همجية الصهاينة و(نعومة) الردّ العربي

كتب رئيس التحرير:

تمحورت مساعي الإدارة الأمريكية التي جسّدها بلينكن في جولاته المكوكية ولقاءاته المتواصلة مع مسؤولي الدول العربية (الصديقة)، تمحورت على تحذير الجميع من أمرين تراهما الإدارة الأمريكية (خطّاً أحمر):

الأول هو المشاركة في الردع العسكري للعدوان الفاشي الصهيوني على غزة، واستخدام سلاح النفط في الضغط على الكيان الصهيوني.

الثاني، إذا كان لابد من ردود رسمية على هذا العدوان، فلتكُن ردوداً (ناعمة) تقتصر على مناشدة المجتمع الدولي إدانة العدوان الصهيوني، والدعوة إلى التضامن مع الشعب الفلسطيني، والمساعدة المالية، والتذكير بضرورة حل القضية الفلسطينية استناداً للقرارات الدولية.

وفي الوقت الذي خرج فيه ملايين الغاضبين من فاشية العدوان الصهيوني على غزة إلى شوارع وساحات الدول الأوربية، وقطعت فيه دول عديدة علاقاتها الدبلوماسية مع الكيان المحتل، اكتفت هذه الدول (الصديقة) بإدانة العدوان وتنظيم حملات خجولة لتأمين المساعدات المالية والطبية لمدينة شهدت إزهاق عشرات ألوف الشهداء والجرحى، وقصفاً وحشياً لأحيائها ومشافيها وبنيتها التحتية، وتهجيراً قسرياً لسكانها.

ولم نتوقع عند الإعلان عن دمج اجتماعات القمّتين العربية والإسلامية في قمة واحدة في الرياض، ردوداً لردع العدوان، ولا الخروج بقرارات تحجّم الغطرسة الأمريكية وتطلق صحوة عربية طال انتظارها، في مواجهة الهيمنة الأمريكية والاحتلال الصهيوني، وتفرض إيقاعها على مستقبل المنطقة، وخاصة ضمان تمكين الشعب الفلسطيني من نيل حقوقه المشروعة في العودة وتقرير المصير، وتأسيس دولته الوطنية على التراب الفلسطيني، وذلك بسبب اندماج هذه الدول الصديقة و(المؤثرة) في المخطط الأمريكي الصهيوني لتشكيل فضاء إقليمي جديد تهيمن عليه من الباب إلى المحراب الولايات المتحدة الأمريكية، ويتولى (الدركي) الصهيوني استباحته وحراسته في مواجهة التغيرات الدولية الهادفة إلى نبذ أحادية القطب الأمريكي، والسعي لعالم متعدد الأقطاب.

الردود العربية والإسلامية في قمة الرياض تدعو للاستغراب والاستنكار، لكنها لا تدعونا لليأس، فالأمر ليس جديداً، خاصة بعد هرولة بعض الدول العربية للتطبيع مع الكيان الصهيوني، لأننا ندرك أن مصير المنطقة ستحدده في النهاية شعوب المنطقة، وهي التي ستفرض عدالتها، ومنطقها السياسي، وهي التي ستكبح همجية الكيان الصهيوني، وتعيد الحقوق المشروعة لأصحابها.

إننا ندعو شعوب العالم وجميع قوى السلام والحرية والعدل إلى التضامن والمساندة وتقديم الدعم للمقاومين الفلسطينيين، وندعو الشعوب العربية إلى التنديد بالردود (الناعمة) وابتداع أشكال جديدة لدعم الشعب الفلسطيني، ومواجهة مخططات الهيمنة الأمريكية- الصهيونية، كي لا يتحولوا إلى ضحايا فاشية (ناعمة) تبدأ بالتطبيع، وتنتهي بالاستباحة.

العدد 1104 - 24/4/2024