مؤامرة اللحم الأحمر.. كائنات تقضم الكوكب

فادي إلياس نصار:

عن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (FAO)، صدر مؤخراً تقريرٌ يؤكد أنَّ قطاع الثروة الحيوانية يولّد الغازات المسبّبة للاحتباس الحراري (CO2)، بنسبة تزيد 18 مرّة عن الغازات التي تنتجها وسائل النقل. ويضيف التقرير إن تربية الماشية تعد أيضا أحد الأسباب الرئيسية لتدهور الغطاء النباتي والموارد المائية. وتعتبر تربية الماشية السبب الرئيسي لإزالة الغابات، واستهلاك المياه وتلوثها، وهي العامل الرئيسي لتدمير الغابات المطيرة، وانقراض بعض الأنواع الحيوانية، وفقدان الموائل، وتآكل التربة السطحية وتتسبب بأضرار بيئية كبيرة أخرى.

وفي السياق ذاته، توصّل العلماء في كلية (بارد كوليدج) في نيويورك إلى نتائج نُشرت في مجلة (بروسيدنجز) التابعة للأكاديمية الأمريكية للعلوم إلى نتيجة مفادها أن لحوم الأبقار تستهلك جزءاً كبيراً من الثروات البيئية وتنتج الكثير من الغازات الاحتباسية.

ونتيجة لمقارنة مع ما تستهلكه المنتجات الحيوانية الأخرى، فإن عملية إنتاج لحوم البقر تستهلك ماء أكثر 11 مرة، ومساحة زراعية أكثر 28 مرة، وأسمدة نيتروجينية أكثر 6 مرات، في حين أنها تتسبب في انبعاثات احتباسية تزيد في المعدل 5 مرات عن المنتجات الحيوانية الأخرى .

 

ثمن باهظ!

على الرغم من أن قطاع الثروة الحيوانية هو الأسرع في العالم بالمقارنة مع غيره من القطاعات الزراعية، والأكثر فائدة من غيره من القطاعات، بالنسبة للطبقات الفقيرة من أهل الريف، حيث يعتمد عليه ما يقارب ملياراً ونصف المليار نسمة، حول العالم. كما أنه مصدر الدخل الوحيد لكثير من الريفيين الفقراء في البلدان النامية، ويمثل 40 في المئة من الإنتاج الزراعي العالمي، وتعد تربية الماشية مصدراً للطاقة، حيث تعمل معامل وشركات على تخمير فضلات الأبقار واستخراج غاز الميتان منها ليستخدم بالتالي كمصدر للطاقة.

ينتج قطاع المواشي (الأبقار بالذات) نحو 65% من أكسيد النيتروز (تبلغ إمكانية الاحترار العالمي لأكسيد النتروز 296 ضعف إمكانية الاحترار العالمي لغاز ثاني أكسيد الكربون ((co2، وتعتبر مسؤولة عن إنتاج نحو37 في المئة من انبعاثات غاز الميثان (تبلغ إمكانية الاحترار العالمي لغاز الميثان 23 ضعف إمكانية الاحترار العالمي لغاز ثاني أكسيدالكربون، ويعتبر الميتان ضارّاً أكثر بـ 23 مرة من CO2) ) كما ينتج 64 في المئة من الأمونيا، ويرجع معظم هذه الانبعاثات إلى روث الحيوانات المجترة وبخاصة الأبقار منها، مما يساهم إلى حد كبير في الأمطار الحامضية.

 

نتائج رهيبة!

يقول تقرير لمنظمة الفاو إن الثروة الحيوانية تستغل اليوم 30 في المئة من سطح الأرض (يبلغ عدد الأبقار في العالم نحو مليار و250 مليون رأس)، وغالبها من المراعي ولكن أيضاً تحتل 33٪ من مجموع الأراضي الصالحة للزراعة، وبهدف إنتاج الأعلاف تُزال الغابات لإنشاء المراعي، وهذا يعد واحداً من الأسباب الرئيسية لانقراض الغابات، خصوصاً في أمريكا اللاتينية حيث، على سبيل المثال، 70 في المئة من غابات الأمازون قد اختفت أو تضررت كنتيجة لاستغلالها كمراعي.

وتعد الثروة الحيوانية من بين القطاعات الأكثر استنزافاً للثروة المائية وتلويثاً لها. وتلوث الفضلات الحيوانية والمواد الكيميائية المستخدمة لصبغ الجلود مياه الأنهار، كما تدمر الأسمدة ومبيدات الآفات المستخدمة لرش المحاصيل العلفية، الشعاب المرجانية، إضافة إلى أن هناك 15 نوعاً من الكائنات مهددة بالانقراض نتيجة، وجود الثروة الحيوانية واستغلالها لمساحات شاسعة من الأراضي وتزايد الطلب على المحاصيل العلفية.

 

ايلم…يكشف المؤامرة!!

قام المخرج كيب أندرسن باخراج فيلم سينمائي عن موضوع الأثر الخطير لتربية الأبقار في الولايات المتحدة الأمريكية، يكشف أن صناعة اللحوم ومشتقات الحليب هي واحدة من الصناعات الأكثر تدميراً التي تواجه كوكب الأرض اليوم.

يظهر في سياق الفيلم أن كل سندويشة همبرغر تحتاج الى 660 غالون ماء، أي ما يعادل ما يحتاجه إنسان طبيعي كي يستحم لمدة شهرين، وأن صناعة اللحوم ومشتقات الحليب تستهلك ثلث المياه النقية في الولايات المتحدة الأمريكية، وأن المساحة المطلوبة لتغذية إنسان عادي لمدة عام كامل هي 600 متر مربع، فيما نحتاج إلى 18 ضعفاً من الأرض ذاتها لتغذية بقرة واحدة لمدة عام أيضاً، علماً أن البقرة تنتج غاز الكربون بنسبة 52 بالمئة أكثر مما ينتج الإنسان. وتنتج جميع وسائل النقل (البري، البحري والجوي) ما نسبته 13 بالمئة من غازات الدفيئة، في حين تنتج الأبقار ما يقارب 51 بالمئة. ويشرح الفيلم أنه في الولايات المتحدة الأمريكية تستهلك الثروة الحيوانية نحو 55 بالمئة من الماء، في حين تستهلك المنازل فقط نحو 9 بالمئة، ويضيف أن المواشي مسؤولة عن 91 بالمئة من الدمار الذي يصيب الغابة على كوكب الأرض. وتعادل مخلفات مزرعة أبقار واحدة مخلفات مدينة تعداد سكانها نحو 500 ألف نسمة.

فتصوّر يا رعاك الله!!

العدد 1104 - 24/4/2024