واقع المرأة..أكثر أشكال الطاقة المهدورة

شهد العصر الذي بات فيه التعليم متاحاً لعامة الناس نهضة وانتشاراً لوسائل الإعلام.. ويساهم الإعلام بشكل كبير في تكوين شخصيات الشباب والفتيات خاصة في باكورة شبابهم، إذ تتأثر ميولهم تأثراً كبيراً بما يطرحه الإعلام. فإن راقبنا أعداد الشّابّات المتقدمات لبرامج الأغاني وما شابه، نجدها أعداداً ضخمة وهي تشكل النسبة الأكبر من المتقدمين.
بالمقابل، تذكر الإحصائيات أن النسب الأقل من الحاصلين على الدرجات العلمية العُليا كالدكتوراه والبروفيسوراه هي من الإناث، وأن العاملات الشهيرات في ميدان البحث العلمي والعلوم التطبيقية قليلاتٌ جداً في أيامنا هذه ، ولعلّ السبب كما ذكرنا هو كون الإعلام والعائلة لا تشجع الفتيات على الخوض في المجالات العلمية
إضافة إلى طبيعة سيكولوجيا المرأة، التي تُشير كتب علم النفس والانثروبيولوجي إلى أنها كائن ذو منحى تفكير ذاتي، وهناك كم هائل من المقولات حول المرأة لكبار العلماء والفلاسفة والمفكرين والأدباء، من أمثال أينشتاين والدارونيين وشكسبير وطاغور ونيتشه وتوفيق الحكيم.. إلخ
تُبيّن الفارق الجوهري في طرائق تفكير الرجال والنساء، ومنها على سبيل المثال ما ورد في كتاب قصة الفلسفة للكاتب (ول ديورانت) تحت عنوان العبقرية..
وهناك أيضاً عدد من الباحثات اللواتي أدركن مواطن الخلل في طرائق تفكير المرأة وكتبن فيها مؤلفات عدّة.. وبالطبع ليس المقصد من هذا الحديث هو القول بأن الرجال أفضل من النساء، لكن الصيرورة والسيرورة في المجتمعات منذ القدم كانت تؤطر وتقيّد المرأة إلى أن صار الحال على ما هو عليه.
ولكن مع تقدم الزمان وتطور المجتمعات ستزول هذه الفوارق السلبية، غير أن ما تراكم عبر عشرات آلاف السنين لن يزول في بضعة عقود..
والتعليم ورفع عتبة الوعي الجمعي هو السبيل لاستثمار كل طاقات المجتمع من نسائه ورجاله إلى أقصى مدى في ميادين التقدم كافة.. وعلى الأنثى أن تدرك أننا عندما نبحث عن مقولات خالدة وفكر وحِكَم تظهر لنا مقولات ذكور والقليل القليل من مقولات الإناث، بينما إذا بحثنا عن مقولات وتصريحات حول الحالات الشكلية من موضة وأزياء ومساحيق تجميل وفضائح مشاهير.. الخ فأغلبية المقولات والآراء هي لنساء.

على الأنثى أن تدرك أن ذلك يتحقق بناءً على خياراتها في الحياة وعلى مدى انصياعها لأنماط تُشكّل مفهوم الرجل عن الأنثى أكثر من حقيقة الأنثى التي تجسد أكبر طاقة كامنة وأكبر طاقة مهدورة وغير مرشدة على سطح الكوكب.
إن ما يجعل الفرد ينطلق من نطاق العطاء للأسرة إلى العطاء الإنساني بأوسع مفاهيم الكلمة هو التحرر من الخوف وعدم التأثّر بضغوط المجتمع وأحكامه وإرادته..
فمن استطاع أن يقدّم أعلى أشكال العطاء على مستوى الأسرة يستطيع بلا ريب أن يقدّم العطاء الأكبر على صعيد البشرية قاطبة.

 

 

العدد 1104 - 24/4/2024