أسامة شقير: «الحرب مرت من هنا» مقولة كل السوريين قريباً

 رصد الحالات الإنسانية خلال الحرب كانت غايته فهو يرى مهمة الفن نقل الواقع الاجتماعي والحياة الإنسانية للناس ويعتبر هذا الرصد أرشفة لحالات معينة ستأتي الأجيال القادمة وتطّلع عليها، يقول: (لكن يبقى هناك حالة تركت آثاراً نفسية واقتصادية واجتماعية ستنتج مئات الأفلام والأعمال لرصدها وتحليلها وإظهار آثارها)، إنه المخرج السينمائي والتلفزيوني أسامة شقير الذي حدثنا عن الماضي والحاضر وطموحات المستقبل بتفاؤل وأمل، والبداية كانت من آخر أعماله.

* أشرت قبل بداية حواري معك إلى أن عملك الأخير (الحرب مرت من هنا) الذي عرض في رمضان ليس مجرد عمل بل بمثابة مشروع، كيف توضح لنا ذلك؟

** نعم، بداية أقول العمل من تأليف (قمر الزمان علوش) وهو مجموعة أفلام قصيرة تتحدث عن حكايات وقصص حقيقية حدثت خلال الأزمة قمنا برصدها فنياً، حملت الطابع الرمزي أحياناً والطابع الكوميدي في حلقات أخرى رغم مأسوية الأزمة وانعكاسها على هذا العمل، الأفكار في المسلسل مشروع لعدة أفلام لاحقة وستضم  نحو 30 فيلماً، لاسيما بعد نجاح هذه التجربة وتحقيقها لأصداء ايجابية كثيرة عند المشاهدين والنقاد،العمل إنتاج الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون مديرية الإنتاج التلفزيوني، وهنا سأقول أمراً مهماً أن المديرية كانت ملغاة لأسباب إدارية خاطئة والآن أعيدت إلى العمل، وهذا المسلسل أحد بواكير إنتاجاتها إضافة إلى أعمال أخرى مهمة، وقد شاركنا فيه مجموعة مميزة من الممثلين، وسأذكر للفنانة نورا رحال موقفاً جميلاً أنها شاركت في العمل من خلال أغنيتها الوطنية (خايف على بلادي) التي سجلتها سابقاً وأصبحت شارة المسلسل وبسبب إعجابها بالعمل قدمت الأغنية هدية دون أن تأخذ أي مقابل مادي.

* هناك أعمال كثيرة تحدثت عن الأزمة، هل حققت برأيك الهدف المطلوب؟

** مهما كتبنا عن الحرب تبقى كتاباتنا قاصرة لأننا نكتب بحالة عاطفية ونعيش أحداث هذه الحرب، لذلك ستكون الكتابة عنها غير منطقية فالعاطفة تطغى. في الاتحاد السوفيتي مثلاً قرأنا أهم ما كتبوا عن الحرب العالمية الثانية بعد عشرين سنة من الحرب لكني أعتقد أن تأريخ هذه العاطفة بحد ذاتها شيء مهم جداً للأجيال القادمة.

* ذكرت الاتحاد السوفيتي وهنا سأسألك ما مدى استفادتك من دراستك للإخراج هناك أو من تجارب مخرجين هناك محليين أو عالميين؟

** درست الإخراج في الاتحاد السوفيتي وعندما عدت عُينت في التلفزيون العربي السوري بمديرية الإنتاج التلفزيوني، لكن الدراسة أمر والعمل أمر آخر، فأنا مثلاً بدأت العمل في المجال الفني مخرجً منفذاً مع مجموعة من المخرجين المخضرمين والمهمين في سورية مثل علاء الدين كوكش، غسان باخوس، رياض ديار بكرلي، وكان عندي  نحو 500 ساعة دراما مخرجاً منفذاً فيها، هذا التراكم كان بمثابة مخزون مهني مهم جداً شعرت به عندما بدأت العمل بالإخراج، النجاح مزيج من الدراسة والخبرة.

