أسعار المشتقات النفطية وانعكاساتها..

 في الندوة الثالثة لجمعية العلوم الاقتصادية فرع اللاذقية التي أقيمت بالمركز الثقافي بجبلة يوم الثلاثاء 16/ 8/ 2016 بعنوان (الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية لأسعار المحروقات) أجمع الحضور على التأثيرات السلبية لأسعار المحروقات على كل نواحي الحياة، مما أوصل التضخم إلى ما يوازي ألف بالمئة، بمعنى ارتفاع الأسعار عشرة أضعاف ولبعض السلع أكثر.

و كان هذا التضخم حصيلة ضعف أداء وزارة حماية المستهلك، وضعف دور مؤسسات التدخل الإيجابي، وعدم العمل على سعر صرف حقيقي والعمل على استمرار التخبط بسعر الصرف اتجاه الدولار. كل هذا انعكس على تردّي القدرة الشرائية للمواطن بحيث أن الأسرة المؤلفة من 5 أشخاص أصبحت بحاجة إلى ما يفوق 260 ألف ليرة شهرياً، بعد أن كانت قبل الأزمة بحدود 30 ألفاً- حسب تقديرات المكتب المركزي للإحصاء.

وأكثر ما تأثر بسعر المحروقات هو النقل والتنقل الذي أصبح يستهلك أكثر من 70 بالمئة من وسطي الرواتب، وأكثر من وسطي الأجر، وكلنا يعرف شمول تأثير سعر المازوت على كل النشاطات الاقتصادية والاجتماعية من زراعة وصناعة وسياحة وخدمات وبناء وإنشاء، ويترافق رفع سعره برفع أسعار منتجات القطاع العام ليزداد التضخم بدلاً من امتصاصه، هذا ما جعل الكثير من المزارعين يتركون الزراعة، فسعر فلاحة الدونم صار 4000 ليرة سورية بعد أن كان 200 ليرة، وتكلفة النقل ونقل البضائع تضاعفت مما قلّص الأرباح وجعل المردود ضعيفاً أمام متطلبات المعيشة، وكذلك حصل كساد في سوق البناء إلا لبعض المحسوبيات. وكذلك أدى هذا الارتفاع إلى تقلص كبير في العلاقات الاجتماعية وخاصة بين الريف والمدينة وبين المدن.

وكان أحد الحضور قد قدّم دراسة مقارنة بين عامَي 2010 و2016 مع تبيان اختلاف سعر الصرف، ووصل إلى نتيجة أن السعر عادل وأقل من التكلفة، ودعا إلى الترشيد بالاستهلاك. وهنا تدخّل الحضور ورئيس الجلسة لافتاً نظر الأخ المتكلم إلى أن سنة القياس الحقيقية 2005 عندما لُعب على ما يسمى رفع الدعم بما يحابي قلة اقتصادية والبنك الدولي ومؤتمر واشنطن، مما هشّم الطبقة الوسطى وجعل حوالي مليون شخص يتركون أراضيهم من دير الزور وإدلب ودرعا ليسكنوا غير مستقرين حوالي المدن الكبرى، وكذلك يجب عند المقارنة ذكر سعر برميل النفط عالمياً في سنة الأساس حين وصل إلى 150 دولاراً، والسعر الحالي الذي لم يتجاوز 50 دولاراً.. ثم تكلم الحضور عن المعاناة القاسية لمعيشة الشرفاء وأجمعوا على أنه لا يمكن العلاج من دون عودة الدولة عبر مؤسساتها وعبر إصلاح القطاع العام وعبر تشاركية صحيحة لا مزايا تمنح للقلة من أملاك الشعب.

 وكانت الندوة قد بدأت بالوقوف دقيقة صمت إكراماً للدم السوري الطاهر، وتكلم رئيس الجمعية باللاذقية الدكتور سنان علي ديب حول اختراع الحكومات السابقة أي اسم وطريقة لتمرير رفع المحروقات بحجج عدة: سحب الدعم وإيصال الدعم لمستحقيه أو عقلنة الدعم للوصول إلى رفعه.. وكان هذا نهجاً عاماً بدأ بحكومة العطري والدردري، وتابعه النائب الاقتصادي فيما بعدها، فحقّق ما عجز عنه الدردري لصعوبة ممانعيه وترك الساحة بعد تنفيذ المطلوب لحكومة الحلقي… وأصبح الوضع المعاشي لـ90% من الشعب تحت خط الفقر. ورغم صعوبة الأزمة وخسائرنا التي تعجز أي دولة عن تحمّلها إلا أن اختباء هؤلاء خلفها لتمرير القرارات كان عكس التيار ولا يحابي البيئة الحاضنة للمؤسسة العسكرية رمز وحدة الأرض والدم. واختتم بالقول: من دون إعادة النظر بسعر المازوت والصرف فإن الأمل ضعيف، وإن العودة لسعر 30 ليرة للتر يكلف الحكومة 430 مليون دولار سنوياً تعود أضعافاً مضاعفة على الناتج المحلي ومستوى المعيشة علماً أن حجم المواد المهربة للسوق السورية ومن دول أزّمت البلد بحدود 230 مليون دولار شهرياً.. ومع هذه السياسات يُعمل على ثقافة ترشيد الاستهلاك ومكافحة تهريب الوقود..

وأخيراً سيكون النصر لشرفاء هذا البلد في مواجهة معركة الإرهاب الاقتصادي الموازي للإرهاب المسلح الذي لجؤوا إليه بعد فشلهم بتحالف المؤسسة العسكرية وشرفاء البلاد.

العدد 1107 - 22/5/2024