تهجير الفلسطينيين.. عمى البصر والبصيرة!

د. صياح فرحان عزام:

تتوالى التصريحات العنصرية في الدول الغربية ضد الشعب العربي الفلسطيني، رغم ما تعرض ويتعرض له من قمع واضطهاد وتشريد ومجازر دموية، آخرها ما حدث في غزة على يد جيش الاحتلال، علماً بأن هذه التصريحات ليست غريبة!

ففي الانتخابات التشريعية الهولندية الأخيرة، فاز (حزب الحرية) اليميني المتطرف بزعامة غيرت فيلدرز، ومن المتوقع أن يقوم بتشكيل الحكومة الجديدة..

وقد دعا فيلدرز بعد فوز حزبه إلى طرد الفلسطينيين من أراضيهم إلى الأردن، بما يعني إنكاره لحق الشعب الفلسطيني في أرضه وفي إقامة دولته المستقلة.

لا شك في أن هذا الموقف من هذا الشخص تحديداً، يشكل استمراراً لمواقفه العنصرية المتطرفة ضد العرب والمسلمين والمهاجرين في هولندا وخارجها، فقد سبق له أن وصف المهاجرين العرب بـ(الحثالة)، كما حوكم عام 2011 على تصريحات معادية للعرب والمسلمين بعد مقارنتهم بالنازيين، ودعوته إلى حظر القرآن، كما أنه أنتج فيلماً عنوانه (فتنة) عرضه على الإنترنت، حاول فيه الربط بين الدين الإسلامي والقرآن والإرهاب، كما تعهد سابقاً بفرض حظر على هجرة المسلمين إلى هولندا، وإغلاق المساجد إذا فاز بالانتخابات.

ومعروف عن فيلدرز تأييده للكيان الصهيوني، وقد زاره أثناء دراسته الثانوية، وأمضى فيه أكثر من سنتين، وعمل في بعض التعاونيات الزراعية المعروفة بـ(الموشاف).. ومن هنا جاءت علاقته القوية بالكيان وتضامنه الدائم معه، فهو يصف نفسه بأنه (صديق حميم وحقيقي) لهذا الكيان.

إذاً، من الواضح أن وجوده في إسرائيل- كما ذكرنا قبل قليل- كان له تأثير على فكره السياسي وعلى تربيته المتسمة بالتطرف والعنصرية والكراهية ضد الآخر الفلسطيني والعربي والمسلم بشكل عام.

ولذلك عندما يدعو إلى طرد الفلسطينيين وتهجيرهم، إنما يعكس وجهة نظر اليمين الصهيوني المتطرف التي عبر عنها مؤخراً قادة الكيان ومسؤولوه ، وقيامهم بطرح خطط تهجير فلسطيني غزة والضفة الغربية إلى مصر والأردن، بهدف أن يكون كيان الاحتلال ممتداً إلى كل أرض فلسطين التاريخية (نظيفاً)، وفقاً لما يسمى قانون يهودية الدولة الذي أقرّته الكنيست الصهيونية في 19 تموز عام 2018، والذي عرّف دويلة إسرائيل بأنها (دولة الشعب اليهودي) الأمر الذي أثار استنكار الدول العربية وإدانتها لهذا الموقف المرفوض والمخالف للتاريخ والجغرافيا وللقوانين والقرارات الدولية.

بطبيعة الحال، فإن مواقف وآراء فيلدرز، زعيم حزب الحرية اليميني الهولندي، تدل بوضوح على عمى البصر والبصيرة بآن واحد، والناجم عن فكر عنصري ومتطرف وبغيض ينكر حقائق التاريخ والجغرافيا ويشوه الحقائق وينشر ثقافة الكراهية، وهو من دون شك فكر يتناقض مع كل القيم الأخلاقية والإنسانية والسياسية والاجتماعية، ويشكل نقيضاً لكل ما أجمعت عليه القرارات والمواثيق الدولية بشأن الحقوق الفلسطينية الثابتة.

إن العالم أو المجتمع الدولي مدعوّ الآن وأكثر من أي وقت مضى إلى مواجهة هذه الأفكار والدعوات العنصرية المسمومة التي تهدم كل ما تسعى إليه البشرية من عدالة وتسامح وعيش مشترك ونبذ للعنصرية والتطرف وإقصاء الآخر، والتخلص من كل أشكال الإرهاب والعنف التي تهدد العالم بأسره.

كذلك على الشعب الهولندي الذي جاء بفيلدرز وحزبه اليميني إلى السلطة أن يدرك أنه قد سلّم أموره ومصيره لشخص يسيء لعلاقة هولندا مع كل دول العالم وشعوبه.

العدد 1104 - 24/4/2024