مواطنون بحقوق.. لسنا عبيداً

سليمان أمين:

لسنا عبيداً للحكومات وقراراتها، بل نحن مواطنون لنا حقوق في العيش حياة كريمة نصت عليها قوانين البلد ودستوره المغيّب عن التطبيق، ففي زمن الإقطاع والبرجوازية واستعبادهم للناس كانوا يقدمون لعمالهم وفلاحيهم المأكل والمشرب والمنامة، أما اليوم فماذا تقدم الحكومة للشعب، سوى قرارات التجويع والتفقير وانتهاك الدستور والقوانين والحقوق الواجبة عليهم تأمينها للشعب؟!

لقد أوصلت الحكومة بقراراتها القاتلة البلد إلى مزارع يأكل فيها القوي الضعيف ويستعبده بأبشع الطرق، من دون أي روادع قانونية، فشراء القانون من قبل المتنفذين ولصوص الحرب تجار الوطن جعل الواقع أسوأ من السيّئ بما أحدثه من فوضى وقلق كبير في المجتمع السوري وزاد من التفكك والانحلال المجتمعي والأخلاقي وغيره من الأمور الكثيرة.

المواطن اليوم لا يحتاج سوى أن يعيش بكرامة دون تجويعه وتعطيشه بقرارات رفع الأسعار التي لا تتناسب مع دخله الشهري، فاليوم لا يشكل المرتب الشهري سوى 5% من قيمة استهلاك الفرد لمتطلباته المعيشية بالحدود الدنيا أمام فوران الأسعار الذي لا يبدو أن الحكومة تسعى إلى علاجه، فمن حق المواطنين المطالبة بتطبيق القانون وتوفير متطلباتهم المعيشية حتى لو بشكل جزئي، وهذا أبسط ما يمكن أن تقدمه الحكومة للشعب، فالدستور ينص على أن الشعب هو الدولة والحكومة تعمل لدى الدولة وليس العكس، فالحكومة هي الملوم الأول لما آلت إليه الأمور من سوء معيشي وخدمي لأنها لم تمتلك الأدوات العلاجية للواقع السوري، فقد كان عليها معالجة الملف المعيشي والخدمي بالدرجة الأولى لا زيادة الطين بلة، فلسنا بحاجة لانعكاس كارثي اليوم، يكفي ما ذاقه السوريون لسنوات طويلة من ويلات الحرب الكارثية إضافة إلى منهجية التفقير والتجويع التي اتبعتها الحكومات السالفة .

ما يحتاجه السوريون اليوم 

حكومة وطنية شبابية ليس لها صلة بالتعيينات السابقة المبنية على الفساد وصلات القربى والمصالح الشخصية، بل حكومة تؤمن بالعمل والبناء والانتاج ولديها الانتماء لسورية وشعبها الصامد لا انتماءات شخصية لتجار وغيرهم، ومحاسبة الجهاز الحكومي السابق بتطبيق قانون المساءلة من أين لك هذا؟؟ ليكون درساً للحكومة الجديدة، فمن غير ذلك لا يمكن محاربة الفساد المستشري في مؤسساتنا الحكومية، فالعقاب هو الأهم في هذه المرحلة الحساسة التي نمر بها، إضافة إلى قرارات عليا بمصادرة أموال زعران الحرب وتجار الوطن الذين نهضوا وباتوا مافيات تفتك بالبلد مثل السرطان دون أي مساءلة أو قانون يطبق عليهم، فمصادرة أموال هؤلاء يرفد خزينة الحكومة بإيرادات كبيرة جداً، وتخفيف الأتاوات عن التجار الصغار والمحلات والباعة الذي بات واقعاً مأساوياً، ومعالجة الملف المعيشي والخدمي والعمل على التوازن بين أسعار السوق والدخل الشهري للفرد، إضافة لمعالجة ملف الشباب الذي باتوا بأعمار تقارب الأربعين والحد من هجرتهم وتفعيلهم في عملية الإنتاج بإصدار قرارات تصب بصالحهم لا بالضغط عليهم فهم الجيل البناء اليوم للبلد، وتحفيز عملية الإنتاج بكل أنواعه وخصوصاً الزراعي والحيواني والصناعي بدعمه أكثر من قبل الحكومة .

نحن بأمس الحاجة اليوم لقرارات حقيقية تصب في مصلحة سورية ومواطنيها، لسنا بحاجة إلى كارثة تعصف بمن تبقّى وبما بقي لنا.

العدد 1105 - 01/5/2024