جوهر الأدب الصهيوني

المجتمع الصهيوني مجتمع غير متجانس في نسيجه وتركيبه الاجتماعي القائم على التمييز العنصري بين الطوائف الشرقية (السفارديم) الذين يعاملون بمرتبة ثانية، والأشكناز، وهم اليهود الوافدون من أصقاع المجتمع الأوربي (الغرب) والذين يسيطرون على كل مناحي الحياة في هذا الكيان، ولهم الأفضلية في المناصب الحكومية الرفيعة.

على صعيد التعليم والثقافة يعتبرون اللغة العربية هي لغة من هم دون البشر، وفي مناهجهم التعليمية يفرّقون بين الطلاب القادمين من أوربا، والقادمين من إفريقيا.

فعلى مستوى المدارس الرسمية والكليات المهنية فإن مديري هذا السلك لا يظهرون حماساً في قبول أولاد يأتون من مدارس ابتدائية تقع في الأحياء أو المناطق المعروفة بمستواها الثقافي المتدني، ويندر وجود طلاب من إفريقيا في فروع الإلكترونيات، وفي المدارس المهنية للبنات نلمس تقييماً مماثلاً بين الطالبات القادمات من شمال إفريقيا اللواتي يتجهن عادة نحو الفنون المنزلية والخياطة، لا نحو دروس السكرتاريا، وينعتون هذه الشريحة القادمة من الشرق ومن شمال إفريقيا بالتخلف الفكري، بينما تبقى الاختصاصات الرفيعة من شأن الطالبات المنحدرات من أصول أوربية.

وعلى مستوى التربية فإنهم ينفخون في عقول الأجيال الناشئة كل أشكال الحقد والكراهية والتعصب ضد كل ما هو عربي، ويصورونه بالإنسان الباحث عن سفك الدماء وبتخلفه عن ركب الحضارة وأنه لايزال يتخذ من الخيمة مسكناً.

هذه السلسلة المترابطة في العقيدة الصهيونية والتي تنمو كالفطريات في السلوك الصهيوني وتعشش كالورم السرطاني في ذهنية قادتهم الذين يفهمون أن الصلح الذي ينشدونه ينطلق من موقعها الحالي ومركز قوتها الراهن، ولا يرغب في الرجوع إلى جذور القضية التاريخية، أي أنه يفترض وجود الدولة الصهيونية في وضعها الحالي.

ومعنى ذلك أنه لا يرغب بطرح مسألة الغزو الصهيوني الفلسطيني ضمن إطارها التاريخي والحقوقي المشروع.

لذا فإن النتيجة الحاصلة مسبقاً هي ترسيخ الاستيطان الصهيوني وتوطيد دعائمه، ويتجاهل كل صلح أو سلم يتحقق بمعزل عن الطرف الأصيل والمعني بالقضية يزيد في حدة النزاع ويعمق جذره، لأنه يتجاهل أصحاب الحق المشروع ويتحاشى الاعتراف بكيانهم وبلوغهم سن الرشد على مستوى الوعي القومي.

ويجنح الأدب الصهيوني كما غيره من المؤسسات الصهيونية إلى التطرف في نهجه وسلوكه التعليمي الرافض للسلام.

أفرايم تسيدون، واحد من الشعراء الصهاينة الذين يجسدون الصهيونية في الجانب الثقافي عن روح الأيديولوجيا الصهيونية التي ترسم علامة بارزة في الأدب الصهيوني، ولتتكامل النظرية قولاً وممارسة كتعبير عن مجتمع الدم والجريمة دون رتوش، فهي تفضح ذاتها، وهذه القصيدة ذات الوجه الوقح تعبر عن موقف الصهاينة من السلام.

ونترك كلمات القصيدة التي تحكي معنى السلام الصهيوني، وهي موجهة إلى منظمة التحرير الفلسطينية ليستوعب الطرف الآخر أن السلام لا يمكن أن يأتي إلا من فوهة البندقية فقط:

لن نحاور

يا مردخاي غور

سأقص عليك قصة

حتى لو تخلت المنظمة عن قيادتها

حتى لو حول ياسر عرفات

اسمه في حفل رسمي

ليكون موشيه

وحتى لو تخلى الفدائيون عن أسلحتهم وعقيدتهم وأرسلوا بطاقات تهنئة

لكل بيت يهودي

في رأس السنة العبرية

حتى لو شاركتنا المنظمة في بناء المستوطنات لليهود القادمين الجدد

وحتى لو أعلنوا أمام الملأ أن الضفة الغربية أرض يهودية

وحتى لو قامت نساء فتح بنسج قبعات الصوف لجنود إسرائيل

وحتى لو استقبل أهالي الضفة جماعات غوش أمونيم بالأغاني والزغاريد

وحتى ولو اعترفوا بالدولة اليهودية

وقدموا لنا أموال التبرعات التي يتلقونها

وحتى لو التزم ياسر عرفات أمام الملأ بأننا الذئب وهم الغنم

وحتى لو نقلوا اللاجئين إلى القطب الشمالي

ورفعوا رايات الهزيمة أياماً وليالي

وحتى لو تحولت سيوفهم إلى أقلام ومساطر

فلن نجالسهم أبداً ولن نحاور.

العدد 1105 - 01/5/2024