سفّاح يقتل بالقلم..!

 باب القاعة كبير والطلاب يحتشدون في أحد الأيام العالمية لحرق الأعصاب يوم قد يحدد المصير في الترفع أو في المكوث بذات العام!

آلاف الطلاب تخفق قلوبهم خوفاً من النتيجة قبل التقديم أصلاً!.

هاهو ذا الطالب في مقعدٍ ما وفي ذات القاعة مخاوفه تتكالب في رأسه ويحاول جاهداً أن يحافظ على ماتبقى لديه من معلومات قد سرق القلق نصفها! ليبدأ بعدها العد التنازلي لتوقيت الامتحان.

وتعبث الضجة بالمكان:
تحذيرات وتهديدات يمليها الموكلون بمراقبة أجواء الامتحان! جو الامتحان المفروض أن يعمّه الهدوء والسكينة كي يستجلب الطالب ماقد محاه التوتر إلا أنهّ اعتماداً على ما اشتكاه الطلاب فهو ليس كذلك!

قال الطالب س.م: إن بعض المراقبين يدخل القاعة وكأن ثأراً وقع بينه وبين الطلبة يفتتح الجلسة الامتحانية بالتوبيخ وبالنبرة العالية إضافة إلى الشتائم التي لا يخلو الأمر منها!

توزّع الأوراق بعد ذلك على الجميع بالتساوي.. (ثمّة همس) أو إذا صحّ القول ثمّة جريمة حصلت كما أخبرنا أحد الطلاب واصفاً (ر.ل): أنه اتُهم بالغش دون سابق إنذار له وطرد من الامتحان سواء أكان مرتكباً لتلك الجناية أم كان مظلوماً!

(فياما بالحبس مظاليم)!

هاهي ذي الضجة تعمّ المكان ويطرد الطالب ويعاود المراقبون سمفونية البداية بصوت عالٍ لإعادة الوضع إلى ما كان عليه ومن ثمّ يتركون الطلاب كي يعودوا للكتابة وينشغلون بنقاش أمورهم الحياتية فيما بينهم على مسمع الطلاب، والتشويش غيّب ذاكرة بعض المُمتَحَنين القريبين منهم مضافاً إليها جمل تعترض حديثهم الخاص:
(عينك بورقتك،لاتتلفت،تعا قعود هون،….إلخ)، أما هذا الطالب أو ذاك الذي لم ينصت لأحدهم فسيواجه مصيره المشؤوم لأن ذاك (الضبط) من نصيبه وسيُهْدِر حقه في التقدم للامتحان دورتين أو أكثر على التوالي!!

فقد ذكر أحد الطلاب المتعرضين لهذا الموقف م.ب:
لمجرد أنني فاوضتُ على طردي من القاعة قامت المراقبة بتمزيق ورقتي الامتحانية وحرمتني بذاك الضبط من عدد من الدورات!

السؤال:كيف لهؤلاء المراقبين التقليل من شأن الطالب واحترامه وهو  سيصبح مثلهم على حدّ سواء وربما أعلى!

السؤال الآن: هل من الحق أن نعامَل نحن طلاب الجامعة المثقفين الذي يتوجب على الجميع احترامنا كوننا جسور البلد نحو المستقبل معاملة لاتمت للاحترام بصلة؟!

كيف لنا أنا نعادي أنفسنا ونكسر أقدامنا بإيدينا كي لا ننهض؟!

لم نُظلم ونحن أصحاب حق يروح تعب ليالينا على مواد تخنق دماغنا بالضجة سدى! وامتحان تكون قلوبنا فيه مستعجلة خوفاً من الامتحان ودوريات المراقبة تحطم باقي معنويانتا!

ونتساءل بعد كل هذا(ليش في خيار وفقوس)؟؟!

فقد أفادنا أحدهم ص.ل: أن ثمة طلاب ينجحون (بالمصاري)

أي يتفقون مع أحد المعنيين بشكل أو بآخر بمعلومات تكفل لهم النجاح بالمادة مقابل مبلغ مادي لا يقلّ عن 50 ألف ليرة لكل مادة!!

وذاك لأنه مدعوم يستطيع التحرك خفية كي يستفيد ويفيد!

فيتحسن وضع أحد أولئك الطلاب ويضيع مستقبل الغالبية بعد مرورهم بكلّ تلك الحالات التي تمّ عرضها على مدار سنين من الدراسة والتي مازالت تتزايد تعقيداً!

فكيف لنا أن نعالج وجعاً مقيماً في أعصاب الطلاب وتعباً يستوطن عروقهم ونحن نمتحن دراستهم في بضع دقائق لا تتجاوز الساعتين بظلّ أجواء امتحانية تعجّ بنسمات البرد شتاءً والاختناق حراً في الصيف دون مراعاة لطاقاتاهم التحملية!

كم سيكلفهم الأمر بعد من معاناة ودراسة للمواد نفسها مرات عدة ولسنين تمرّ وهم ينتظرون التخرج في الجامعة دون عدل مفروض من الجهات المعنية.

وجديرٌ بالذكر آخراً أن نعبّر عن احترامنا الخالص للمراقبين الذين يوفرون التعامل المناسب للطلاب دون ضوضاء تعكر صفو سلسلتهم الفكرية التي تتقطّع في ظلّ قاعة لم يُعرف بعد إذا ما كان يسودها امتحان أم عرض للبطولات..

قاعة .. سيرتمي مستقبل أولئك الطلاب الممثلين لبلدٍ كامل على أيدي سفّاحها القاتل بالقلم!

 

العدد 1105 - 01/5/2024