تخيّل الحياة دون كهرباء.. مدينة عربين حيّة بالأمبيرات فقط!

رنيم سفر:

تخيّل الحياة دون كهرباء! هذه جملة مشهورة وعلى الفواتير مكتوبة، حقيقةً نحن لم نتخيل الحياة مع كهرباء، حتى إننا نسينا كيف كانت، فقد أجبرتنا الظروف منذ عام ٢٠١٢م على التأقلم مع الوضع الكهربائي الراهن، وباتت ظاهرة التقنين رئيسية، لذلك ابتكرنا أساليب عديدة لمحاربة الظلام المنتشر في منازلنا وشوارعنا، ومن بين المحافظات والأرياف المعتمة نجد في ريف دمشق وتحديداً مدينة عربين انقطاعاً يصل إلى أكثر من ٢٠ ساعة يومياً، والوصل الكهربائي الحكومي يصل إلى ٣ ساعات متقطعة فقط.

اكتفت مدينة عربين ذاتياً بالكهرباء من خلال الأمبيرات أو ما يطلق عليه (الاشتراك)، فهي من أقدم المعتمدين لها منذ خمس سنوات، نظراً لندرة الكهرباء، فهي تأتي ساعتين أو ثلاثاً على مدار اليوم في كل الفصول عدا الشتاء وهو أمر غير مؤقت، هذا الحال مع تحسن الواقع الكهربائي فيها، أما في  فصل الشتاء الذي نعاني منه فهي تكاد ترى كبرق يلمع فقط، وأمام ساعات التقنين المسيطرة وحين تأتي الكهرباء ساعات قلّة نلاحظ  في هذه الأوقات التي يكون المواطن بحاجة ماسة لها أنها ضعيفة،  تصل إلى ١٠٠ فولت فقط أي لا تكفي لإنارة الإضاءة جيداً متسببة في حرق العديد من الأدوات الكهربائية، وإن ارتفعت قوة الكهرباء تصل إلى ١٤٠ فولت، فضلاً عن انقطاعها المستمر خلال فترة وجودها لتنير وتطفئ مثل أنوار العيد، لذلك اكتفت المدينة بنظام الأمبيرات المعتمد بشكل أساسي على مادة المازوت في عمل المولدات ، مع العلم  أن  سعر كيلو الأمبير الواحد اليوم إلى ١٠ آلاف و٥٠٠ ليرة سورية، لذلك لجأ لها أغلب السكان في المدينة لعدم كفاية الكهرباء الحكومية، ولكن لهذا الأمر جوانب سلبية فكلها أعباء على كاهل المواطن وهو وحده الضحية، ففي الأسبوع الواحد  تحتاج الأسرة إلى ٥٠ ألف ليرة سورية  أمبير كاستهلاك متوسط، ويختلف الدفع المترتب عليك حسب استهلاكك، في النهاية جميعها تكاليف يجد المواطن صعوبة في الإلمام بها في ظل دخله المحدود، إضافة إلى ارتفاع تكاليف جميع الصناعات والحرف هناك، وارتفاع أسعار المواد الغذائية والمصنعة، لأنه بمجرد ارتفاع سعر كيلو الأمبير ترتفع أسعار كل هذه السلع، فهي أمور مترابطة معاً، وبما أن الشتاء على الأبواب فمن الطبيعي أن يصبح المازوت مادةً نادرةً وصعبة المنال والطلب عليه في ازدياد ، فهو غير موجود للتدفئة فكيف لمولدات الكهرباء؟؟  وعندما تحدثنا مع أحد أصحاب الأمبيرات في المدينة (رفض أن يذكر اسمه) وصف لنا المعاناة والمشقة في تأمينه لمادة المازوت المتوافرة في السوق السوداء وأسعارها المرتفعة التي تنعكس بشكل تلقائي مؤدية لرفع الأسعار، مؤكداً أنه إن ثَبت سعر المحروقات سيثبت معه سعر الأمبير، وهو الحل الوحيد لخفض السعر للمواطن  وتخفيف العبء الملقى عليه، نلاحظ أن للأمر  إيجابيات وسلبيات  فمدينة عربين تنير بالكامل فهو نبض الحياة فيها، مدينة عربين مثلها مثل العديد من المدن في ريف دمشق وهو ما وجدناه  الغالب في الريف الشرقي وبعض المحافظات  مثل محافظة حلب.

ويبقى السؤال: هل بالفعل سيكون الأمبير هو المصدر الأساسي للكهرباء في سورية كلها مستقبلاً؟؟ وكيف سنتحمل هذه التكاليف المرمية على عاتقنا والتي تزداد يوماً بعد يوم؟؟ وإلى متى سيبقى الاشتراك هو البديل؟؟ كلها تساؤلات تدور في الذهن ومن الواقع نقول: أليس هناك أمل من وجود كهرباء ثابتة ومستقرة، لن نقول ممتازة بل لا بأس بها، فليس هناك تقنين جيد ولا واقع كهربائي ممتاز مع وجود تقنين وانعدام الكهرباء؟ وكم سنتحمّل؟

العدد 1105 - 01/5/2024