ماذا لو استطعنا أن نكون بشراً؟!

رنيم سفر:

مع كل ما مرّت به سورية من أزمات وحروب، ومع كل ما عاناه الشعب تلك السنين، تستمر المعاناة مع كثيرين، فيقعون في ظل معضلة لها توابع خفيّة. مع الأسف، في كل خطوة تخطوها نحو عملك، أو مكان دراستك، أو إلى أي مكان تذهب إليه، تجد متشردين ومتسولين بدرجة لا تعقل في الساحات والمواقف والحدائق، وفي كل مكان، والشارع مع الشتاء لا يرحمان.. والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن: أين وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل المنوط بها ومن أساس عملها معالجة هذه الظاهرة وإيجاد السبل الكفيلة بالحد منها؟ وأين تلك الجمعيات والشعارات المرفوعة لديهم وقولهم الدائم بأن دعم المحتاجين هو سبيلهم، أليس لهؤلاء الكثرة سبيلٌ عندكم؟

في الحقيقة، لو كان بالإمكان ولو كان الوضع الاقتصادي أفضل من ذلك، ولو كنا فوق حافة الصفر الاقتصادية، لساعدنا جميعاً يداً بيد كل محتاج، وما كنا انتظرنا الحنان الجاف من هذه الجمعيات، مع العلم أنه لو كان الوضع الاقتصادي فوق الخط الأحمر لما كَثُر المحتاجون لهذه الدرجة، ولكن ألا ترى هذه الجمعيات أن البعض ليس لديه مأوى ولا طعام ليقتات به؟ أين حماية الإنسان والحقوق الإنسانية التي نردّدها؟ أم أننا نردّد فقط من دون تطبيق؟

اعتدنا على الكلام، فهو الوحيد المُباح ومع السلامة معك أيها الحل، لن ننكر أن البعض امتهن التسول ولبس ثوب التشرد للاستعطاف، ولكن هناك المئات من المحتاجين الحقيقيين يموتون ألف مرة، ونقتلهم بأيدينا بصمتنا بنظرنا الزائف إليهم بعيون الشفقة دون الإحساس بهم والمساعدة الحقيقية لهم.

كثيرةٌ هي المنظمات المعنية بالشأن الاجتماعي والإدارات التابعة لها، ولكن ماذا لو غيرت خططها المتبعة حالياً لتصل إلى خطط حقيقية تساعد بنهضة واقعية، لأن الخطط المتبعة على الأغلب لا تبشر بالخير، فالنتائج ما زالت واضحة والأرقام في عُلوّ! ماذا لو طالبنا بصوت عال بمساعدة المحتاجين، فلا يبقى جائع ولا متشرد ولا متسول، ماذا لو سُمع صوتنا مع صوتهم ليثقب صمت المستمع الأصم ويتحرك من مجلسه المريح ويقترب فيرى حال المساكين، ربما يصل الصوت إلى الجمعيات والمعنيين لإيجاد حل حقيقي دون ذرائع.

لا يغيب عنا أن وضعاً كهذا لا يتغير بين ليلة وضحاها، ولكن حين نمشي ببداية الطريق خطوة بخطوة سنجد الحل. نحن لا ننسى أن مثقال الأزمات قد كَثر على عاتقنا، لكن لن نحملهم كعذر دائم، فلنكُن بشراً لمرة واحدة ولنشعر ببعضنا، ولنطالب بحقوقهم مثلما نطالب بحقوقنا لنستطيع العيش في بلد إنساني!

الأمر بعهدة وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، والجمعيات والمنظمات المعنية بالشأن الاجتماعي والإدارات التابعة لها.

نحن نستطيع!

العدد 1105 - 01/5/2024