافة المحافظات. على أن يتم لاحقاً إعداد الخطط المستقبلية اللازمة لتطوير وتحديث قطاع الموارد المائية على ضوء مراجعة وتقييم الهيكلية الحالية لوزارة الموارد المائية والهيئة العامة للموارد المائية، إضافة لكافة التشريعات والقوانين الناظمة لعمل الوزارة والمؤسسات والشركات التابعة لها. وبهذه المناسبة أيضاً حريٌ بنا أن نتذكر بكل فخر واعتزاز رجالات دمشق الوطنيين، الذين ساهموا بإقامة مشروع جر مياه الشرب إلى مدينة دمشق، ووضع حد للاتصالات، التي كانت تجري بين الشركات الأجنبية وسلطات الاحتلال الفرنسية آنذاك. فقد عزّ على هؤلاء الرجال أن يكون مرفق هام، كمرفق مياه الشرب عرضة للمساومات والتجارة بين شركات دخيلة. كما عزّ عليهم أن يروا ثروة وطنية هامة تدار ويتقرر مصيرها بمعزل عن أبناء الوطن. لذلك قاموا بتشكيل أول جمعية تعاونية في البلاد سميت (جمعية ملاكي المياه). وفي 23 شباط 1924 وقعت اتفاقية بين حكومة دمشق ورئيس بلديتها، تضمنت إدارة المشروع ونظامه العام. وكانت أهم أعمال هذه الجمعية إيجاد طريقة لتمويل المشروع وتأمين المال لتنفيذه. 

كل الشكر والتقدير والعرفان بالجميل لهؤلاء الرجال، الذين عاهدوا فصدقوا وحققوا انجازاً باهراً في تأمين مياه الشرب لمدينة دمشق، والذين حالوا دون تحويل الماء إلى سلعة اقتصادية وإنما إلى سلعة اجتماعية غير خاضعة للمساومة والتجارة. فكم نحن الآن بحاجة لمثل هؤلاء الرجال في هذه الظروف الصعبة، التي تمر بها سورية؟! 

العدد 1105 - 01/5/2024