هل تراجعت أمريكا والغرب؟!

كتب رئيس التحرير:

حديث الأمريكيين عن الدولتين، وتلميحات حلفائهم في أوربا عن الاستعداد للاعتراف بدولة للشعب الفلسطيني، هل يؤشران إلى سعي الطرفين إلى حل المسألة الفلسطينية، وتراجعهما عن تنفيذ المخطط القديم.. الجديد، الساعي إلى تسيّد الكيان الصهيوني للمنطقة العربية سياسياً وعسكرياً واقتصادياً؟

كي نجيب عن هذا السؤال، علينا التمحيص في هذه الدولة الفلسطينية التي يجري الحديث عنها: فهي ليست الدولة السيدة التي تقام على التراب الفلسطيني المنهوب.. والمستوطَن يهودياً منذ عقود وعقود..

وهي ليست الدولة التي تلمّ الشتات الفلسطيني في أرجاء العالم..

وهي ليست دولة الحقوق المشروعة لشعب لم ينسَ ولن ينسى حقوقه، ومازال يناضل على مدى عقود وأجيال لإقامة الدولة التي يحلم بها على كامل التراب الفلسطيني..

وهي أيضاً ليست دولة المقاومة الفلسطينية التي لم تستسلم لأوهام الاتفاقات المنفردة والصفقات المشبوهة..

هذه الدولة التي يجري تصنيعها اليوم ضمن تحركات الإدارة الأمريكية في المنطقة، بالتشاور مع حلفائها في المنطقة، تُدار من الخارج، وتُدعم من الخارج.. وتقبض (خرجيّتها) من الكيان الصهيوني والخارج، ثم تسبّح بحمد بايدن.. وعطف النازيين الجدد في أوربا، وكرم نتنياهو سفاح الأطفال.

إنها الدولة التي يراد فرضها على الشعب الفلسطيني، وعلى العالم بأسره، إنها اختصار منطق الأمريكيين وسلوكهم العدواني في الشرق الأوسط: (ألا تعتقدون أن حل المسألة الفلسطينية هو إقامة دولة فلسطينية، إليكم الدولة العتيدة)!

وما كان للأمريكيين وحلفائهم أن يمضوا بعيداً في اختراع هذه الدولة، لولا الدعم العلني والضمني لبعض الدول (العربية) المشاركة أصلاً في تنفيذ المخطط الأمريكي الصهيوني للهيمنة على المنطقة العربية، التي (طبّعت) وتطبّع يومياً دون تطبيع رسمي مع الكيان الصهيوني الذي يمضي يوماً بعد يوم إلى تنفيذ مخطط الإبادة الجماعية للفلسطينيين في غزة وبقية الأراضي الفلسطينية.

وهكذا تضع الإدارة الأمريكية وحلفاؤها المنطقة أمام خيارين: إما القبول بالدولة (المسخ)، وإما إشعال المنطقة وتوسيع العدوان، مع ملاحظة أن أي حديث عن وقف العدوان الصهيوني على غزة غير مقبول أمريكياً قبل ضمان تسويق الدولة الجديدة.

لكن خياراً ثالثاً نراه، ويراه أيضاً جميع المقاومين للهيمنة الأمريكية – الصهيونية، إنه خيار المقاومة، وبجميع الأشكال، لمحاولات تمييع إحقاق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ولاستباحة الأمريكيين والصهاينة للمنطقة العربية.

إنه خيار لا الشعب الفلسطيني وحده، بل هو أيضاً خيار الشعوب العربية وقوى التحرر والسلام والعدل في العالم بأسره.

العدد 1104 - 24/4/2024