الرجل والمرأة.. والغاية الدفينة

 اقتضت الطبيعة الأزلية للعلاقات البشرية المؤلفة من طرفين (رجل وامرأة) مجموعة من التجاذبات والتباينات، تجاذبات بحكم وجود الغريزة الخارجة عن إرادة البشر (ضمن الحالة الطبيعية).

هكذا يبدو جلياً أن دواعي الاستمرارية هي التي حددت إطار العلاقة بين الرجل والمرأة ضمن عواطف وانجذاب متزايد، بفعل الغريزة الجنسية أولاً وداعي البقاء ثانياً.
ويمكن القول بموضوعية إن أكثر التجاذبات تحت مسمى الحب ليست صحيحة بالمطلق، على اعتبار وجود أشخاص ذوي توصيف مُغاير لعلاقة الرجل بالمرأة كعاشقين، كحب الأصدقاء والأقرباء،
فالحب في هذه الحالة الخالية من الدوافع أقلُّ سمواً مقارنةً بعاطفة الحب (الجنس وطرق الإشباع).
أما بالنسبة للتباينات الموجودة بفعل العادات والتقاليد والثقافات، فضمن البيئة التي تسمح بالاختلاط العملي ووجود علاقة تواصل بين الرجل والمرأة بما تقتضيه حاجة المرحلة المتطورة المعيشة في الوقت الحالي، تكون الفرصة أكبر للتقرّب من الآخر، وبناء علاقة معه قريبة للمنطق وضوابطه،أما البيئة المغايرة لسابقتها، فتحدد علاقة الرجل بالمرأة في حدود الإنجاب بالفعل الغريزي البحت.
وبالتطرّق إلى التباينات بين الجنسين (الرجل والمرأة)، كفروق بالقيم والاحتياجات ولغة الحوار والبنية السيكولوجية، فإن قيم المرأة من حب وتواصل وجمال تجعلها تشعر بالحب حيال موقف ذكوري تحلى باللباقة، فضلاً عن بنيتها السيكولوجية والعقل برباطه الموثق بعاطفتها.

أما بالنسبة لقيم الرجل ذي الطبيعة الرافضة للمساعدة والغامضة إلى حدٍ ما، فتحدد مدى معاناة المرأة في الفهم والمبادرة.

وفي نظرة عامة إلى البشر أجمعين، نجد أن كل شخص حالة بحد ذاتها، حالة مختلفة تماماً عن الأخرى، من طريقة تعامل ومبادئ واحتياجات، تتفاوت أولويتها من شخص إلى آخر، هنا يكون الأمر أكثر تعقيداً.
لكن عندما ننظر إلى المحرك الأساسي لتصرفات البشر تجاه بعضهم البعض ألا وهو (الغريزة الجنسية)، هنا تتحدد أي علاقة تربط كل اثنين بهذا المعنى فقط.

فالطباع البشرية المختلفة تُبقي احتمال عدم التفاهم ونجاح العلاقة أمراً طبيعياً جداً، فلا داعي لإلقاء اللوم على الآخر، وعلى وجه الخصوص في العلاقة الزوجية، سواء استمرت أو كان مصيرها الانفصال، فليس ذلك بالأمر الكارثي، والصراعات النفسية وحالات التعلّق والاعتياد تبقى بحاجة إلى مبدأ أولي وهو توقع الانفصال والتعتيم على فكرة أننا أنصاف بشر والآخر المكمل، هنا نخفف من حدة حالة الانفصال عن الآخر. ففكرة أن نرى الآخر على أنه مختلف كلياً وغير قابل للتغيّر واعتماد التقبّل لا التنمر هو ما يجعل علاقاتنا أكثر ثباتاً.

 

العدد 1105 - 01/5/2024