المهلة الدستورية وضرورة الإسـراع بتعديل القوانين التمييزية بحق المرأة

صدر الدستور السوري الجديد منذ أكثر من سنتين، واعتبر نافذاً من تاريخ 27/2/،2012 وتضمنت المادة الثالثة والثلاثون في فقرتها الثالثة: (المواطنون متساوون في الحقوق والواجبات. لا تمييز في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة).

إن ما جاء في هذه المادة، لم يرد في أي من الدساتير السورية السابقة التي اعتمدت منذ عام 1920 حتى صدور الدستور الجديد. وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على أنه استجابة لمطالب النساء السوريات ومن يؤيدهن من أبناء الشعب السوري خلال هذه الفترة من تاريخ سورية، وتأكيدهن أن حق المواطنة بالنسبة لهن يستدعي المساواة التامة في الحقوق والواجبات دون أي تمييز، وهذا يعتبر مكسباً لهن بعدما أكدن نجاحهن في مجالات الحياة كافة.

عملاً بالمادة الرابعة والخمسين بعد المائة من الدستور المشار إليه، التي تنص على:

(تبقى التشريعات النافذة الصادرة قبل إقرار هذا الدستور سارية المفعول إلى أن تعدل بما يتوافق مع أحكامه، على أن يتم التعديل خلال مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات ميلادية)، فإن المهلة الدستورية أوشكت على الانتهاء، ولم يبقَ منها سوى عشرة أشهر، ولتاريخه لم يعدّل أي قانون يتضمن مواد تمييزية بحق المرأة السورية. ونشير هنا إلى أهم القوانين التي تستوجب التعديل:

قانون الجنسية السوري، الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 267 لعام 1969.

قانون الأحوال الشخصية، الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 59 لعام 1953.

قانون العقوبات، الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 148 لعام 1949 وغيرها.

إن ضرورة الإسراع في تعديل هذه القوانين ضمن المهلة الدستورية المتبقية، له أهمية كبيرة في تأكيد المساواة قولاً وفعلاً، وتنفيذاً لما جاء في المادة الثالثة والثلاثين من الدستور السوري الجديد، وهنا ننوه بعمل اللجنة المشكلة في وزارة العدل برئاسة المستشارة الأستاذة آمنة الشماط، والمكلفة بدراسة القوانين التمييزية وتقديم مقترحاتها بالتعديل، فقد أنهت عملها وتقدمت بالمقترحات اللازمة.

إن أهمية تعديل قانون الجنسية السوري وخاصة في مادته الثالثة من الفصل الثاني، والتي لا تعطي المرأة السورية الحق بمنح جنسيتها لأولادها من زوجها غير السوري، حسب القانون المعمول به حالياً، تعتبر تأكيداً لمبدأ المواطنة الكاملة للمرأة السورية والمساواة في الحقوق والواجبات، انسجاماً مع المادة الثالثة والثلاثين من الدستور الجديد.

لذا لابد من تعديل قانون الجنسية الحالي بالسرعة الكلية، بما يسمح للمرأة السورية بأن تمنح جنسيتها لأولادها من زوجها غير السوري، أسوة ومساواة بالرجل. علماً بأنه في حال انتهاء المهلة الدستورية دون أن تعدل القوانين التمييزية بحق المرأة، تكون الفائدة من النص الدستوري قد انعدمت، وتكون المرأة السورية هي الخاسرة، وهذا ما لا تستحقه على الإطلاق. فهي تستحق المساواة الكاملة، لأنها أثبتت نجاحها في مجالات الحياة كافة من التعليم والثقافة إلى السياسة والاقتصاد والاجتماع والعمل والعطاء للوطن والأسرة.

العدد 1104 - 24/4/2024