بانتظار ولادة سورية الجديدة

كلما تلقت العصابات التكفيرية المسلحة ضربات مؤلمة من الجيش السوري، أو فشلت في السيطرة على مقاومة بلد ما، أمطرته انتقاماً بوابل من صواريخ و قذائف تطول المواطنين الأبرياء.

أظن أنه لا يوجد في سورية بلد هطلت عليه مثل هذه المتفجرات، بمقدار غزارة ما تلقت منها بلدة جرمانا الصامدة، لقد وصل عددها في بعض الأيام إلى العشرات و تجاوز الخمسين توزعت على أنحاء مختلفة من البلدة،لذا اعتاد السكان عليها، لأن الخوف إذا تكثف و استمر، يصبح طبيعياً التعايش معه لمن لا حول ولا قوة لديه لمواجهته أو التهرب منه .

التجأ أحدهم إلى صديقه و الانهيار قد اخذ منه كل مأخذ، وقال له: (راح أجن)، هل تستطيع أن تدلني على زاوية آمنة في كل جرمانا؟

لا يوجد…

عامل توجه إلى عمله بدراجته مزقته قذيفة، طفلان كانا يلعبان في شرفة بيتهما قتلا معاً، امرأة تسير في الطريق حصدها صاروخ، طفل راقد في غرفته تلقى شظية أنامته إلى الأبد، قل لي ماذا أفعل؟ لست أدري، في كل لحظة وأينما كنت أتوقع أن أصاب بصاروخ يضع حدّاً لحياتي، أنا مشروع قتيل جاهز، أفكر بالهجرة الداخلية، سأفقد عملي الذي أعتاش منه، ثم لا طاقة مادية لي على تحمل مصاريفها، أرجوك ساعدني ورسّني على بر أمان، أجابه صديقه:

* افعل كما يفعل سكان جرمانا،

** ماذا يفعلون؟

* يتمثلون بالقول الدارج ( حط راسك بين الروس وقول يا قطاع الروس) ودع الأمور للمصادفة أن تفعل فعلها فترتاح، لأن التشبث بالمكان في مثل هذه الظروف هو شكل هام من أشكال مقاومة الإرهابيين، بانتظار الحل السياسي لأزمتنا المستعصية، وتنفيذ الإصلاحات المطلوبة من أجل أن تولد سورية الجديدة الديمقراطية تخيم عليها العدالة الاجتماعية.

العدد 1107 - 22/5/2024