الفساد يمنح شركات النقل تجاوز التسعيرة الرسمية

السويداء_ معين حمد العماطوري:

يبدو أن احتراف الفساد الذي كان تحت الطاولة، بات يجهر بنفسه ليكون على عينك يا تاجر فوق الطاولة، وما حدا أحسن من حدا! فقد منح شركات النقل في السويداء تجاوز التسعيرة النظامية دون رادع أو محاسبة، ومراوغة واضحة لفرض تسعيرتهم فرضاً.

ما إن بدأت الامتحانات الجامعية وعلمت شركات النقل حاجة الطلاب للسفر من السويداء إلى دمشق وبالعكس، حتى قامت باستغلال الفترة لرفع أجورها بمضاعفة التسعيرة الرسمية، ورغم شكوى المسافرين من المعاملة السيئة ورفضهم لدفع الزيادة، ومعرفة الجهات بذلك، فقد خيم الصمت والتجاهل للفعل عمداً متعمداً، دلالة ضعف أداء الرقابة والقدرة على المحاسبة.

التموين سطر مخالفات بحق الشركات النقل بالسويداء، وإغلاق مكاتبها في منطقة السومرية بالعاصمة دمشق، لكنها ضربت كل ذلك بعرض الحائط وفتحت مكاتبها، مدّعية أنها ملتزمة بالتسعيرة بخمسة آلاف ليرة سورية للرحلة بين دمشق والسويداء.

 

أين اللعبة؟

تكمن الخدعة في احتراف إدارات الشركات التعامل والتعاطي مع هذا الأمر، وأخذت ترفض تقاضي الأجور في مكاتبها، حتى لا تعرّض نفسها لأي مساءلة قانونية.

وأفاد العديد من الطلاب الجامعيين، إن المكاتب تعلن التسعيرة القديمة، وعند صعود الحافلة، يتقاضى المعاونون مبلغ عشرة آلاف ليرة سورية.. ويصرّون على أنه فسّر الماء بعد الجهد بالماء.

قدم المسافرون شكواهم للشرطة الموجودة في كراج السومرية، وجاء رد عناصر الشرطة: عدم دفع أجور النقل أكثر من التسعيرة الرسمية المحددة بخمسة آلاف ليرة. والمعاونون لا يقبلون الا بتسعيرة العشرة آلاف ليرة رافضين الالتزام بتسعيرة خمسة آلاف ليرة الرسمية، أما حجتهم أنهم عمال وهم ينفذون أوامر إدارة شركاتهم، وإلا فالفوارق تحسم من رواتبهم إذا تقاضوا أقل من ذلك.

إذا كان مالكو الشركات هم من أهم رجال الأعمال في المحافظة، وقرارهم برفع الأجور يأتي نتيجة حتمية لمدى نفوذهم وقوة سيطرتهم على مصدر القرار ومنفذيه، بطرق غير قانونية أو بوسائل الفساد المتبعة.. دون مراعاة للضغط الاقتصادي وتدهور الحياة المعيشية اليومية التي عند مطلع كل فجر تطالعنا الحكومة بقرارتها الجائرة، هذا التجاهل لمطالب المسافرين والطلاب اثار سخطاً وغضباً في شارع السويداء، ما دفع فصائل مسلحة إلى تحذير الشركات ومنع رحلاتها إن لم تلتزم بتسعيرة الخمسة آلاف.. ولكن دهاء أصحاب الشركات رد بتقديم وعود خلبية بالالتزام ظاهرياً، والحقيقة أنهم بقوا مصرين على تسعيرة عشرة آلاف ليرة.. هذا الإصرار من الشركات وعدم الالتزام بالوعود واستخدام المراوغة والكذب، ينبيك أن هناك أشعة تحت طاولية، عفواً بنفسجية، تمنحهم الإصرار على المخالفة للضغط على الحكومة الموقرة بالاعتراف بتسعيرتهم خاصة وأنهم كما يقال في المثل الشعبي: (دافنينو سوا).

لعل السؤال المضمر من قبل الشركات أنه ما في حدا أحسن من حدا، حين ترغب الحكومة برفع سعر سلعة ما وخاصة المحروقات تعمل على فقدها من السوق، وبالتالي ترفع السعر في اللحظة التي ترغب دون رادع قانوني أخلاقي أو وطني.. ولأن تلك الشركات هي مرخصة أصولاً من قبل الحكومة فيحقّ لها من وجهة نظرها اتباع الأسلوب نفسه باتباع الوعود الكاذبة ورفع التسعيرة التي تريد لتصبح واقعا مفروضاً.

النتيجة:

بالفعل تحققت نبوءة الشركات، فقد أصدر وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك تعميماً يتضمن تحديد أجور نقل الركاب في البولمانات العاملة بين المحافظات ضمن الشركات المرخصة لتصبح كما يلي:

–  ٦٠ ل.س لكل كيلو متر في باص البولمان رجال أعمال (٣٠) راكباً.

– ٥٠ ل.س لكل كم في باص البولمان العادي (٤٥) راكباً.

– ٥٣ ل.س لكل كيلومتر في ميكرو باص بولمان مكيف حديث (٣٠-٣٣ ) راكباً.

وكانت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك قد رفعت تعرفة نقل الركاب في العام الماضي ٢٠٢٢ وحددت تعرفة نقل الركاب في (البولمانات)  وفق ما يلي:

–  (٣٥.٤٠) ليرة سورية لكل كيلو متر في باص البولمان، رجال أعمال (٣٠) راكباً.

– ٣٠ ل.س لكل كيلو متر في باص البولمان العادي (٤٥ راكباً) بدلاً من (22 ل.س) لكل كيلو متر.

في حين كانت التعرفة في عام ٢٠٢١ هي ٢٥ ل. س للتصنيف الأول و 20 ل.س للتصنيف الثاني.

وفي عام ٢٠٢٠ كانت التعرفة ١٣.٥ ل.س فقط لكل كيلو متر.

أي أن التعرفة تضاعفت ٤ مرات خلال أقل من ثلاث سنوات.

والأهم: ما ذنب الطلاب وأهاليهم الذين يعانون من العيش بغية تعليم أولادهم؟

أليس ذلك استغلالاً لفترة الامتحانات ويحتاج إلى تدخل سريع من الحكومة العتيدة لصالح الطلاب وذلك أبسط الأمور؟

وللأسف كانت النتيجة الاستجابة لمطالب الشركات!

دلالة واضحة أن الثقافة الشاملة التي ينتهجها كل صاحب نفوذ، وكانت مسرحية واتفاقاً غير معلن؟

العدد 1104 - 24/4/2024