ما هو المستوى الذي وصلت إليه التنزيلات في ظل الفوضى السعرية؟!

السؤال الذي يطرح نفسه دائماً: هل يوجد خطوات عملية مباشرة للحد من ارتفاع الأسعار وتحديد آلية رقابة لمنع الغش والاستغلال والتلاعب والجشع..؟

ولماذا لا نلاحظ سحب الرخص من أي تاجر أو بائع مخالف للأنظمة والقوانين، وخاصة مع تنامي ظاهرة تجار الأزمات؟ وهذا بالطبع خلق حالات من عدم الاستقرار، وتسبب ذلك في ارتفاع الأسعار وزعزعة السوق وغياب الاستقرار وتنزيلات وهمية، ثم رمي الاتهامات هنا وهناك وتحميل الغلاء والارتفاع الكبير في السلع والمواد لمبررات غير موضوعية.

فمشكلة ارتفاع الأسعار ليست من النوع الذي لم يسمع به المسؤولون  وأصحاب القرار، فالأسعار ليست أفكاراً على قارعة الطريق، بل هي آلية وضوابط من حيث الإعداد والدراسة والتخطيط لتقديمها على واقع الأسواق والخروج من عشوائية السوق.

وفي ضوء ما تقدم، وأمام هذا المشهد، هل تلقى مواسم التخفضيات والتنزيلات ما ترتقي له الأسواق تجاه المواطن…؟

هل يصبح في الإمكان تسجيل براءة اختراع لارتفاع الأسعار وآلية عمل الأسواق المحلية التي يفترض أنها خاضعة للضوابط القانونية..؟ يستطيع أي مشاهد أو مستهلك اكتشاف الخلل فيها، فالأسعار ترتفع بين ساعة وأخرى، فمن يطّلع على واقع الأسواق وآلية عملها لأول وهلة يدرك حجم المشكلة وكبرها وكبر الحل المطلوب للتخلص من عشوائية السوق وارتفاع الأسعار.

 ونحن لسنا نتنبأ بالحل، فهو استنتاج منطقي استناداً إلى الواقع العام والوقائع التي تقصيناها ميدانياً في ظل ضبابية الآليات المعمول بها في الأسواق والتخفيضات في المحلات التجارية وفق القوانين والأنظمة، وأيضاً اللقاءات التي أجريناها مع مجموعة كبيرة من المواطنين الذين أجمعت آراؤهم على أن البائع يستنزف المستهلك والوطن.

يقول أحد المواطنين إن حالة الفوضى التي نعانيها في أسواقنا باتت تتطلب وقفة من الجهات الرقابية المعنية، ومنها في مواسم التخفيضات، ويتطلب موضوع تحرير الأسعار إعادة تقييم لهذه المرحلة في ظل الظروف الحالية، ومعرفة هل تحرير الأسعار حقق الغاية المرجوة منه فعلاً وخدم المستهلك؟ وهل خدم الجودة والمنافسة الشريفة بشكل عام أم ساعد أصحاب المحلات والتجار على التلاعب والغش والجشع؟ المستهلك بالعامية هو رب العمل لأنه من يدفع، وبالتالي هو القادر على ترويض السوق وضبطها ضمن قدراته الشرائية، لكن اليوم واقع الأمر خالف ذلك، فالأسواق في ظل الظروف الحالية تعاني الفوضى والمستهلك هو المجني عليه، إن لم نشتر فأين نذهب؟ فهذه أسواقنا ونحن مضطرون للشراء، وعليه ينبغي على الجهات المعنية إعادة تقييم آلية ضوابط عمل السوق وتبيان جدوى ارتفاع الأسعار الذي لا مبررات حقيقية له.

 أما السيدة ماجدة فتقول إن التنزيلات ما هي إلا حركة تسويقية من جانب ومن جانب آخر هي حركة بيع ضمن الأسعار وهوامش ربح حقيقية، والتنزيلات التي نشاهدها بالمحلات والأسواق لم تلامس مفهوم التنزيلات كما هو متعارف عليه عالمياً، واللافت للنظر على واجهات المحلات شعارات للتخفيضات وهم يغالون في الشرح أنهم يبيعون بسعر التكلفة.

يقول أحد أصحاب المحلات: نحن البائعين ملزمون ومضطرون لإجراء تخفيضات على الأسعار السلع والألبسة، بسبب حركة الركود وارتفاع الأسعار وقلة البيع، فالوضع الاقتصادي للمستهلك في ظل الأزمة يدفعه لشراء المواد الاستهلاكية والغذائية فقط، أما الكماليات فهي مؤجلة، وأكد أن المحلات تبيع بضاعتها بسعر التكلفة وتزيد عليها هامش ربح بسيطاً جداً، المهم أن لا تتكدس البضاعة.

ووصف بائع آخر في السوق موسم التنزيلات بالجيد، وأكد لنا أن التنزيلات هي حقيقية لا وهمية كما يروج عليها البعض، وبالتالي فإن هامش الربح وتخفيض الأسعار محدد، إلا أن حركة البيع الكلية غير مجدية ونحن كمحلات نبيع بهامش ربح قليل.

بنظرة عامة يشار إلى ارتفاع الرقم القياسي لأسعار المستهلك، وبحسب آراء المواطنين والمهتمين بهذا المجال فإن الوضع الراهن حقق مكاسب مالية كثيرة لكثير من المنتجين والمستوردين والبائعين، فقد أهملتهم الأرباح لشراء العقارات على حساب المستهلك صاحب الدخل المحدود، والتنزيلات التي يعلنون عنها ما هي إلا وهمية وغير خاضعة لقوانين التجارة، وهذه التنزيلات والعروض لا تحتاج من متعاطيها إلى الكثير من العناء أو الجهد أو التكلفة اليوم، قفزت الأسعار إلى خمسة أضعاف السعر السابق وأكثر، فالعروض والتنزيلات طريقة سهلة للحصول على الأموال بشعارات وعبارات جياشة، ونحن اليوم أمام تغيير للأسعار يومياً وهو يؤثر تأثيراً كبيراً علينا وعلى قدراتنا الشرائية.

 فالأسواق تعاني الفوضى والأسعار غير مقبولة، فهل يعقل أن يباع حذاء صيني ب 3000 – 5000ل.س، وإذا أخضع للتخفيضات يباع حسب نسبة التخفيضات المعلن عنها، فالأسعار غير منطقية والمشكلة عامة والبائع رابح في كلا السعرين، فالبنطال يكتب عليه 4500 ل.س، ثم يباع بتنزيلات 30-40%، والقشاط يباع على أساس أنه جلد، وهو بسعر 2500 ليرة، ويباع بالتنزيلات 50%، ألا ينبغي إعادة النظر بموضوع التنزيلات بحيث تكون حقيقية لا وهمية؟ فنحن نرى العديد من التجاوزات والمخالفات والانتهاكات في السوق، وهذا ما لاحظناه مباشرة، ذلك أن بعض المعنيين يقصرون في القيام بواجبهم في مراقبة تحرير الأسعار والعروض والتنزيلات ومتابعة الآلية لهذه المواسم وتسجيل أي مخالفة ووضع حد لكل من تسول له نفسه استغلال الظروف، ولابد من تحديد الأسعار لا تحريرها، فقد ثبت تماماً فشل تحرير الأسعار.

العدد 1105 - 01/5/2024