وصم السوريات بالإجرام.. إجحاف

تتشابه الأفعال في الأوضاع الشائكة، بحيث يصبح التشابه ذا وجه واحد، تشابه في النتيجة، وهي مجتمع مُحاط  بالأزمات والتجاوزات. والأطراف المساهمة بتلك التجاوزات والأقلّ وعياً تتحمل أعباء تلك الأوضاع بنسب لعلّها أكبر مما يتحمله الآخرون. لا نعطي بذلك عذراً لمرتكبي الجريمة، لكن المحيط البائس كفيل بإحداث أعمق التغيّرات وبكل الفئات.

واستناداً لمجريات الأحداث التي جرى الإعلان عنها من قبل السلطات القضائية، فيما يتعلق بعصابات السلب والاستغلال بقيادات أنثوية، جعلتنا أمام مجموعة من المعطيات والإسقاطات، فالمعطيات عبارة عن مجموعة من النساء يمارسن نشاط السلب والسرقة ضمن خطة واحدة هي استغلال الثقة الممنوحة من قبل الجنس الآخر، فضلاً عن الصورة المعهودة لهنّ والبعيدة كل البعد عن عالم الجريمة، فإن كان الدهاء الأنثوي هو الخادم الأول في تلك الممارسات، فأين التوازن فيمن يمارس عليه الاستغلال والسلب؟!

كلا الطرفين ساهما بشكل أو بآخر في تعزيز وجود هذه الظاهرة، أما الإسقاطات فهي ما نمّته الظروف الحالية، الظروف الاقتصادية والوضع المعيشي الصعب الكفيل بتحويل القديس إلى شيطان جائع والتعامل مع واقعية الحياة تجعلنا نعترف بأنه لا يوجد خير مطلق ولا شر مطلق.

إذاً وجب التعقيب على مكتسبات الوقع والتراكمات الجاعلة من الفرد السوي آخر منحرف. وإن كانت السلبية تتغذى من محيط مشبع بالأمراض والإجرام، علينا التوجه إلى محاسبة الظروف وتعديلها للحدّ من انتشار الجريمة وتفادي تفاقمها، وبذلك نكون ضمن نطاق عمل أوسع ولكن أعمق. أما إذا كانت السلبية تتغذى من ذاتها فهذا ينافي العدل في خلقنا سواسية..

فوجود عصابات بقيادات نسائية ليس بشيء كارثي قياساً مع حجم الجرائم وفاعليها من الجنس الآخر، بل إنه ليس بمعتاد من حيث تداول الخبر. وما وجب علينا ذكره أخيراً، هو الكف عن توجيه اللوم للفاعل والانتقال إلى المسبب في ذلك، فمن المجحف وصم النساء السوريات بالإجرام  في ظلّ ظروف زادت من نسبة العنف الذي يُمارس ضدّ المرأة.

العدد 1105 - 01/5/2024