لن تكون سوريّاً إلّا إذا…

رنيم سفر:

موجة جديدة لـ(تريند) (لن تكون سوري إلا إذا…) والأجوبة متعددة.. بحر من الأجوبة، ولكن فلنشارك نحن بـ(التريند) الجديد بطريقة شفافة، ولننظر إلى أغلب الجوانب ولنسأل من جديد مثل التريند (لن تكون سورياً إلا إذا.. إلا إذا.. ماذا؟).

بداية لن تكون سورياً إلا إذا فتحت أعينك على غلاء أسعار مفاجئ لا يحتمله لا عقلك ولا مال جيوبك!

في الحقيقة، نحن أسرع دولة في العالم تُغيّر قائمة الأسعار وتصريف المال بين لحظة وثانية، ومن أجل ذلك يمكننا القول لن تكون سورياً إلا إذا عانيت من أزمة مالية حادة وأنت في انتظار الفرج، لأنه مع بداية العام الجديد ومع التفاؤل الداخلي، يأتينا ارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية وتكاليف الخدمات ارتفاعا كبيراً، وتنهال بالكف على وجه المواطن كف يليه آخر حتى أضحينا لا نعلم من أين تأتي الضربة، فهي من كل الاتجاهات، ولن ننسى أيضاً ارتفاع أسعار اللحوم والخضار والفواكه ومعظم السلع الغذائية، فضلاً عن تكاليف الخدمات الأساسية من مواصلات واتصالات وصحة وغيرها من المحروقات الكثير، حقاً تعبنا من ترديد الكلام نفسه والجمل نفسها كل فترة!

ولن تكون سورياً إلا إذا (عملت في أكثر من عمل بعد دوام الوظيفة)، ومع ذلك لن تكفي جُلّ أجورك في أعمالك ووظائفك إلا طعامك وشرابك.. نظراً لموجة الأسعار الجنونية التي ذكرناها ارتفع بسببها متوسط تكاليف المعيشة لعائلة مكونة من خمسة أفراد إلى أكثر من 12 مليون ليرة سورية شهرياً، وهذا الرقم من المستحيل أن تحصل عليه بشكل شهري ولو عملت ألف وظيفة فلن تؤمن نصفه، فالرواتب معروفة جهود كبيرة وفتات قروش والحال أنها حلقة تعيد نفسها، فمع رفع سعر المحروقات ستصل المواد الغذائية إلى أيدينا بأسعار أغلى بكثير من ذي قبل، وكله يعود سلباً علينا، فقد تدهورت الحالة الصحية لكثيرين وهم في طريقهم للإصابة بفقر الدم وسوء التغذية أطفالاً كانوا أو كباراً، كله بسبب ركود الاقتصاد الوطني.. وانخفاض الأجور قياساً بالأسعار، ففي الواقع يُظهر المعنيون أمامنا تحديات يصعب لأجسادنا مواكبتها وتحملها ولكننا بانتظار الحل ونردد كلمة (بتهون!)، فيا ليتها هانت ولا نهون عليهم!

لن تكون سورياً إلا إذا (اصطكّت أسنانك من البرد وتجمد دمك وأصابك وجع في عظامك)، فالحال أننا نواجه الشتاء بأعجوبة مع انعدام وسائل التدفئة: فلا مازوت ولا كهرباء ولا غاز، فأسعارهم قد وصلت إلى السماء، تخيل أن كثيرين يعيشون بقلة طعام يدفئ الجسم ويعطيه الطاقة الحرارية وانعدام الدفء، فكيف لجسد أن يواجه البرد؟ وإن واجه البرد يوماً واثنين وثلاثة فكيف له أن يتحمل؟ وكم من الممكن أن يبقى؟

لن تكون سورياً إلا إذا (تدهورت صحتك النفسية وأُصبتَ بالاكتئاب)، الحقيقة أن صحتنا النفسية أتعس مما نتخيل، فقد أدت الأزمات المعيشية والحالة الاقتصادية إلى تفاقم الأمراض النفسية خاصة بعد سنوات من الحرب تخللها فقدان الأحبة والتهجير،  فضلاً عن صدى الرصاص والانفجارات وويلات الحرب نفسها، وبعد كل ذلك زادت نسبة بيع وتعاطي الأدوية النفسية بنسبة ٧٠٪عن العامين الماضيين وأغلب هذه الأدوية من أدوية الاكتئاب، والمعروف أنها لا تصرّف دون وصفة طبية، ولكن البعض يبيعها دونها نظراً لصعوبة الوضع وغلاء تكاليف الأطباء النفسيين.

لن تكون سورياً إلا إذا (راودك حلم السفر) إلى أي مكان، فالهفا في نظر كثيرين قد تكون أجمل من العيش هكذا، فقد هاجرت عقولنا وقلوبنا والمتبقى هو أجسادنا الفارغة من الأحلام والآمال، تعبت الروح من نفسها وهاجرت وهي في انتظار لم شملها مع الجسد الذي يفكر في كل لحظة كيف بإمكانه المغادرة وتأمين تكاليف السفر والهجرة .

لن تكون سورياً إلا إذا (عانيت) كُتبَ الشقاء علينا ليكون نصيبنا، فلو كنت طالباً فستعاني من صعوبة المواصلات، وإن كنت عاملاً ستعاني من صعوبة إيجاد العمل والوظائف التي تحتاجها وتأمين قوت يومك لعائلتك الحقيقة أنك ستعاني بكل الأحوال لأن الشقاء والتعب كُتبَ عليك منذ أن كُتب أنك سوري، وهكذا نكون قد ختمنا هذا (التريند) بشكل حقيقي

دمتم ودمنا سالمين!

العدد 1104 - 24/4/2024