صمود الرجل السوريّ في زمن التحديات.. جدارية من التعب والألم

رنيم سفر:

كَثُرت الاحتفالات العالمية هذا الشهر، ومن بين الاحتفالات الهامة عالمياً اليوم العالمي للرجل بتاريخ ١٩ تشرين الثاني (نوفمبر). ومع هذه الذكرى فلنحيِّي من يستحق الثناء ألا وهو الرجل السوري وصموده في ظل الأزمات والتحولات التي شهدناها، من الظروف القاسية والانعدام الاقتصادي الذي يعايشه وتعبه اللامتناهي بدءاً من توفيره فتات مال ليأتي بلقمة يسد بها أفواه صغاره وصولاً إلى القلق المستمر على مستقبلهم ولكن كم سيتحمل بَعد؟!

يحتفل العالم بأكمله بيوم الرجل العالمي مطالبين بمعالجة قضايا الشباب والكبار وتسليط الضوء على الدور الإيجابي ومساهمة الرجال في الحياة وتعزيز المساواة بين الجنسين، فهناك من ينهار يومياً في ساحة العمل، يكافح للوصول إلى فرصة عمل واثنتين وثلاث ليضمن فتات راتب ويعود متعباً فَرِحاً بانتصاره وجلبه لمال لا يكفي قُوتَ يومه ، يقاوم العراقيل ويبذل قصارى جهده لتلبية احتياجات عائلته وتأمين مستقبل أفضل لهم في ظل الأحداث الجارية من تدهور اقتصادي وانخفاض قيمة عملتنا وغلاء أسعار رهيب يتجاوز قدرة مال جيبه، وارتفاع أُجور البيوت لأن الغالبية يدفعون أُجور بأرقام تجاوزت المعقول، وتأمين احتياجات أطفاله تلك الاحتياجات المتزايدة يوماً بعد يوم من تعليم وعلاج صحيّ وإن كان لديه رضيع فراتبه لا يكفي لإطعامه وما يجب عليه إنفاقه لا يتناسب مع دخله.

يرى الأب السوري أولاده والنُّحول قد رافقهم واصفرّت وجوههم من سوء التغذية ولكن ما باليد حيلة مع العلم أن فشل النمو سببه سوء التغذية، فقد أكد رئيس شعبة الغدد الصم في مشفى المجتهد: (إن سوء التغذية أحد أهم العوامل المؤدية لفشل النمو خاصة عند الأطفال لما يتسبب به من قصرٍ في القامة، ويجب أن يتمحور تركيز الأهل على تغذية الأطفال باعتماد حمية عالية البروتين كونها المحرض الأساسي للنمو، مع اتباع نظام صحي قائم على الغذاء والرياضة للطفل كخطواتٍ ضرورية، رغم صعوبة تحقيق هذا الأمر نتيجة سوء الأوضاع الاقتصادية). كيف نحقق المستحيل؟ وهناك عقبة دائمة ومتفاقمة في طريقنا هي سوء الوضع الاقتصادي ومع الأسف فإن أغلب الأطفال اليوم مصابين بسوء التغذية ووفق ما أثبتته الدراسات فإن وجبة واحدة للأسرة يومياً غير كافية للنمو الطبيعي للطفل، مع العلم أن الوجبة على الأغلب لا تحتوي اللحوم البيضاء أو الحمراء لغلاء ثمنها وقلة حيلتنا. فعن أي يوم عالمي للرجل يتحدثون وهناك أب مكسور الفؤاد يرى بعينيه قلة حيلته وانعدام الحل، بالإضافة لكل ذلك يجد الأب السوري نفسه وسط هموم متكاثرة، ولم ينتهِ الوضع هنا فحسب بل امتد للجانب النفسي والعاطفي فهو يعاني من الصدمات والضغوط النفسية المستمرة التي تنهال على رأسه كل يومٍ من تفكير بإطعام أولاده وتأمين حياةٍ كريمة لهم وانعدام أبسط الحقوق لديه: (الراحة).

كم سيتحمل قلب الأب بَعدْ من رؤية أولاده يتضورون جوعاً ومستقبلهم ضبابي، يخنقه السكوت ولكنه سيد الموقف كُتب عليه الشقاء بمجرد كونه رَجُلاً سورياً فتثاقلت همومه وحمل أعباء لم يحملها أي رجل آخر في العالم، حمله مضاعف وجهده مزدوج وألمه النفسي أكبر، إنه من يستحق أن نكرّمه على ما يتحمّله، ولكن هل سيتحمّل جسده المزيد؟!

 

العدد 1105 - 01/5/2024