سألني الصغار

سألني الصغار الذين أفزعتهم أصوات الانفجارات المتوالية في عمق الليل، للمرة الألف: ماذا يحدث؟ من يضرب على من؟ ولماذا؟ ومن الأشرار ومن الأخيار؟ ومتى سنعيش حياتنا بلاخوف وقلق؟

لم أعرف انتقاء الكلمات المناسبة التي تهدّئ من روعهم، إذ لم تعد تقنعهم الشروح البسيطة المعتادة التي تدفعهم للسكوت.

كيف أشرح لهم لماذا يضربون سورية، ومن يلعب في مقادير الشعوب، والصورة المؤلمة التي يرونها عبر الشاشات عن العائلات السورية المهجّرة، وصور الأطفال القابعين وراء الأسلاك في مخيمات القهر، والأطفال الذين اغتالتهم البراءة؟ كيف أقول لهم لماذا يتألمون ومن سرق أمانهم وأمانيهم وطفولتهم؟!

كيف أشرح لهم لماذا تركنا بيتنا منذ أربع سنوات على عجل، بثيابنا فقط؟ ولماذا نعاني الآن في تدبير أمور عيشنا؟!

كيف أشرح لهم لماذا لايستطيعون أن يذهبوا إلى بيتهم ليجلبوا لعبهم فقط، ومازالوا يحلمون أنهم سيعودون ويرونها سالمة حيث تركوها؟!

كيف أقول لهم إن بيتهم وحيّهم ومدرستهم نالها الخراب، وأن الكثيرين من الأعزاء الذين كانوا حولنا غادروا الحياة إلى غير رجعة، وكثيرون غيرهم  من الأقرباء والأصدقاء غادروا إلى أصقاع الأرض ولن يرونهم ثانية، والبعض منهم أضاع البوصلة ولم يفهم مثل صغاري ماذا يحدث وأن يجب عليه أن يكون؟!

لن أستطيع أن أقول لهم إن الأمور لن تعود إلى سابق عهدها أبداً، وإن حياتنا وحياتهم تغيّرت إلى الأبد، وإن تحديد قائمة الأخيار والأشرار معقّد في عالم خان الجار جاره، وقتل الأخ أخيه، وتبعثرت الأشلاء هنا وهناك على مساحة الوطن.

ليتكم ياصغاري تنامون على قصصي السابحة في الخيال، فالإجابة صعبة عليّ، وحتى لو أجبتكم لن تفهموا الآن!

العدد 1105 - 01/5/2024