آلام العين… الإهمال يؤدي إلى العمى

مَن لم يشعر، ولو لمرة واحدة في حياته، بآلام في عينيه؟ فمثل هذه الآلام عارض شائع، يأخذه بعضهم على محمل الجد، وهم قلة، فيستشير على الفور الطبيب المختص. أما الآخرون، وهم أكثرية، فيتعايشون مع آلامهم فترة طويلة نسبياً، قبل أن يقرعوا باب الطبيب ليكتشفوا أن تقاعسهم في استشارته لم يكن إطلاقاً لمصلحة نظرهم.

ويمكن تقسيم آلام العين إلى نوعين: آلام ناتجة من أمراض العين نفسها، وأمراض تقع خارج العين.

أما أهم الأمراض التي تسبب آلام العين فهي:

– تقرّح القرنية، وهو عبارة عن تآكل في الطبقة الخارجية الشفافة التي تغطي سطح العين نتيجة التهاب أو إصابة ما. ويعتبر التهاب القرنية الجرثومي أو الفيروسي أو الفطري، السبب الأكثر شيوعاً لنشوء القرحة القرنية، تليه أسباب أخرى أبرزها الجروح والرضوض المباشرة، ودخول جسم غريب، وجفاف العين الشديد، وإصابتها بالتحسس، واستعمال العدسات اللاصقة، وانقلاب الجفون، والتهابات العين المختلفة.

ويتم تشخيص القرحة القرنية من قبل الطبيب المختص بأمراض العين. أما العلاج فيعتمد على السبب. وفي شكل عام يصف الطبيب قطرات من المضادات الحيوية المناسبة، حسب نوع البكتيريا المسببة. وقد يضطر الطبيب إلى إضافة بعض القطرات الحاوية على الكورتيزون للتخفيف من حدة التورم والاحتقان في العين. كما قد يصف بعض المسكنات. والمهم أن تتم المباشرة بالعلاج فوراً تفادياً لحصول مضاعفات، خصوصاً تشكّل التندبات التي تسبب العمى.

– مرض الغلوكوما، وهو مرض خطير يحدث نتيجة زيادة ضغط السوائل داخل مقلة العين، ويمكن أن يؤدي المرض إلى آلام في العين، كما يمكنه أن يقود، وفي شكل تدريجي، إلى العمى، في حال لم يُعالَج بالطريقة المناسبة.

وتصبح مقلة العين في مرض الغلوكوما متوترة ومشدودة، الأمر الذي يسبب عدم الراحة. ومع مرور الوقت تختفي القدرة على الرؤية المحيطية التي يضيق مجالها تدريجياً وفي شكل غير محسوس تقريباً، فلا يبقى للمصاب في النهاية سوى القدرة على الرؤية المركزية، بحيث لا يستطيع سوى رؤية الأشياء التي توضع مباشرة أمام العين. ويمكن أن تترافق آلام العين مع تشوش في الرؤية، واحمرار فيها، وغثيان، ومشاهدة هالات ضوئية.

ويُشخّص الغلوكوما بقياس ضغط العين عند الطبيب المختص، وإذا اكتُشف فإنه يمكن السيطرة عليه باستعمال قطرات العين بضع مرات في اليوم مع بعض أنواع الأقراص الدوائية أحياناً. وعلى المريض أن يستعمل هذه الأدوية بانتظام حتى تعطي النتيجة المرجوة منها، وإذا فشلت الأدوية في خفض ضغط العين فإن حلولاً أخرى مطروحة، من بينها العملية الجراحية أو استعمال أشعة الليزر.

– التهاب القزحية، إن التهاب الجزء الملون من العين، الذي يعرف بالقزحية (التي تتحكم بكمية الضوء الداخل الى العين) يمكن أن يحدث آلاماً، إضافة إلى المعاناة من الحساسية الشديدة للضوء وعوارض أخرى، مثل احمرار العين، وعدم وضوح الرؤية، وظهور بقع بيضاء في العين. ويحصل التهاب القزحية لأسباب جرثومية أو فيروسية أو نتيجة اضطرابات في جهاز المناعة أو بعد الإصابة ببعض أنواع السرطانات.

وفي العادة، يحدث التهاب القزحية في عين واحدة، ويمكن أن تبدأ الآلام في العين المصابة فجأة أو بالتدرج، ويشتد الألم عند التعرض لنور ساطع، وتكون مقلة العين مؤلمة عند لمسها، وتصبح الرؤية ضبابية.

ويعد التهاب القزحية مرضاً خطيراً عندما يصيب الأطفال لأنه يحدث بشكل تدريجي من دون أي احمرار ولا شعور بأي ألم في العينين.

