دماغ المرأة ليس أقل من دماغ الرجل

لم تكن المرأة في يومٍ من الأيام ناقصة عقلٍ، كما صوَّرها المجتمع الذُّكوري الرَّامي لفرض هيمنته وسيطرته عليها، فلولا المرأة لم تُكتشف أموٌر كثيرٌة على مرِّ التاريخ، والزِّراعة مثال تاريخي لا يزال من أهم مقوِّمات استمرارية الحياة البشرية، وعلى مرِّ الأزمان والحقب التَّاريخية وتطوُّر الحياة بأوجهها العديدة سواء في العلوم أو الأدب أو السِّياسة أو المجتمع أو …

كان أثر المرأة وحضورها واضحاً وملموساً، إلاّ أن العقلية الذُّكورية التي تعمل على تقييدها ومنعها من الإنجاز أدَّت إلى أن تُشنَّ ضدّها حرب شعواء وشرسة أزلية حتى في الدول المتطورة التي تتبجَّح بالمساواة وحقوق الإنسان، فتحرمها من حقِّها في التَّقدُّم وتطوير قدراتها ومهاراتها بأشكالٍ مختلفةٍ، كتقييدها في الحصول على المراتب العليا أو في الشَّهادات كالماجستير أو البكالوريوس أو الدُّكتوراه.

وبالرَّغم من كل الصُّعوبات والتَّمييز على أساس الجنس، استطاعت العديد من النِّساء على مستوى العالم فرض وجودهن وإثبات كفاءاتهن، وأنهن لسنَ أقلُّ عقلاً من الرَّجل، فأسهمن في تطوير مجالات عدَّة على مستوى العلوم والتكنولوجيا بمساهماتهن العلمية التي أثبت العلم مدى دقتها، والأسماء كثيرة لكنها للأسف مُغيّبة.

فعلى مستوى العالم العربي كانت الدُّكتورة أسمهان الوافي من المغرب المختصَّة في علم الوراثة قد نالت العديد من الجوائز لتصبح من أهم 20 امرأة في قائمة النِّساء الأكثر نفوذاً وتأثيراً في مجال العلوم.

كما أنَّ الفلسطينية النَّابغة إقبال محمود الأسعد دخلت موسوعة (غينيس) للأرقام القياسية لتخرجها بمرتبة الشَّرف كأصغر طبيبة في العالم، متخطِّيةً بذلك القانون الأمريكي الذي يفرض أن يكون عمر الطالب 21 عاماً عند التَّخرج.

أما الدُّكتورة لبنى تهتموني من الأردن فقد حصلت على شهادة الدُّكتوراه من جامعة كولورادو الأمريكية عام 2005، وقد تركَّزت أبحاثها على مجال هجرة الخلايا وانتشار السَّرطان وأسباب عقم الرجال، لتنال فيما بعد عدة جوائز منها:

جائزة الخرِّيج الدَّولي المتميِّز من ذات الجامعة، وكذلك جائزة معهد الملك الحسين للتُّكنولوجيا الحيوية عام 2009، إضافة إلى جائزة مؤسسة لوريال_ اليونيسكو  للمرأة العربية في مجال العلوم الحياتية 2011، وجائزة منظَّمة المرأة في مجال دعم العالمات العربيات في مجال العلوم من نفس العام، واختارتها مجلة International Educatorضمن أربع نساء أكاديميات مؤثِّرات على المستوى العلمي الدَّولي.

ومن السُّعودية، الدكتورة حياة سندي الحاصلة على درجة الدُّكتوراه في أدوات القياس الكهرومغناطيسية والصَّوتية من جامعة كامبردج والتي جعلتها أيضاً أول امرأة عربية تحصل على الدُّكتوراه في التِّقنية الحيوية، هي مؤسِّسة ورئيسة معهد التَّخيُّل والبراعة، وقد ابتكرت تطبيقات متعدِّدة في نواحي مختلفة للصِّناعات الدَّوائية، والفحوصات الجينية والحمض النووي DNAالخاصَّة بالأمراض الوراثية، كما اخترعت مِجَسَّاً للموجات الصَّوتية والمغناطيسية يمكنه تحديد الدَّواء المطلوب لجسم الإنسان والمعروف اختصاراً بـ(مارس MARS) ما دفع وكالة (ناسا) إلى أن تقدِّم لها عرضاً مغرياً للعمل معها.

هذه بعض الأسماء التي عزَّزت موقع المرأة في العالم بأكمله، بالرَّغم من مقاومة الهيئات المانحة للجوائز كجائزة نوبل العالمية فحتى عام 2015، مُنِحَت الجائزة لـ 822 رجلًا و48 امرأة و26 منظمة، فازت 16 امرأة بجائزة نوبل للسَّلام و14 في مجال الأدب و12 في مجال الطب أو علم وظائف الأعضاء و4 في مجال الكيمياء و2 في مجال الفيزياء وواحدة وهي إلينور أوستروم في العلوم الاقتصادية.

إذاً لا يمكننا إنكار الأثر الإيجابي للمرأة على العالم بالرَّغم من جميع الصُّعوبات والتَّحديات والعوائق، ولا يمكننا الاختباء خلف معايير مزدوجة وأفكار ذكورية وأغلاط عقائدية، فالكثيرات استطعن مجابهة هذه التَّحديات واستطعن خلق تغيير في مجالات علمية مختلفة على مستوى العالم، مما يجعل وجوب الاحتفال بإنجازاتهن مُضاعفاً.

 فليكن الحادي عشر من شباط يوماً لرفع القبَّعات انحناءً لتلك الجهود ودافعاً للمزيد من التَّقدُّم الذي سينعكس بالضَّرورة على البشرية جمعاء.

العدد 1104 - 24/4/2024