الإنسان ابن بيئته

 الإنسان ابن بيئته، مقولة شائعة صحيحة ودقيقة، فقد قال جون لوك في نظريته:
(إن الإنسان يولد وعقله صفحة بيضاء، وكل ما يقوم به الإنسان من سلوك هو عبارة عن شيء مكتسب من البيئة المحيطة)،
ونتيجة التربية والتعليم المختلفة من شخص إلى آخر، نلاحظ هذا الاختلاف في العلاقة بين الأشخاص، وخاصة فيما يتعلق بحياة الرجل والمرأة وتكوين الأسرة، فكل طرف يحمل تربية وسلوكية البيئة والأهل المنحدر منها، وتلعب الثقافة والعادات والتقاليد الدور الأساسي في نشأة الفرد، إذ نرى العلاقة التي تبدأ سلبياتها بالظهور بشكل واضح وطفيف هي العلاقات الأسرية بين الرجل والمرأة،
والتي تكون في البداية مُحاطة ببعض التحفظات حيال كل طرف لنيل الرضا، وبعد ذلك تبدأ الأمور بالوضوح، إذ لم يعد بمقدور كل من الطرفين الاستمرار بحجب سلوكياته عن الآخر، وخاصة عند ما يصبحان تحت سقف مشترك فلا مجال للاستمرار في زيف المشاعر،
وهنا تسوء العلاقة لأن كل طرف يرى الأمور من منظوره الذي يعتبره الأصح.
وفي كثير من الأحيان يُصاب أحد الطرفين بالإحباط، وعلى الأغلب تكون المرأة هي المُحبَطة، لأنها تكون قد بنت كل آمالها على هذا الرجل الذي كانت تظنه نصفها الآخر، وشريك الدرب ورفيق المستقبل، لتنشب الخلافات المُحاطة بتدخلات الأهل غير المفيدة ولا المناسبة أحياناً كثيرة.
هذا التوتر في علاقة الرجل والمرأة غالباً ما يكون عند ما تختلف البيئة، ولاسيما حين تكون المرأة من بيئة تواكب التغيير وتنتقل بالزواج إلى بيئة مختلفة أو مناقضة وما شابه، فتبدأ المشاكل بين الزوجين لوجود بعض الضوابط أو القيود المفروضة في بيئة الرجل، فتصاب حياتهما الزوجية باليأس ويتسلل الفتور إلى حياتهما،
لكن المقياس ليس ثابتاً، ولا يمكننا التعميم، لأن بعض النساء تستطيع تفهم هذه السلوكيات وتحاول أن تتأقلم معها، فلا تجعل منها عائق أمام حياتها الأسرية. بالمقابل بعض الرجال يستطيع التخلي عن بعض الضوابط الصارمة في حياته، ويتأقلم مع طبيعة الزوجة لتستمر قافلة حياتهما المشتركة بالسير.

بالنهاية أغلب الاختلافات والخلافات في حياتنا يكون منشؤها التربية والعادات والتقاليد، إضافة إلى سلوكيات الفرد المكتسبة من أسرته وكيفية نقل هذه السلوكيات للآخرين ومدى تقبلهم لها، التي تتضح بشكلها الصحيح دونما زيف في عشرة الأفراد بعضهم مع البعض الآخر، وخاصة في علاقات الخطبة والزواج،
لأن الطرفين لا يمكنهما الاستمرار في تزييف تصرفاتهما دائماً، فزيف المشاعر والمجاملة وتمويه السلوك سبب مباشر وقوي للتوتر وإحباط أي علاقة، وجعلها علاقة مشوهة ومبتورة تؤدي إلى نشوب خلافات تعيق مسيرة الحياة الأسرية.

العدد 1105 - 01/5/2024