(طوفان الأقصى) نسفت الثوابت الأمريكية- الصهيونية

كتب رئيس التحرير:

خطاب الأمريكيين والصهاينة للشعب الفلسطيني: (يمكنكم تلقّي المساعدات، لا المطالبة بالحقوق، ولا المقاومة).

هذا ما اختزلته سيناريوهات الإدارة الأمريكية من خلال تعاملها مع المسألة الفلسطينية، فمقاومة المحتل الصهيوني من أجل نيل الحقوق المشروعة وتأسيس الدولة الفلسطينية على التراب الفلسطيني، تراها الإدارات الأمريكية المتعاقبة خطّاً أحمر، يتعارض مع المخطط الأمريكي الصهيوني الساعي إلى الهيمنة على المنطقة بأسرها، بحراسة الدركي الصهيوني.

ويبدو أن (جوقة) المطبّعين مع المحتلّ الصهيوني من الأشقاء العرب لا يختلفون من حيث النتيجة مع هذا السيناريو، فتصريحاتهم، بعد (طوفان الأقصى)، وما أسفرت عنه مداولاتهم في (قمة) القاهرة تصبّ في هذا السياق.

كأنّما المطلوب من الشعب الفلسطيني هو القبول بالاحتلال، كي يأكل ويشرب ويحصل على تصاريح العمل، وربما على جميع مواطني الدول العربية أن يفعلوا ذلك إذا ما نجحت الولايات المتحدة وحلفاؤها في تنفيذ مخططاتها في الشرق الأوسط، الهادف إلى استمرار الهيمنة على العالم.

هذا السلوك الأمريكي لم يفاجئ أحداً، لكن ما أثار استغراب العالم بأسره سرعةُ الاستجابة لتأييده من الدول الأوربية- وخاصة الإمبراطوريات الاستعمارية القديمة، بعد أحداث أوكرانيا و(طوفان الأقصى)، وهذا ما يدلل على أن بروز دور أوربي محايد، وغير مرتبط بالمصالح الأمريكية، كما برز في سبعينيات القرن الماضي، أصبح أمراً مستحيلاً في الأمد المنظور.

إذا كان الأمر كذلك، فهل على الشعب الفلسطيني أن يخضع للقوّة والاحتلال، وهل على الشعوب العربية أن تتعلّم اللغة العبرية استعداداً للاجتياح الصهيوني؟

لقد أعطت عملية (طوفان الأقصى) الإجابة للجميع، وحسب اعتقادنا فإن الشعوب العربية ستعطي إجابات مماثلة، بمقاومتها لمشاريع الإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني، التي تضع العالم على حافة الهاوية.

عملية (طوفان الأقصى) زلزلت الكيان الصهيوني سياسياً وعسكرياً واقتصادياً، ووضعت المنطقة والعالم بأسره أمام مفصل استثنائي، ويبدو أنها ستدفع كثيرين إلى مراجعة حساباتهم، فالحقوق تاريخياً انتصرت على القوة والطغيان، وما أظهرته تفاصيل عملية (طوفان الأقصى) تدلل على أن الساعي إلى حقوقه يبتدع أشكالاً جديدة لمقاومة الاحتلال، وأن النضال من أجل تقرير المصير سينتصر على الترسانات المدجّجة وأوهام القوة.

إن حجر الزاوية في استمرار المقاومة وإقناع الجميع بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في نيل حقوقه وتأسيس دولته المستقلة على الأرض الفلسطينية، هو وحدة الصف الفلسطيني، وعدم السماح بالعودة إلى الاتفاقات المنفردة التي ستجهض آمال الشعب الفلسطيني بتحقيق مطالبه المشروعة وتعيد المسألة الفلسطينية إلى المربع الأول.

 

هزيمة المشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة ممكنة في ظل عالم اليوم الذي يسعى إلى نبذ وحدانية القطب الأمريكي المتحكم بالسياسة والاقتصاد العالميين، ومن أجل عالم متعدد الأقطاب أكثر أماناً واستقراراً.

معكم يا أشقاءنا في فلسطين، ومعكم يا شعوب العالم الباحثة عن العدل.. والحرية.. والمساواة.. والديمقراطية، أما تحكّم القوة والطغيان، فسيصبح من الماضي.

 

العدد 1104 - 24/4/2024