طلبات مؤسسات التأمين والأدوية من الحكومة رفع الأدوية وملك موت يستجيب

السويداء_ معين حمد العماطوري:

يبدو أن مؤسسة التأمينات الاجتماعية التي تقدم رواتب المتقاعدين شهرياً بدأت هي أيضاً يعلو صوتها معلنةً تدنّي قدرتها على دفع الرواتب المتقاعدين، وشركات الأدوية قدمت الاحتجاجات ومبررات لرفع أسعار الأدوية، منها ارتفاع صرف السعر وعدم توفر المادة الأولية والخام الا من الخارج وهو ما رفع تكاليف الأدوية بحجة ارتفاع الدولار بشكل كبير…

ولأن الحكومة العتيدة لا توافق على أي طلب يخدم المواطن، ولكنها سرعان ما توافق على القرارات التي تضعف المواطن أكثر وتزيده فقراً وحاجة، ذلك أنها لا تملك من العلاقة بينها وبين المواطن، على ما يبدو، سوى الحقد عليه والانتقام من فتات الراتب الذي يتقاضاه وعينها عليه كي تقضي عليه، مقابل أن يخدم بالمجان في دوائرها، ويحقق الإنتاج ويخفض تكاليف، ويرفد الخزينة بالموارد لتلتهمها بطون الحيتان التي لا تكتفي بدم الناس وقوتهم بل المقدرات والثروات أيضاً.. والذنب ليس ذنب الحكومة، بل ذنب المواطن أنه مواطن؟

بالعودة إلى العلاقة بالحكومة وقراراتها الليلية التي تحولت إلى نهارية، فهي لم تعد تخشى أحداً، وعلى عينك يا تاجر! فقد شرعنت الرشوة والمحسوبية بعد أن فقدت الليرة قيمتها أمام الأخضر في سوق الصرف، وبات راتب الموظف يكاد لا يكفي قيمة الخبز لأيام قليلة من الشهر.

وتلبية لطلب شركات الأدوية، فقد رفعت الحكومة أسعتر الأدوية بنسبة ١٠٠ بالمئة دلالة أنها تستجيب لكل طلب فيه إجحاف بحق المواطن، وكما يقال (مصائب قوم عند قوم فوائد) فإن رفع أسعار الأدوية بهذه النسبة يعني أن مجموعة كبيرة من المتقاعدين الذين لا يملكون من الحياة سوى راتبهم بعد خدمة في الدولة أربعة عقود وبعضهم أكثر من ذلك، فإن المصابين بالأمراض المزمنة مثل السكري والقلب وغيرها من الأمراض، ولم نقل السرطان الذي كانت أدويته قبل رفع سعرها بالملايين، فكيف سيشتريها اليوم؟! لذلك بات الموت محقّقاً لكل مريض تجاوز الستين وهو مؤشر لطمأنة مؤسسة التأمينات الاجتماعية والمعاش.

برفع أسعار الأدوية أرسلت الحكومة رسالتين، الأولى إلى مؤسسة التأمينات الاجتماعية أنها سوف تخفف من عدد المتقاعدين المستفيدين من الرواتب، لأن معظم هؤلاء إن لم نقل جميعهم أُحيلوا إلى التقاعد وهم مصابون بعلل وأمراض مزمنة، وبالتالي لا قدرة لهم على شراء الدواء، وهم يترقبون مطالبين ملك الموت بزيارتهم.

والرسالة الثانية إلى شركات الأدوية لزيادة أرباحها أكثر فأكثر، والأهم رسالة مبطّنة إلى العاملين في مكاتب دفن الموتى والقبور، لتحضير أنفسهم لاستقبال أعداد هائلة من (الزبائن) لديهم!

الناس في السويداء يتساءلون: كيف يستطيع الموظف أو المتقاعد أن يشتري أدويته فقط، ولا نقول أن يضمن براتبه الزهيد العيش الكريم والمطالب الأخرى، في ظل ارتفاع تكاليف الحياة اليومية وأسعار الأدوية؟ وما هي مصائر مرضى السكري والقلب والضغط والسرطان وغيرها من الأمراض، إذا كان سعر علبة الدواء من نوع بسيط قد ارتفع من ٢١ ألف إلى ٥٠ ألف ليرة سورية دفعة واحدة، وأعلى راتب موظف لا يتجاوز ٢٢٠ ألف ليرة سورية.. فما بالك بأدوية السكري والقلب والضغط والسرطان؟!

فهل علينا أن نعلن الاستسلام للحكومة ولملك الموت معاً!

وهل يمكن لهذه الحكومة، أو لغيرها، أن تقدّم لنا حلّاً آخر، ولو كان ضحكاً على الذقون، فقط كي نشعر أن لدينا حكومة قادرة على التصريح، أو اختراع تبرير تقبله عقولنا الساذجة؟!

العدد 1105 - 01/5/2024