* تحدثت عن النجاح، ما أهم الأعمال التي قدمتها للسينما والتلفزيون؟

** فيلم (الجدار الأسود) تأليف (هاني السعدي) وقد كان أول فيلم روائي طويل بحدود الساعتين وحصلت فيه على جائزة بمهرجان القاهرة وجائزة بمهرجان طهران الدولي ويحكي عن أزمة التقدم بالعمر، إضافة إلى العمل بعنوان (امرأة في الظل) للكاتب تينديانا فارس وسمر يزبك وحقق نجاحاً رائعاً، يحكي عن سن الحضانة للأطفال وبعد عرضه بالفعل رفع سن الحضانة بسورية، أيضاً أذكر للدكتور فتح الله عمر مسلسل (الخطر) الذي يحكي عن مشاكل الإنترنت، و(حكواتي الفن) و(المغامر)، وأعمال للأطفال مثل (يوم واحد) الذي حصلت فيه على جائزتين ذهبيتين في مهرجان القاهرة، وأعمال تربوية مثل (حديث منتصف الليل) وهي مجموعة أفلام أعتبرها من أهم ما قدمت ولها خصوصية كبيرة عندي لأني اخترتها بدقة وعناية.

* عملك مع القناة التربوية ما الذي يميزه عن الأعمال الأخرى هل يتوجه لشريحة الطلاب تحديداً؟

** نعم، وقد حمل العمل فكرة صحيحة وجريئة تذكر للدكتور طالب عمران وهي أن تصبح الأعمال الدرامية أحد الأساليب الرئيسية لعملية التربية والتعليم لقد اعتدنا في التربية على التلقين وهنا محاولة لإعطاء معلومة أو هدف تربوي بأسلوب درامي غير مباشر وهي كانت تجربة ناجحة جداً.

* ماجديدك؟

** الجزء الثاني من (حكواتي الفن) تقديم الفنان القدير (رفيق سبيعي) يرصد قامات سورية وعربية أثرت في عالم الفن سواء إخراجاً أم موسيقا أم كتابة، والآن نحضر لتناول 30 علماً من أعلام سورية والوطن العربي وسأتابع أيضاً سلسلة حلقات أعمال الكاتب قمر الزمان علوش.

* البعض استسهل العمل بالإخراج وأنت ركزت أنه خليط بين الدراسة والخبرة، حاليا كيف تنظر إلى من استسهل العمل الإخراجي؟

** هذا سؤال جميل جداً، نعم، للأسف هذا مايحدث والسبب غياب تقاليد أو صناعة حقيقية للفن الفن، صناعة وثقافة في آن، والإخراج هو موقف فكري وثقافي واجتماعي من الحياة وبالتالي هناك أساسيات فنية يجب أن يتمتع بها أي شخص يعمل بالفن

* البعض غادر سورية من الفنانين وقد برر ذلك مارأيك في الغياب والتبرير؟

** من ينتمي لوطنه لايرحل عنه انا احترم من بقي من السوريين هنا وتشبث بأرضه وبلده أياً كان فنان أم غير فنان هناك من بقي رغم قدرته على الرحيل كالمخرج نجدت أنزور الذي بقي وقاتل من خلال الفن والإعلام.

* لكن البعض يبرر بأن سورية تتعرض للكثير من المخاطر التي تعيق عملية التصوير وهي لم تعد استديو مفتوحاً ماذا تقول؟

** نعم نتعرض لبعض الإشكاليات أثناء التصوير ونعمل أحياناً تحت القصف والخطر والخوف لكننا كشعب سوري اعتدنا على هذه الطريقة من الحياة وهذا بحد ذاته أعتبره صموداً ولا اعتبر هذا مبرراً للخروج من سورية الموت قدر يصيبنا أينما كنا من اقتنع بهذه الفكرة لايكترث لحرب أو غيرها، عندي أمل سيردد السوريون بعد فترة عبارة الحرب مرت من هنا.

* أسامة شقير هل أنت راض عن نفسك؟

** الرضا غير موجود عند أي فنان أي هو رضا نسبي يرتبط بطموحات قادمة اما لماذا تأخر طموحي فذلك يعود لأسباب مادية وحياتية وظروف نص، لكني كنت وسأبقى متفائلاً بالمستقبل.

حوار: ريما الزغيّر

العدد 1105 - 01/5/2024