الرفيقة والصديقة العزيزة فتحية العسال… وداعاً!

رائدة لسنوات طويلة في النضال العربي والعالمي.

عنوان لقضية كبيرة هي المرأة الإنسانية.

همها الأساسي إنسانيتها، وعملت بقوة لانتشالها من الدونية والتبعية.

ساهمت في المعارك الوطنية قبل أن يكون للمرأة حق المشاركة في الحياة السياسية، مناضلة شيوعية بامتياز منذ نعومة أظفارها، ما من معركة أساسية على طريق التحرر والتغيير إلا وكانت ورفيقاتها  في طليعة صفوفها.

نصف قرن وأكثر من النضال المشرف تابعت فتحية العسال ورفيقاتها بخطوات ثابتة من خلال الحزب الشيوعي المصري وحزب التجمع انتزاع الاعتراف بحقوق المرأة، في محاولة تغيير الكثير من القوانين المجحفة بحقها بعزم وإصرار على المتابعة، فقضية المرأة بالنسبة لها جزء لا يتجزأ من القضية الاجتماعية والوطنية العامة. استمدت ورفيقاتها القوة من آلام المكافحين، من معاناة المرأة، من أجل لقمة العيش، من أجل حقوق الإنسان، ومن أجل الديمقراطية والتقدم الاجتماعي والاشتراكية.

حققت بنضالها مع رفيقاتها في الاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي في المركز الإقليمي العربي التابع للاتحاد حضوراً مرموقاً على الساحتين العربية والعالمية، ورافداً أساسياً من روافد حركة التحرر الوطني العربية وإنجازاتها، مما أدى إلى سجنها الكثير من المرات.

وفي معترك الحياة السياسية والعمل النسائي الاجتماعي اقتحمت فتحية عالم الكتابة والمسرحية الجريئة، وتعتبر أول أديبة عربية تعرض أعمالها على خشبة المسرح، ومنها مسرحية (المرجيحة). و(من غير كلام).. بعدهما قدمت للمسرح تسع مسرحيات ناجحة ومثيرة.

(لام ألف همزة لا) و(البين بين) و(بلا أقنعة) التي اعتقلت بسببها، لأنها تعلن رفضها لاتفاقية كامب ديفيد. ومسرحية (سجن النساء). التي كتبتها بين جدران السجن.

كتبت العسال نحو 57 مسلسلاً تلفزيونياً من أبرزها (رمانة الميزان)، (شمس منتصف الليل)، (حبال من حرير)، (بدر البدور)، (هي والمستحيل)، و(حتى لا يختنق الحب).

كما نشرت مذكراتها الجريئة تحت عنوان: (حضن العمر)، إضافة إلى كتابات عديدة للتلفزيون والسينما.

حازت جائزة الدولة للتفوق في الآداب عام 2004.

لقد دخلت فتحية الأديبة الثورية الرائعة عالم الكتابة المسرحية بثقة كبيرة علماً أنها لم تتمكن من إكمال دراستها المتوسطة، فرضت حضورها بشخصيتها المتميزة وثقافتها العالمية وموهبتها الفائقة وأثبتت قدرة المرأة على النجاح، ومن يتابع أسلوب كتابتها الذي له طابع عاطفي يلامس القلب والوجدان ويدخل القلب قبل العقل، والذي يدخل القلب لا بد أن يدخل العقل حسب تعبيرها.. كما يؤخذ عليها أنها تكتب بأسلوب نسائي يغلب عليه الضعف والعواطف والمشاعر.

تقول: المرأة تكتب برومانسية فائقة مطلقة، وهذا أمر طبيعي بحسب تكوين شخصيتنا ونفسيتنا. كانت كل أعمالها الفنية تعبر عن هموم العصر وأحداثه الجسام، وقد طغى على المسلسلات التلفزيونية التي كتبتها الطابع الإنساني الإبداعي الذي ميز حضورها كشخصية كاتبة وفنية.

وقد اتسمت بعقل منفتح وعين نقاده إلى جوهر الشياء وكانتأشياء، وكانت متجددة في كل مراحل الزمن، دائمة الابتكار متوجهة الرؤية علماً من أعلام الإبداع في الدفاع عن المرأة في القرن العشرين.

ستبقى فتحية العسال رمزاً للمناضلات العربيات، بأفكارها التقدمية المساندة لقضية المرأة وشعوبنا المضطهدة وتحررها. وهي من الكاتبات والكتاب المبدعين الذين أنجبتهم  مصر.

ورابطة النساء السوريات التي آلمها جداً رحيل المناضلة فتحية، والتي تربطها بها صلات حميمة وعميقة من خلال النضالات المشتركة في المجلس الإقليمي والعربي واجتماعاته التي كانت تعقد في دمشق وبيروت، وفي المؤتمرات العالمية، تتقدم بتعازيها الحارة من حزب التجمع المصري ومن رفيقات الفقيدة وعائلتها بأحر التعازي.

ستبقى ذكرى فتحية خالدة في قلوبنا..

فتحية العسال

مناضلة مصرية وكاتبة معروفة، عايشت ثلاث حروب، وزارت المخيمات العربية والملاجئ أثناء حصار بيروت، ومجزرة قانا، وملجأ العامرية في العراق.

عايشت النساء العربيات اللاتي عانين الحروب وآثارها.

ساهمت في الندوة التي أطلقتها منظمة الصليب الأحمر الدولية في دمشق تحت عنوان (النساء والحروب)، في أوائل عام 2002 وقدمت شهادات حية وقصصاً واجهتها معبرة عن دور المرأة في الحروب وما يترتب عليها من صعوبات.

أثناء العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 ساهمت في تكوين اللجنة النسائية للمقاومة الشعبية، وتدربت مع النساء على الإسعاف والتمريض وحمل السلاح.

وقد فقدت جنينها أثناء رمي قنبلة وانبطاحها على الأرض، تقول: بدت الحرب أكثر بؤساً حين وقعت هزيمة عام 1967 وانعكاس ذلك على المرأة يبدو حين تفقد الأبناء والزوج، وما يحتم ذلك من ضرورة الترميم، مؤكدة ضرورة (انتشار لجان المقاومة وتجهيزها لتكون على أهمية الاستعداد في الحرب وتعزيز مشاركة المرأة في السلم والحرب).

العدد 1105 - 01/5/2024