الطفولة السورية تتذوق مرارة الحرب

فادي الياس نصار:

قدرت “اليونسيف” في العام التاسع للحرب، اي عام 2019، أن حوالي 8.4 مليون طفل سوري، أي ما يعادل أكثر من 80 في المائة من عدد الأطفال في سوريا، يتأثرون الآن من الحرب الدائرة في البلاد، وأن الحرب على سوريا، قد أعاقت تعليم 3 ملايين طفل في جميع أنحاء البلاد، جراء تدميرها لرُبع مجموع المدارس الحكومية والخاصة.

وقد تنسى “اليونسيف” ومعها المنظمات الإنسانية، أن هناك حوالي 80 في المائة من أطفال سوريا، فقدوا فرداً واحداً على الأقل من أسرهم، وأن 90 في المائة من المناطق التي شهدت نزاعات بين الحكومة والإرهابيين، جرى فيها تجنيد الأطفال للقتال، واستخدامهم كدروع البشرية، وإشراكهم في عمليات الإعدام، والعمليات القتالية وعمليات الحراسة، كما تم فيها تدريبهم على استخدام الأسلحة والتجسس والهجمات الانتحارية والتهريب وغيرها، وسجلت بعض المنظمات الحكومية وغير الحكومية، تعرض ملايين الأطفال، لصدماتٍ جسديةٍ وإصاباتٍ خطيرة إثر رصاص القناصة وقذائف الهاوون وشظايا الانفجارات. وسجلت تعرُض ألاف الأطفال للإغتصاب، فيما تمت سرقة أعضاء أطفال أخرين وبيعها، وانتشرت ظاهرة زواج القاصرات في مناطق سيطرة تنظيم “داعش” ، وتعرض الكثير الكثير من الأطفال للعنف الجسدي، أضف الى ذلك إنتشار الأمراض والأوبئة، التي هددت حسب “منظمة الصحة العالمية” بشكل صريح حياة ألاف الأطفال وخصوصاً في المناطق الشرقية والشمالية الشرقية ( الرقة- دير الزور ).

عداكَ عن أن الحرب قد زادت نسبة الفقراء السوريين ما أدى بدوره إلى تسرب نسبة كبيرة جداً من الأطفال، من المدارس وتوجههم الى سوق العمالة اليومية، وتسببت سنوات الحرب الثمانية الى حرمان الطفولة السورية، من أساسيات الغذاء، وأعاقت نموهم الطبيعي، ومما لاشك فيه أن غالبية الأطفال السوريين سيحتاجون مستقبلاً الى دعم معنوي وعلاج نفسي حقيقي يخرجهم من الأثار السلبية للمشاهد الدموية.

اليوم وخوفاً من عقد مؤتمر لإعادة إعمار سوريا، على شاكلة “مؤتمر الكويت” (مؤتمر ناهبي العراق)، لدى الشعب السوري أسئلة، يريد من دول الاستعمار الجديد وأعداء الحياة الطبيعية، أن يجيبوا عنها:

أولاً:ماهي مشاريعكم السحرية التي ستجعل من الطفل السوري إنساناً متزناً عقلياً، منتجاً،مبدعاً، وتعيد له ماخسره من حياته؟ ثم ماهي الخطط التي ترسمونها لإعادة مكونات الوسط البيئي السليم الذي سيعيش فيه أطفال سوريا (هواء نقي –مياه شرب نقية متوفرة- غطاء أخضر غني )؟

أنتم تعلمون، أن الخاسر الأكبر من الحرب العالمية على سوريا، خلال السنوات الثمانية الفائتة،هم الأطفال، لأنهم دفعوا من حياتهم ومستقبلهم ثمن هذه الحرب التي يدعمها ويمولها رعاة الإرهاب،لذلك فحري بالمنظمات الإنسانية والحكومة السورية والدول التي تسن أسنانها للحصول على حصة كبيرة من كعكة إعمار سوريا، أن تعد برامج وخطط تساعد في إعادة تأهيل جيل كامل من أطفال سوريا الذي دمرت الحرب كل أحلامه، وهنا لابد من الإضاءة على نقاط قد تفيد كل من يريد إعادة إعمار البشر قبل الحجر :

– تأمين الحصص الغذائية اللازمة ليعيشوا حياة صحية كاملة وتوفير برامج الرعاية الصحية للأمهات والأطفال.توفير برامج الرعاية الصحية للأمهات والأطفال،

-توفيرالمساعدة والدعم النفسي، ليتخلص الأطفال من أثار الحرب .

-توفير برامج لمحاربة الجهل والأمية من خلال إعادة الأطفال الى مدارسهم.

-وضع برامج لتوظيف الأطفال (فوق 14سنة) في وظائف تحفظ كرامتهم، والقضاءعلى ظاهرة استغلال الطفل عبر العمالة المبكرة، والتسول والتشرد وغيرها.

– ضمان الأمن والأمان، للوصول الى حياة هادئة تسمح للطفولة أن تحلم وتبدع.

– الإهتمام بالأسرة كحاضن أساسي للطفل والضامن الحقيقي لمستقبله.

-العمل على إزالة كافة أشكال التلوث التي سببتها الحرب سواء في (الماء-الهواء –التراب) وإعادة الحياة الى الغطاء الأخضر في البلاد.

ختاماً نقول: إما أن تعمل الدول التي ستشارك في إعادة إعمار سوريا، بجد لإعادة تأهيل هذا الجيل من الأطفال، وإما أننا سنشهد مستقبلاً، جيلاً فوضوياً بامتياز سيقود المنطقة كلها وليس سوريا وحسب، ربما الى حروب أكثر ضرواة وأشد فتكاً.

العدد 1105 - 01/5/2024