هل الطلاق هو الحلّ؟

د. عبادة دعدوش:

ارتفاع نسب الطلاق بشكل متزايد، خاصة الذين لم يمضوا وقتاً كافياً بعد عقد القران، من أهم الظواهر المُعقّدة والتي تتطلّب فهماً عميقاً للأسباب والتداعيات المُحتملة لهذا الواقع الاجتماعي. فالحقيقة أنه لا توجد إجابة واحدة تشرح كل جوانب هذه المسألة، إذ إنها تتأثّر بعوامل مُتعدّدة تشمل عوامل فردية وشخصية واجتماعية واقتصادية وثقافية.

هناك العديد من أسباب ارتفاع نسب الطلاق وخاصة لدى الشباب، وهذه بعضها:

  1. نقص التواصل وفهم الشريك: مُشكلة كبيرة تُسبّب العديد من الخلافات الزوجية، إذ يعتقد كل شريك أن الآخر يجب عليه أن يفهمه دون الحاجة للتوضيح، ممّا يؤدي في النهاية إلى التباعد والانفصال.
  2. عدم الاستعداد الكافي لتحمّل المسؤولية: الارتباط الزوجي يتطلّب تحمّل مسؤوليات كبيرة من كلا الطرفين، والبعض قد لا يكون مُستعداً استعداداً كافياً لهذه الأعباء، ما يؤدي إلى فشل العلاقة.
  3. المشاكل المالية والواقع المعيشي الصعب: الضغوط المالية والواقع المعيشي الصعب يمكن أن يكون سبباً مهماً ورئيسياً للخلافات وفشل العلاقات الزوجية للشباب وخاصة مع تزايد نسبة البطالة وعدم توفر مصادر دخل إضافية لتفادي الغلاء الفاحش وازدياد المصاريف وتوالي الأزمات وتزايد التضخم على المستويين المحلي والعالمي.
  4. تأثير وسائل التواصل الاجتماعي والأفلام ومسلسلات الدراما: إن لوسائل التواصل الاجتماعي والدراما تأثيراً كبيراً جداً وأساسياً في ارتفاع نسب الانفصال بين الأزواج لما تبثه من حياة مثاليه وخيالية للشريكين، إضافة إلى أنها تطرح عدة أفكار كالخيانة والحب المُتعدّد والشذوذ الجنسي كشيء جميل وطبيعي في العلاقات، وما يظهره مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي من مفاتن جسدية و إغرائية تجعل العديد من الشبّان والأزواج ينتقدون الشريك ويبحثون عن المثالية والمفاتن عن طريق الخيانة الزوجية أو تعيير الشريك بالألفاظ أو بتجنّب التواصل وقلّة الرغبة بالتقارب بينهم، ممّا يؤدي إلى الانفصال والطلاق.
  5. الاختلاف الطبقي والبيئي والثقافي: من أهم أسباب الطلاق والانفصال هو الاختلاف في مستوى الطبقات الاجتماعية والمادية والثقافية، وبالتالي اختلاف البيئة التي ينتمي إليها كل من الزوجين، إذ إن الكثير من الأزواج قد اختاروا شركاءهم بناء على الحب أو الإعجاب أو لمصلحة ما، دون النظر أو الاهتمام بالاختلافات الموجودة بينهم.
  6. تدخل العائلات والمقربين بالمسائل الزوجية: إن التدخّل المُبالغ فيه من بعض عائلات الزوجين أو المقربين وإخبارهم بكل ما يحصل في العلاقة الزوجية له دور مهم جداً في استقرار العلاقة، إذ إن الكثير منهم يعطي آراء سلبية لعدم وعي أو فهم، أو لتجربة فاشلة، ممّا يؤدي إلى تباعد الزوجين وتضخيم سوء الفهم بينهما.

ومع كل هذه الأسباب، هل يصبح الطلاق هو الحل دون النظر إلى النتائج المُحتملة والتي قد نجملها فسما يلي:

  1. تأثير الطلاق على الأطفال: فالطلاق يؤثر سلباً على نموّ الأطفال والمراهقين وتطوّرهم، وله دور أساسي في استقرارهم النفسي والعقلي، فالكثير منهم يعانون من نقص الاستقرار العاطفي والاجتماعي بسبب طلاق والديهم.
  2. تدهور وتفكّك العلاقات الاجتماعية: إن ارتفاع معدلات الطلاق يؤدي إلى تدهور العلاقات الاجتماعية داخل المجتمع وزيادة الانفصال والكسل بين الأفراد.

وهناك العديد من النتائج التي تحتاج إلى تحليل وتفصيل شامل أبرزها: الشذوذ الجنسي، الخيانات الزوجية، الانحدار الاخلاقي، تفكّك المجتمع وبالتالي تدمير القيم الأخلاقية.

في نهاية المطاف، يجب أن ندرك أن الحفاظ على علاقاتنا الزوجية يتطلّب جهداً مشتركاً، وألاّ ننظر إليها كمجرد عقد قانوني بل كشراكة تحتاج إلى استثمار الوقت والجهد لتتطور بشكل صحيح. ومن الضروري تعزيز الوعي الاجتماعي والعاطفي بين الأزواج، واختيار الشريك الصحيح لبناء علاقات زوجية مستقرة ومثمرة، لأن الطلاق ليس هو الحل النهائي والمثالي مهما بلغت الأسباب والمشاكل من حدّة، فلكل مشكلة حل يعتمد على المودة والرحمة والتفهم الصحيح.

العدد 1104 - 24/4/2024