إن 80 في المئة من الأطفال المصابين بالتهاب القزحية يعانون من التهاب المفاصل، لذلك يجب على الوالدين إجراء فحوص دورية لعيون أطفالهم عند شعورهم بأي ألم مفاجئ في المفاصل، لأن التشخيص المبكر واستعمال الأدوية البيولوجية المستحدثة لعلاج الالتهابات والتورم، يسمحان بالسيطرة على التهاب القزحية والتهاب المفاصل المسبب لها. ويشخّص التهاب القزحية بفحص العين وبناء على التاريخ الطبي، وعند اكتشاف التهاب القزحية يجب علاجه بسرعة لأنه يمكن أن ينتهي بمضاعفات خطيرة، مثل ارتفاع ضغط العين، وتدمير العصب البصري، وتعتّم عدسة العين، واضطرابات في الشبكية.

– التهاب حجرة العين. إن المقر الذي تسكن فيه العين قد يكون محطة لالتهابات جرثومية تنتج غالباً عن الالتهابات المزمنة في الجيوب الأنفية. ويؤدي التهاب حجرة العين إلى ظهور عوارض شتى، مثل الآلام في العين، والاحمرار، والجحوظ، مع صعوبة في تحريك مقلة العين أو صعوبة في فتح الجفون إضافة إلى ارتفاع في حرارة الجسم، وقد يعاني المصاب أحياناً من تدهور وازدواج في الرؤية.

ويجب ألا ننسى مرض فرط نشاط الغدة الدرقية، فهو قد يكون سبباً في التهاب حجرة العين، وفي هذه الحال يشكو المريض من حزمة من العوارض، منها انخفاض الوزن، والتعرق المفرط، وزيادة ضربات القلب، والتوتر، والعصبية، والجفاف المستمر في العين، وجحوظ العين، وغيرها.

ويُشخَص التهاب حجرة العين بناء على المعطيات السريرية والفحص الطبي واختبارات أخرى يراها الطبيب مناسبة. وحالما يتم التشخيص وكشف السبب يشرع في العلاج المناسب.

– التهاب العصب البصري، ويسبب آلاماً في العين، خصوصاً عند تحريكها، وقد يستوطن في عين واحدة أو في الاثنتين معاً، وهو يعد سبباً شائعاً لفقدان البصر، ويحدث لأسباب مختلفة، منها التعرض لعدوى فيروسية أو جرثومية، والتهاب الشرايين المخية، وتناول بعض الأدوية، والعلاج بالأشعة، والإصابة بمرض التصلب المتعدد. أيضاً قد يحدث التهاب العصب البصري لأسباب مجهولة كلياً. وفي كثير من الحالات لا يمكن التوصل إلى السبب.

ويؤدي التهاب العصب البصري إلى تورم أنسجته ما يعوق الألياف البصرية عن القيام بعملها على الوجه المطلوب. وإلى جانب آلام العين يتظاهر التهاب العصب بعوارض مختلفة، مثل رؤية أضواء لامعة (الومضان) وفقدان البصر الجزئي أو الكلي، وعمى الألوان.

ويُشخّص التهاب العصب البصري بناء على نتائج الفحوص المختلفة. أما العلاج فيقوم مبدئياً على مضادات الالتهاب وعقاقير أخرى.

– الصداع النصفي المزمن، وهو يعتبر من الأسباب الشائعة لآلام العين التي قد تسبقها نوبات صداع نصفي أو ترافقها عوارض حسية، مثل الومضات الضوئية المتوهجة، والوخز في الذراع أو الساق، والغثيان، والحساسية المفرطة تجاه الضوء أو الصوت، والتشنجات المعوية، وشحوب الوجه.

والصداع النصفي شائع جداً، يصيب الجنس اللطيف خصوصاً، وأسبابه ما زالت مجهولة.

ويُشخّص الصداع النصفي وفقاً لمؤشرات عدة، منها: حدوث 5 نوبات نموذجية للصداع، واستمرار النوبة لأكثر من أربع ساعات، وتمركز الألم في جانب واحد فقط من الرأس، وتفاقم الألم عند ممارسة الجهد البدني، والحساسية الزائدة تجاه الضوء والضوضاء. وقد يبدو ضرورياً عمل المزيد من الفحوص، مثل التصوير بالرنين المغناطيسي لاستبعاد أمراض أخرى. ويعالج الصداع النصفي بتفادي العوامل المثيرة له. ويمكن الاستعانة بأدوية معينة لإجهاض النوبة، وهناك أدوية تمنع حدوث النوبة.

العدد 1107 - 22/5/2024