هل يعيش العالم إرهاصات حرب نووية؟

د. صياح فرحان عزام:

يرى العديد من الخبراء العسكريين والسياسيين خاصة منهم المتابعون لما يجري في العالم من أحداث، أن مسألة لجوء القوى الكبرى إلى استخدام الأسلحة النووية ليست مستبعدة، وكأن العالم أصبح على بعد خطوة واحدة من اللجوء إليها، وهي بالطبع مسألة مثيرة للقلق، ولاسيما في ظل تصاعد الحرب في أوكرانيا وانعدام كل الحلول السياسية لوضع حد لها، إلى جانب تأجّج الصراع في الشرق الأوسط على خلفية المواجهات في غزة، وممارسة جيش الاحتلال الصهيوني لجرائم الإبادة الجماعية لسكان القطاع وتهجيرهم وحرمانهم من الماء والكهرباء والطعام، وقيام العديد من الدول الغربية بإرسال أساطيلها إلى سواحل البحر المتوسط، واحتمال توسع رقعة الحرب في المنطقة بما يحمله ذلك من احتمال مواجهات واسعة لن تكون الدول الكبرى بمنأى عنها.

في اليوم السابع عشر من شهر تشرين الأول الماضي، بدأ حلف الأطلسي مناورات أسماها (الظهيرة الصامدة) في إطار ما يسمى (ممارسة قدرات الردع النووي)، وذلك بمشاركة 14 دولة ونحو 60 طائرة من مختلف الأنواع، من بينها القاذفات الأمريكية البعيدة المدى (بي 520) القادرة على حمل رؤوس حربية نووية، وطائرات استطلاع، وطائرات أخرى للتزود بالوقود، وتجري هذه المناورات فوق سماء بلجيكا التي تستضيف المناورات، وفوق بحر الشمال وبريطانيا. وصرح متحدث باسم الحلف بأن هذه المناورات هدفها (ضمان بقاء الردع النووي)، وقد أُطلِقَ أيضاً إطلاق الصاروخ الباليستي العابر للقارات (يارس) والصاروخ (سانيفا) من بحر مارنتس من الغواصة الصاروخية (تولا) التي تعمل بالطاقة النووية، إضافة إلى مشاركة الطائرات بعيدة المدى من طراز (تور إم أس)، واللافت في هذا الأمر أن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو وصف هذه المناورات بأنها تدريب على تنفيذ ضربة نووية هائلة رداً على أي ضربة معادية محتملة.

وقد تزامنت هذه المناورات مع إعلان روسيا عن الانسحاب من معاهدة حظر التجارب النووية للعام 1996 التي وقّعتها 187 دولة، في حين أن الولايات المتحدة الأمريكية صادقت على المعاهدة من دون التوقيع عليها، كما أن بعض الدول رفضت التصديق عليها مثل الهند وباكستان وكيان الاحتلال الإسرائيلي.

إذاً، لم يعد موضوع الخيار النووي مستبعداً، بل بات احتمالاً مثيراً للقلق، وهذا ما يشير إلى احتمال نهاية العالم وفقاً لتقديرات علماء الذرة.

وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد أعلنت من جانب واحد الانسحاب من معاهدة الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية، ومعاهدة القوى النووية المتوسطة المدى، وهذا يعني وبوضح أن العالم قد نفذ الغطاء الشرعي الذي يحول دون اندلاع حرب نووية محتملة.

إضافة إلى ذلك لم تأخذ الدول النووية أي خطوة باتجاه لجم طموحاتها النووية، إذ إن كل الدول التي تمتلك أسلحة نووية تقوم بتحديث ترسانتها النووية وتطويرها وترصد مليارات الدولارات من أجل ذلك.

ويبقى السؤال المقلق: هل يعيش العالم إرهاصات حرب نووية باتت تطرق الأبواب؟

 

العدد 1104 - 24/4/2024