ورود عارية

نطق الصمت، لم يكن هذا حلم العاشق، وردة صغيرة ترتدي ثياب زفافها قبل عام، تغرد بصوتها لحن للحياة، ينسج منها ابتسامة ليطرد الحزن إلى كوكب بعيداً عن هذا العالم المجنون، في أعلى قمم الجبال ذكريات،  على الرصيف وخلف تلال العشب وفوق مقاعد العاشقين يجلس كلاهما ليتقنا شعائر الحياة.

يبني لها بيتاً في أطول معالم الخيال، يبعد عن الضوضاء وضباب المدينة، لا يسكنه سواهما وأفكارهما الفيروزية. يسجل في أولى صفحات قصيدته مجنونة أنتِ  أيتها اليعربية حقيقة وأمنية ياحبيبتي حاضرة وغائبة في كل مراسم الفرح، حين يبزغ النور من أصغر كوة في هذا العالم، أجلس أنا وأنتِ في رحم السكون، أسمك يلاحقني في كل خطواتي، في المسارات الدائرية في لحظات الألم وفي ليل قاتم لا شيء يضيء سماءه سوى أنتِ وقمر وبعض نجوم بردى، يعربية أنتِ وسط هبات الجنون، حين تتشابك الأصابع ببعضها، تضحك الورود وتخجل أمامك ، يأتي صوت صدى من البعيد فيردد : أيا حزن ابتعد عن هذا العالم واسمح لنا بأن نعشق الياسمين، بعد أن يذهب الجميع ولا يبقى أحد سوى هذا الليل المظلم بصمته المتزايد كما عرف عن نفسه قبل الميلاد.

يسمع صوتاً ينادي، لا شيء على هذه الأرض سوى أغصان مكسورة الجذوع، يصرخ للسماء ليطيل وجودها قليلاً، فيحتجب ويمتنع الصوت عن الوصول، هنا فوق أساطير  الفرح قرب صحوة الأيام وبعيداً عن أهات الدموع، يبحث عن وردة كانت تسير بقربه، تعُرف الحياة بلحن شرقي، أين كانت هي وأين تلك الابتسامة؟، يفتش عنها فوق غصن ليمون، تحت ركام وحطام وعلى رصيف تهمش من صخب الصوت، يجد وردة وقد قطفت العاصفة أوراقها بعد أن سال اللون الأحمر على جذع محبتها وأصبحت عارية لا شيء يكسوها  سوى آهات تخرج من أنينها، تمسح دمعة من مقلتيها تردد عبارات تحمل صوت حياة جديدة مهمشون نحن فقراء حتى الثمالة، نحتاج لآلاف ينابيع الحنان لكي تنسينا الرطوبة القابعة في وجدان ذاكرتنا، نحتاج لغرفة مظلمة صغيرة نشعل بها شمعة لنعرف من نحن ومن هم وأين أصبحنا من هذا العالم المتقلب الأمواج.

العدد 1107 - 22/5/2024